شبكة عيون الإخبارية

تحليل.. عصر النفط الأمريكي يقترب من النهاية

تحرير: سالي إسماعيل

مباشر: تواجه صناعة النفط في الولايات المتحدة مستقبلاً غامضاً، حيث أن العالم يستيقظ سريعاً على حدة تهديد التغير المناخي.

وتأتي هذه الرؤية وفقاً لتحليل نشرته وكالة "بلومبرج أوبينيون" للكاتب الاقتصادي نوح سميث والذي كان يشغل منصب أستاذ مساعد للشؤون المالية في جامعة ستوني بروك.

وفي الوقت نفسه، أصبحت السيارات الكهربية رخيصة بما يكفي للتنافس مع محركات الاحتراق الداخلي.

وتتوقع "بلومبرج إن.إيه.إف" أن تبدأ السيارات الكهربية في الهيمنة في غضون عقد تقريباً.

  

ومن ناحية أخرى، تؤدي المخاوف من تلوث المياه الجوفية إلى تزايد الدعوات بشأن حظر التكسير الهيدروليكي، وهو المصدر الرئيسي لزيادة الإنتاج الأمريكي من النفط خلال العقد الماضي.

ولا يعني ذلك أن صناعة النفط سوف تنتهي، حيث أن المواد البلاستيكية، والتي يشتق غالبيتها من النفط، ستظل هامة لمجموعة كبيرة ومتنوعة من التطبيقات الاستهلاكية والصناعية.

كما أن الطائرات والسفن سوف تستغرق وقتاً أطول للتحول بعيداً عن الوقود القائم على النفط.

لكن هذا يعني أن الاستهلاك سوف يتراجع، حيث أن الناس أبدت مخاوفها قبل عقد مضى من نفاذ إمدادات النفط والآن يتوقع البعض أن الطلب على الذهب الأسود سوف يبلغ ذروته في غضون بضع سنوات فقط قبل أن يتحول للهبوط.

ومن شأن انخفاض الطلب على النفط أن يؤدي لهبوط الأسعار، مما سيقلل من الأرباح بالنسبة لشركات استخراج وتكرير الخام.

وشهدت أسهم شركات النفط الكبرى تراجعاً في السنوات الأخيرة.

لكن الألم الذي يشعر به هؤلاء العمالقة في سوق النفط وكذلك المنتجين الأصغر سيكون مجرد البداية.

وتقع هذه المؤسسات في قلب واسعة من الموردين وشركات الخدمات النفطية، والتي ستشعر جميعها بالآثار السلبية لانخفاض الطلب.

وستعاني اقتصادات المناطق التي تعتمد بشدة على الصناعات المرتبطة بالنفط.

وتُعد تكساس هي الأكبر والأغنى من بين هذه المناطق، كونها لا تزال تنتج أكثر من ثلث النفط في الولايات المتحدة، كما استفادت بشكل كبير من طفرة التكسير.

كما أصبحت "هيوستن" مدينة خارقة تجذب الموهوبين من كافة أنحاء العالم للعمل على التنقيات المتقدمة التي تدعم صناعة النفط.

وعلى الرغم من أن الولاية الأمريكية قد قامت بتنويع اقتصادها كثيراً منذ فترة الثمانينيات، إلا أن التقديرات تشير إلى أن واحدة من بين 8 وظائف في تكساس مدعومة بالنفط.

ورغم أن الانكماش الهيكلي الكبير في صناعة النفط لن يدمر تكساس إلا أنه قد يُشكل رياحاً عكسية تستمر على مدى عقود.

وبالفعل، يؤدي تراجع أسعار النفط في الوقت الحالي الأسعار إلى فقدان وظائف بالنسبة للمواطنين.

وفي الوقت ذاته، فإن ولايتي "أوكلاهوما" و"لويزيانا" المتواجدتان في الأنحاء المجاورة عرضة بنفس المقدار للوضع نفسه، وكذلك العديد من الولايات الأمريكية ذات الكثافة السكانية المنخفضة مثل "نورث داكوتا" و"ويومنغ".

ويحتاج العمال في صناعة الطاقة للاستعداد إلى هذا التحول.

وبالنسبة للعاملين في مجال المعرفة، مثل خبراء الجيوليوجيا والكيمياء ومهندسي البرمجيات، فإن هذا يعني تنمية المهارات الفنية التي يمكن أن تكون مفيدة في مجالات أخرى مثل تكنولوجيا المعلومات أو المستحضرات الصيدلانية أو الرعاية الصحية أو المالية.

وبالنسبة للمديرين، فإن ذلك يعني إنشاء شبكة من الاتصالات المهنية خارج صناعة النفط والغاز.

ومن المحتمل أن يعني التحول بعيداً عن هذه الصناعة الانتقال إلى ولاية أخرى، لكن الاحتمالات بأن مدينة مثل هيوستن ستكون قادرة على الاستفادة من التركيز الحالي لرأس المال البشري وجذبه لصناعات جديدة.

وخلال عقدين من الزمن، من المحتمل أن تعرف هيوستن كمركز للتكنولوجيا الحيوية.

ومع ذلك، فإن العمال من ذوي المهارات المنخفضة والمدن التي تشهد طفرة في التكسير سوف يواجهون وقت أكثر صعوبة في التكيف مع الأمر.

وعلى عكس صناعة الفحم، والتي شهدت تراجعاً في أعداد عمال المناجم على مر السنين إلى حوالي 50 ألف شخصاً، فإن صناعة النفط والغاز توظف أكثر من 700 ألف شخص من ذوي الياقات الزرقاء.

ويشبه الأمر تماماً الوضع مع عمال الصناعة والذين فقدوا وظائفهم بسبب المنافسة الصينية في العقد الأول من القرن العشرين أو عمال البناء الذين تم تسريحهم في فترة الكساد العظيم، حيث سيجد هؤلاء العمال صعوبة في العثور على وظائف جديدة بأجر مماثل.

وستتفاقم المشكلة بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في القرى الصغيرة والمدن التي نشأت حول مواقع استخراج النفط.

ولقد كان الأمريكيون أقل استعداداً للانتقال من مكان إلى آخر بحثاً عن العمل في العقود الأخيرة، كما لم تعد المدن الكبرى مجالاً للفرص بالنسبة لأولئك الذين لا يمتلكون مهارة التعليم المتقدم.

ومن المرجح أن يؤدي الانخفاض في صناعة النفط إلى ترك البلاد في موضع غير قادر على دفع تكاليف صيانة البنية التحتية الخاصة بها.

وينبغي أن تعمل الحكومات على المستويات المحلية أو الولاية أو الفيدرالية لمنع هذا المستقبل البائس.

ويمكن إعطاء سكان المدن النفطية ضمانة لمساعدتهم على الانتقال وربما إلى مدينة جامعية مزدهرة قريبة كما يمكن للحكومة أن تقدم حوافز مالية للشركات لتوظيف عمال النفط الذين تم الاستغناء عنهم وربما في قطاعات متنامية مثل الطاقة الشمسية.

ويمكن لعمال النفط السابقين الحصول على قسائم تدفع ثمن عودتهم إلى المدرسة.

ويعني التقدم التكنولوجي أن أيام النفط أصبحت معدودة.

ومن أجل مصلحة الكوكب، يجب أن يحدث هذا الانتقال بأسرع ما يمكن، لكن هذا لا يعني أن الأشخاص الذين ضحوا بحياتهم من أجل استخراج الطاقة من الأرض يجب أن يعانون.

مباشر (اقتصاد)

أخبار متعلقة :