تحرير: أحمد شوقي
مباشر: فاز "ألبرتو فرنانديز" وزميلته الرئيسة السابقة "كريستينا فرنانديز دي كيرشنر" بالانتخابات في الأرجنتين، وسط خطر حقيقي من انهيار اقتصاد البلاد.
وأظهرت نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في الأرجنتين والتي انعقدت أن فرنانديز حصد 48 بالمائة من الأصوات، مقابل 40.4 بالمائة من الأصوات حصدها ماكري مرشح حزب اليمين الوسط.
وينبغي على الرئيس المنتهية ولايته موريسيو ماكري والرئيس المنتخب فرنانديز العمل عن كثب مع صندوق النقد الدولي لإعادة الاقتصاد الهش إلى طريق الاستقرار والنمو المستدام.
ويرى تحليل نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" لـ"كيفين بي جلاغير" أن فريق "فرنانديز" سيرث اقتصادًا في وضع أسوأ بكثير مما كانت عليه عندما تركت "كريستينا فرنانديز" المنصب قبل بضع سنوات.
وتركت "كريستينا فرنانديز" عجزًا كبيرًا في الموازنة العامة وتضخمًا متزايدًا لخلفها ماكري، وكانت استجابة سياسته هى إلغاء التدفقات المالية عبر الحدود، ورفع معدل الفائدة والانتقال إلى موجة الاقتراض الخارجية.
وأدت هذه الإجراءات إلى زيادة الاحتياطيات الأجنبية بشكل كبير، لكن هروب رأس المال استمر.
كما أدى الانخفاض اللاحق في معدل الفائدة لتحفيز الاقتصاد، إلى جانب عدم اليقين اليومي في الأسواق العالمية بفعل حرب التجارة التي أشعلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الصين، إلى أول موجة هبوطية كبيرة للعملة الأرجنتينية (البيزو) عام 2018، والتي استمرت بشكل حاد في العام الجاري بفعل التوترات قبل الانتخابات الرئاسية.
وفي العام الماضي، لجأ ماكري إلى صندوق النقد، وتعاقد الطرفان على فرض السياسات ذاتها التي تسببت في الأزمة في المقام الأول لحصول البلاد على حزمة إنقاذ بقيمة 57 مليار دولار وهي الأكبر في تاريخ الصندوق.
وفشل هذا البرنامج وانتخب الشعب الأرجنتيني الثنائي "فرنانديز"، فيما يمثل تصويتاً بحجب الثقة عن سياسات ماكري.
وترث "كريستالينا جورجييفا" المدير الجديد لصندوق النقد أخطاء سلفها (كريستين لاجارد) وماكري، لكن لديها فرصة ثانية لتصحيح الأمور.
فإعادة التفاوض على الخط الائتماني بطريقة تضع الأرجنتين على طريق الاستقرار والنمو يعتبر أمراً ضرورياً لمستقبل البلاد وسمعة صندوق النقد الدولي وآفاق الاقتصاد العالمي.
وفي ضوء الأخطاء الماضية التي ارتكبها صندوق النقد، تراكمت لدى العديد من البلدان الناشئة والنامية احتياطيات النقد الأجنبي كشكل من أشكال التأمين لتجنب الاضطرار إلى الذهاب لصندوق النقد.
وهذه الأموال تساهم في تحويل الثروة إلى الاقتصادات المتقدمة، ورأس المال الذي كان يمكن أن يتجه نحو الاستثمار المنتج إذا كان صندوق النقد يعمل بالطريقة التي صُمم لأجلها.
ووعد ألبرتو فرنانديز بالفعل باحترام جميع الاتفاقات السابقة وبذل الجهد لسداد جميع التزامات الأرجنتين، وهو ما يعني أن وصف للحكومة الجديدة بأنها غير مسؤولة يبدو غير دقيق.
كما ينبغي على جورجيفا ومجلس إدارة صندوق النقد تجنب أي إشارات إلى هذه المخاوف والعمل على تهدئة الأسواق، لتوفير مساحة مالية للحكومة الجديدة لدعم التعافي، ولعب دور في إعادة تشكيل أو خفض التزامات الديون الخارجية للأرجنتين
وكان فرنانديز رئيسًا لمجلس الوزراء للرئيس الراحل "نستور كيرشنر" طوال فترة وجوده في منصبه من عام 2003 - أي بعد عام من تخلف البلد عن سداد ديونها - وحتى عام 2007.
وبذل "كيرشنر" و"فرنانديز" سويًا جهودًا مسؤولة لإعادة التفاوض بشأن ديون الأرجنتين على أساس مستدام، ولم يقتصر الأمر على انخفاض الدين الخارجي من 140 مليار دولار إلى 65 مليار دولار، ولكن الحكومة حافظت أيضًا على فوائض مالية أولية خلال كل تلك السنوات، كما تظهر بيانات صندوق النقد الدولي.
ويجب أن يأخذ صندوق النقد بجدية الدراسة الصادرة عنه بشأن دور السياسة المالية وإدارة تدفقات رأس المال، والتي تشير إلى أن سياسات التقشف لها تأثير سلبي على النمو الاقتصادي والعمالة، كما اعترف بذلك "أوليفر بلانشارد" كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي آنذاك اعتماداً على الحسابات المالية.
وتصعب سياسات التقشف المالي القدرة على التعامل مع الفقر المتزايد وزيادة احتمال الصراع الاجتماعي في أوقات الاضطرابات.
كما تعتبر ضوابط رأس المال التي قام بإلغائها ماكري في البداية قبل أن يعيد تطبيقها بعد الأزمة في عام 2019، هي المفتاح لتجنب عدم الاستقرار المالي وهروب رؤوس الأموال، وبالتالي فهي ضرورية لإدارة الإجراءات التحوطية الكلية، وتم تبنيها "ضوابط رأس المال" كسياسة من قبل صندوق النقد وتمارس في برامج لأيسلندا وأوكرانيا وغيرهم.
كما يجب على صندوق النقد أيضًا التنسيق مع مؤسسات تمويل التنمية الرائدة العاملة في المنطقة مثل بنك التنمية التابع لأمريكا اللاتينية والكاريبي وبنك التنمية للدول الأمريكية وبنك التنمية الصيني لوضع حزمة نمو تعمل عكس اتجاه الدورة الاقتصادية والتي من شأنها أن تشمل الاستثمار في البنية التحتية الصديقة للمناخ والشاملة اجتماعياً.
وأكد فرنانديز أنه مستعد للتفاوض مع صندوق النقد لكنه يحتاج إلى مساحة لتحسين الوضع الداخلي في الأرجنتين، ولدى صندوق النقد الدولي الفرصة للارتقاء إلى مُثُل مؤسسيه في مؤتمر "بريتون وودز" عندما رأى "هاري دكستر وايت" و"جون ماينارد كينيز" أن الصندوق ليس أداة لتعزيز مصالح الدائنين قبل كل شيء.
أخبار متعلقة :