من: أحمد شوقي
مباشر: لعلك لم تسمع أو تقرأ عنها مطلقاً، لكنها ستجبرك على التعرف عليها حينما تعلم أن نموها الاقتصادي قد يصبح الأسرع في العالم خلال العام المقبل.
"غيانا" أو بالأحرى "جمهورية غيانا التعاونية" تلك الدولة التي تبلغ مساحتها 215 ألف كيلو متر مربع، يرى صندوق النقد الدولي أنها سوف تسجل نمواً اقتصادياً دراماتيكياً يبلغ نحو 85.6 بالمائة في العام المقبل بالنظر نمو متوقع عند 4.4 بالمائة في العام الجاري.
وفي عام 2018 نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 4.1 بالمائة، بقيادة قطاعي البناء والخدمات، مرتفعًا من 2.1 في المائة في عام 2017.
وتحقيق هذا التوسع الهائل في الناتج المحلي الإجمالي، من المحتمل أن يجعل غيانا التي تشترك في الحدود مع البرازيل وسورينام وفنزويلا في شمال شرق أمريكا الجنوبية تسجل أسرع نمو اقتصادي في العالم خلال العام المقبل.
بل أن التوسع الاقتصادي المتوقع في الدولة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 780 ألف نسمة سيبلغ 40 مرة ما هو متوقع من الولايات المتحدة - أكبر اقتصاد في العالم.
ولكن ما السبب وراء هذه الطفرة في النمو الاقتصادي لتلك الدولة الصغيرة؟، تشهد غيانا في 2020 زيادة غير مسبوقة في إنتاج النفط حيث ستبدأ شركة "إكسون موبيل" وشركاؤها في ضخ النفط من واحدة من أكبر الاكتشافات الحديثة في العالم والتي تبلغ حوالي 5 مليارات برميل من النفط الخام من أعماق قاع البحر الكاريبي.
ومع حقيقة أن السعودية التي تملك أكبر حصة للنفط في "أوبك" لديها 1900 برميل كاحتياطي لكل فرد، فإن غيانا سيكون لديها 3900 برميل، مع احتمالية أن يكون أكثر من ذلك لأن الإنتاج لم يبدأ بعد، وفقاً لـ"ناتاليا ديفيز هيدالجو" المحللة المستقلة لأمريكا اللاتينية بحسب شبكة "سي.إن.بي.سي" الأمريكية.
وبناءً على ذلك، ترى "هيدالجو" أن السبب في أن صندوق النقد يتوقع هذه الطفرة هو أن المستعمرة البريطانية السابقة سيكون لديها أعلى كمية من النفط لكل فرد في أي بلد في العالم.
وفي غضون خمس سنوات، من المتوقع أن يصل الإنتاج النفطي إلى 750 ألف برميل يوميًا، لترتفع عائدات النفط من صفر حالياً إلى حوالي 631 مليون دولار بحلول عام 2024، وفقًا لصندوق النقد الدولي.
وبناءً على ذلك سوف يزيد نصيب الفرد من الدخل أكثر من الضعف بحلول العام المقبل، حيث سيتجاوز 10 آلاف دولار سنوياً.
وسيؤدي بدء إنتاج النفط في عام 2020 إلى تحسين توقعات غيانا على المدى المتوسط والطويل، ومن المتوقع أن ينمو قطاع النفط بسرعة ليشكل حوالي 40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2024.
ويدعم الإنفاق المالي الإضافي سنويًا بنسبة 6.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي عدا النفط على المدى المتوسط، مما سيساعد في تلبية الاحتياجات الاجتماعية والبنية التحتية الضرورية، وفقاً لصندوق النقد.
كما يرى أنه من المتوقع أن ينخفض الدين العام وعجز الحساب الجاري الخارجي بشكل مطرد بعد بداية إنتاج النفط.
مخاطر على الطريق
ولكن مع كل هذا لا تعتبر النظرة المستقبلية "وردية" بالنسبة لاقتصاد غيانا، حيث أنه على الرغم من وصف صندوق النقد لآفاق ثالث أصغر دولة في أمريكا الجنوبية على المدى المتوسط بأنها "مواتية للغاية"، مستشهداً بخطط البلاد لبدء إنتاج النفط، فإن المنظمة التي تتخذ من واشنطن مقراً لها كانت سريعة في إصدار كلمة تحذير حول المخاطر المحتملة التي قد تتزامن مع هذا التوسع الاقتصادي السريع.
"يجب أن تكون وتيرة زيادة الإنفاق العام تدريجية لتقليل الاختناقات الناجمة عن قيود القدرة الاستيعابية وتقليل تشوهات الاقتصاد الكلي المتعلقة بـ" المرض الهولندي ".
ويشير "المرض الهولندي" إلى العواقب السلبية التي يمكن أن تنشأ عن الارتفاع الحاد في قيمة عملة الدولة، كما يرتبط المصطلح الاقتصادي في الغالب بالمفارقة التي تحدث عندما يضر الخبر السار مثل اكتشافات الموارد الطبيعية بالاقتصاد الأوسع مع انخفاض قطاع الصناعات التحويلية.
كما ترى "هيدالجو" أن توقعات صندوق النقد في الدولة الوحيدة الناطقة بالإنجليزية في أمريكا الجنوبية طموحة للغاية وذلك لأن حكومة البلاد مؤقتة إكلينكياً حتى إجراء الانتخابات في مارس/أذار المقبل، مما يعني أنها غير قادرة حاليًا على تمرير ميزانية لعام 2020 ويعني ذلك أن عدم الإنفاق في قطاع البنية التحتية يمكن أن يهدد أيضًا توقعات صندوق النقد.
كما أن حقيقة أن غيانا لم يكن لديها تجربة مع هذا النوع من المكاسب المفاجئة تدعم المخاوف بشأن نجاحها في هذا التحدى والاستفادة من الاكتشافات النفطية وتخطى لعنة الموارد الطبيعية.
ومقارنةً بتنبؤ صندوق النقد الدولي بأن غيانا ستسجل نموًا اقتصاديًا بنسبة 85.6 بالمائة في العام المقبل، تعتقد مؤسسة "ماركت" للأبحاث بأن عدم الاستقرار السياسي في البلاد قد يؤدي إلى نمو اقتصاد البلاد بنسبة 30 بالمائة.
أخبار متعلقة :