مباشر - سالي إسماعيل: مجدداً، نصعد إلى قمة الجرف فيما يتعلق بالذهب الآن، ماذا سيحدث بعد ذلك؟.
وتتساءل رؤية تحليلية نشرها موقع "بلومبرج أوبينيون" للكاتب الاقتصادي "جون أوثرز" عن السوق الصاعد القادمة للذهب، مع المقارنة بما حدث في الفترة من عام 2005 وحتى 2011.
كان من السهل تجاهل اثنين من العلامات البارزة وسط الحماسة المستمرة يوم الإثنين الماضي بشأن التوترات بين إيران والولايات المتحدة، لكن هذين الأمرين هامين.
وتكمن العلامة الأولى في تحقيق عودة مجدداً لأسعار المعدن: حيث أنه في أبريل/نيسان عام 2013، شهد الذهب انهياراً مفاجئاً وكبيراً، حيث انخفض بنسبة 13.5 بالمائة في غضون يومين من التداول، وهو ما أكد الدخول في حالة "السوق الهابط"، ولكن يبدو أننا خرجنا منه الآن.
وفي يوم الإثنين الماضي، تجاوز سعر التسليم الفوري للذهب المقوم بالدولار أخيراً سعره المسجل في 11 أبريل/نيسان عام 2013.
وقبل هبوطه الحاد آنذاك، كان الذهب قد ارتفع على خليفة الاعتقاد بأن معدلات الفائدة المنخفضة التي تم تطبيقها لمكافحة الأزمة المالية من شأنها أن تثير تسارع التضخم.
وعندما تراجعت أسعار الذهب في عام 2013، انتشرت نظريات المؤامرة المختلفة في محاولة لتبرير أسوأ انهيار للأسعار في ثلاثة عقود.
ومع ذلك، في غضون شهر من وقوع هذ الهبوط الحاد في 2013، بدأ الهبوط يبدو كأنه بمثابة "النبؤة".
وبعد فترة وجيزة، صاغ رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي "بن برنانكي" ما أصبح يعرف بـ"نوبة الغضب" من خلال الإشارة إلى أنه مستعد لإنهاء دعم سوق السندات، والذي بدأ يعترف أيضاً بأن الأزمة قد قلصت من مخاطر التضخم خارج الاقتصاد.
وظهر مصطلح "Taper Tantrum" أو ما عرف بنوبة الغضب في عام 2013 عندما أبلغ الفيدرالي المستثمرين أنه سيقوم بإبطاء وتيرة برنامج التيسير الكمي الأمر الذي أثار الذعر بين صفوف المستثمرين وأدى لقفزة مفاجئة في عوائد سندات الخزانة الأمريكية.
وبحلول الخريف من ذلك العام - تقريباً خمسة أعوام بعد الأزمة - كان هناك اعترافا متزايدا بأن التضخم لن يتسارع.
ويؤدي ذلك إلى العلامة الرئيسية الثانية، حيث أن العوائد الحقيقية على الديون الأمريكية لآجل 10 سنوات (العائد على سندات الخزانة مستحقة السداد بعد 10 أعوام مع استبعاد التضخم، وهو مقياس لتوقعات أسعار المستهلكين) تراجعت لفترة وجيزة ضمن النطاق السالب، لأول مرة منذ أغسطس/آب من العام الماضي.
وحدث ذلك كنوع من الاستجابة للأنباء الواردة من إيران، والتي دفعت العوائد على السندات للهبوط في حين صعدت نقاط التعادل للتضخم.
ويقصد بنقطة التعادل للتضخم مقياس لتوقعات التضخم بناءً على توقعات السوق ويتمثل في الفارق بين العوائد الاسمية للسندات والسندات المرتبطة بالتضخم من نفس الآجل.
ما الذي يمكن فعله من ذلك؟ بالعودة إلى عام 2013، يمكن ملاحظة أن العوائد الحقيقية للسندات وسعر الذهب يميلان إلى إتباع بعضهما البعض، مع حقيقة أن الذهب يسبق في تحركاته غالبا عوائد السندات الحقيقية بعدة أسابيع.
وإذا كرر المعدن الأصفر هذا المشهد مجدداً، يمكننا توقع مزيداً من الهبوط في العوائد الحقيقية إما عبر ارتفاع توقعات التضخم أو انخفاض معدلات الفائدة.
وإذا كان التكهن الضمني صحيحاً، فسيكون حينئذ هناك اثنين من التداعيات.
ويتمثل التأثير الأول والأكثر أهمية في اعتقاد أن معدل التضخم أخيراً من المتوقع أن يتسارع، بعد العديد من الإنذارات الخاطئة.
أما التأثير الثاني فيكمن في أن الذهب يشهد حالياً فترة من "السوق الصاعد".
إذن؛ هل الذهب ذو قيمة جيدة؟
المعدن لا يوفر أيّ مصادر للدخل، كما أن استخداماته الصناعية محدودة للغاية، وبالتالي من الصعب وجود مقياساً لقيمته العادلة.
لكن الرسم البياني التالي، بناءً على استخدام البيانات التي وضعها تشارلي موريس من كاتلي وليكوود وماي في لندن، يُعد بمثابة جهود مبذولة من أجل الوصول إلى مقياس للقيمة العادلة للذهب.
وابتكر "موريس" معادلة للقيمة العادلة باستخدام مؤشر أسعار المستهلكين، ومتوسط توقعات التضخم لفترة 10 و30 عاماً.
وأظهر هذا المؤشر بعد فترة وجيزة أن سعر الذهب كان مبالغ في قيمته على نطاق واسع خلال أسوأ فترات أزمة عام 2008، وهي ظاهرة ربما كانت مدفوعة بغياب السيولة في الأسواق في ذلك الوقت، والتي أدت إلى توقعات غير واقعية بشأن التضخم.
وباستبعاد هذه الواقعة، نرى سوقاً صاعدة بشكل مطرد بالنسبة للذهب من عام 2005 وحتى عام 2011، أعقبها سوق هابطة بشكل مطرد، حيث انتقلت إلى الهبوط.
وفي غضون العامين الماضيين، يبدو الأمر كما لو أنه قد بدأ سوقاً صاعدة أخرى.
ووفقاً لحسابات موريس، فإن سعر الذهب حالياً يبدو أعلى من قيمته العادلة بنحو 11 بالمائة.
ولا يزال الذهب بعيداً عن التكهن المؤكد بشأن التضخم الجامح الذي حدث لبضع سنوات بعد الأزمة.
لكن المعدن الأصفر مع ذلك يتلقى الدعم من الطلب على الملاذ الآمن في الوقت الحالي إلى جانب الاهتمام الموسمي بالمجوهرات الذهبية وخاصةً من الصين، نظراً لاقتراب العام القمري الجديد، كما يستفيد من الطلب من جانب البنوك المركزية.
وعلى جانب المعروض، تقوم مجموعات تعدين الذهب بعمليات اندماج، الأمر الذي يخلق أملاً معقولاً بشأن تجنب المعروض المفرط في المستقبل القريب.
وبالتالي، إذا تم تأكيد تلك الخطوة في أسعار الذهب من خلال انخفاض العوائد الحقيقية يتبعها زيادة في معدل التضخم، فإن هذا قد يكون جزءً من السوق الصاعد لتتوافق مع الوضع الذي حدث في الفترة من عام 2005 وحتى عام 2011.
والسؤال الهام يكمن فيما إذا كان سوق الذهب يثبت أنه محق هذه المرة في توقعاته بشأن التضخم.
أخبار متعلقة :