مباشر - سالي إسماعيل: يعلم الجميع أن الوضع مع تفشي فيروس كورونا خطير للغاية ويمكن أن يزداد سوءاً، وأن هذا يلحق الأذى كذلك بنا جميعاً.
ويأتي ما سبق في سياق تلخيص للأزمة الأكثر إثارة للقلق عالمياً من قبل مديرة صندوق النقد الدولي "كريستالينا جيورفيفيا" والذي نُشر في مدونة صندوق البنك الدولي تحت عنوان: "الأثر المحتمل لوباء كورونا: ما نعرفه وما يمكن أن نفعله".
دعونا نبدأ بما نعرفه وبما لا نعرفه حتى الآن بشأن فيروس كورونا، ثم كيف يمكن للمجتمع الدولي دعم هؤلاء المتضررين إثر هذه الأزمة بطريقة منسقة وفعالة.
ما نعرفه
نحن نعلم أن المرض يتفشي سريعاً مع تضرر أكثر من ثلث الدول الأعضاء في الصندوق الدولي بشكل مباشر، وبالتالي الأزمة لم تعد مجرد مشكلة إقليمية لكنها معضلة عالمية بحاجة إلى استجابة عالمية.
ونعلم كذلك أن هذه الأزمة سوف تتراجع في نهاية المطاف، وإن كان مدى سرعة حدوث ذلك أمراً غير معروفاً.
ونعرف أن هذه الصدمة استثنائية إلى حد ما؛ كونها تؤثر بشكل كبير على عناصر كل من العرض والطلب:
أولاً: العرض سوف يتعطل؛ بسبب حالات الإصابة والوفاة لكن كذلك جهود الاحتواء التي تقيد عمليات الانتقال والتكاليف المرتفعة للقيام بالأعمال نتيجة قيود سلاسل التوريد المقيدة وتشديد الائتمان.
ثانياً: الطلب سوف يتراجع كذلك بسبب ارتفاع حالة عدم اليقين وازدياد السلوك الوقائي وجهود الاحتواء والتكاليف المالية الآخذة في الصعود والتي تقلل من القدرة على الإنفاق.
ثالثاً: هذه التأثيرات سوف تنتشر عبر الحدود.
وتشير التجربة إلى أن نحو ثلث الخسائر الاقتصادية التي تنبع من الفيروس ستكون تكاليف مباشرة: من الخسائر في الأرواح وإغلاق أماكن العمل والحجر الصحي.
في حين أن الثلثين الآخرين من الخسائر سيكونان بطريقة غير مباشرة، ما يعكس انخفاض ثقة المستهلكين وسلوك الشركات والتشديد في الأسواق المالية.
وتكمن الأنباء السارة في أن الأنظمة المالية أكثر قوة مما كانت عليه قبل الأزمة المالية العالمية، ومع ذلك تتجسد أكبر التحديات أمامنا في الوقت الحالي في التعامل مع حالة عدم اليقين.
وفي ظل هذا السيناريو، فإن نمو الاقتصاد العالمي في عام 2020 سيكون أدنى من المستويات المسجلة في العام الماضي.
لكن بأيّ درجة ستكون وتيرة النمو العالمي أقل ولأيّ مدى سوف يستمر ذلك، هذه أسئلة يصعب التكهن بأجوبتها وستعتمد على الوباء وأيضاً التوقيت المناسب وفعالية تحركاتنا.
وعلى وجه التحديد، يمثل ذلك تحدياً أمام الدول التي تمتلك أنظمة صحية أكثر ضعفاً وأقل قدرة على الاستجابة، الأمر الذي يتطلب آلية تنسيق عالمية لتسريع وتيرة التعافي في الطلب والعرض.
كيف تكون الاستجابة على الصعيد الوطني
ويتصدر قائمة الأولويات من حيث الاستجابة المالية تأمين الإنفاق المرتبط بالصحة لحماية صحة الناس ورعاية المرضى وإبطاء وتيرة انتشار الفيروس.
وهناك حاجة ملحة لزيادة الإجراءات ذات الصلة بالصحة، وضرورة ضمان إنتاج الإمدادات الطبية بحيث يكون المعروض على قدم المساواة مع الطلب.
ثانياً، إجراءات السياسة المالية الكلية من المحتمل أن تكون مطلوبة لمعالجة صدمات العرض والطلب سالفة الذكر.
وينبغي ألا يتم اتخاذ إجراءات لتخفيف حدة الأثر الاقتصادي يتم الندم عليها لاحقاً، كما يجب أن تكون في التوقيت المناسب وتستهدف القطاعات والشركات والأسر الأكثر تضرراً.
ومن شأن الضعف العام في الطلب بفعل الثقة والانتشار - بما في ذلك التجارة والسياحة وأسعار السلع والظروف المالية الأكثر صرامة - أن يتطلب استجابة سياسية إضافية لدعم الطلب وضمان توفير الائتمان على نحو ملائم.
ثالثاً، ستكون هناك الحاجة إلى توفير السيولة لتعويض مخاطر الاستقرار المالي.
وباختصار، فإن الموقف سريع التطور ويجب أن نقف مستعدين لتقديم استجابة منسقة وقوية بشكل أكبر إذا اقتضت الظروف ذلك.
كيف يمكن للصندوق المساعدة
صندوق النقد على استعداد لمساعدة أعضائه، حيث إنه يوفر حوالي 50 مليار دولار من خلال التسهيلات التمويلية الطارئة سريعة الإنفاق لدول الأسواق الناشئة وذات الدخل المنخفض التي قد تسعى للحصول على الدعم.
ومن بين هذه المساعدات يوجد 10 مليارات دولار متاحة بدون فوائد للدول الأعضاء الأكثر فقراً من خلال التسهيل الائتماني السريع.
وهناك العديد من الدول الأعضاء عرضة للخطر بما في ذلك أولئك الذين لديهم أنظمة صحية ضعيفة وحيز كافي للسياسة ومصدري السلع المعرضين لصدمات التجارة إضافة إلى هؤلاء العرضة بشكل خاص لخطر الآثار غير المباشرة.
وبشكل خاص، أشعر بالقلق حيال الدول الأعضاء في الصندوق الدولي ذوي الدخل المنخفض أو الدول الأكثر ضعفاً، وهي الدول التي ربما ترى أن احتياجات التمويل ترتفع بشكل سريع مع زيادة التكلفة الاقتصادية والبشرية للفيروس.
ويعمل موظفي صندوق النقد في الوقت الحالي على تحديد الدول الضعيفة كما يقوم بتقدير الاحتياجيات التمويلية المحتملة في حالة حدوث مزيداً من التدهور في الوضع.
ويوجد لدى الصندوق موارد متوفرة لدعم الدول الأعضاء، حيث يوجد في المجمل حوالي تريليون دولار فيما يتعلق بالقدرة على الإقراض.
وبالنسبة للدول منخفضة الدخل، يوجد تمويل طارئ سريع الإنفاق يصل إلى 10 مليارات دولار (50 بالمائة من حصة الأعضاء المؤهلين) الذي يمكن الوصول له بدون برنامج كامل من صندوق النقد.
ويمكن للدول الأعضاء الآخرين الوصول إلى التمويل الطارئ من خلال أداة التمويل السريع، ومن شأن ذلك توفير ما يصل إلى 40 مليار دولار للأسواق الناشئة والتي يمكن أن تتواصل مع الصندوق الدولي للحصول على الدعم المالي.
كما يوجد كذلك صندوق الاحتواء والإغاثة من الكوارث أو "سي.سي.أر.تي"، والذي يوفر للدول المؤهلة منحاً لتخفيف عبء ديون صندوق النقد مستحقة السداد.
وكان هذا الصندوق، "سي.سي.أر.تي"، أثبت فعاليته خلال تفشي فيروس إيبولا في عام 2014 لكنه يعاني الآن من نقص في التمويل، حيث يقف أعلى قليلاً من 200 مليون دولار مقابل الاحتياجات المحتملة التي تزيد عن مليار دولار.
ويلتزم الصندوق بشكل تام بدعم الدول الأعضاء في الصندوق، وخاصةً الأكثر ضعفاً؛ إذ يوجد لدينا الأدوات اللازمة للمساعدة كما أننا نعمل على التنسيق بشكل وثيق مع شركائنا من المؤسسات.