تحرير: نهى النحاس
مباشر: في البداية جاءت العوائد السالبة للبنوك المركزية، ثم للسندات الحكومة، وبعد ذلك إلى أثرياء المودعين، والآن أصبحت تطارد الجميع.
ويتساءل "مارك جيلبرت" عبر مقال نشرته "بلومبرج أوبنيون": هل يمكن للمودعين في الخارج حماية أنفسهم من الاعتداء المقبل على أرصدتهم البنكية؟
ويبدو أن المستثمرون استسلموا للفكرة الجديدة المتعلقة بعدم وجود عوائد في سوق الدخل الثابت، وصرح صندوق الثروة السيادي في النرويج بأنه عكس رهانه الذي طالما كان موجود والمتعلق بأن عوائد السندات سوف ترتفع.
كما أن سوق السندات الحكومية اجتاز مرحلة فارقة أخرى في الأسبوع الماضي عبر إقامة مزاد ألماني لطرح ولأول مرة على الإطلاق سندات خزانة طويلة الآجل صفرية العائد.
وعبر عائد على السندات -0.11 بالمائة فإن من قاموا بشراء تلك السندات سيضمنون أن يفقدوا المال حال أن ظلوا محتفظين بالسندات حتى مجيء فترة استحقاقها، وبعد دفع متوسط 103.61 بالمائة من القيمة الاسمية للسند، فإنه سيتم منحهم 100 بالمائة من القيمة الآسمية بعد 30 عاما.
وبالطبع، فإن الكثير من المستثمرين من المحتمل أن يكونوت قد تعرضوا بالفعل إلى المعدلات السالبة حال أن كان لديهم أي مال مستثمر في صندوق دولي للدخل الثابت، ومع ارتفاع سوق السندات سالبة العائد لمستوى 16.5 تريليون دولار وحقيقة أن صناديق المعاشات مضطرة للشراء، فإن أي أموال يضعها الأشخاص جانباً استعداداً للتقاعد تساهم في إرساء قاعدة الفوائد السالبة أكثر فأكثر.
ولكن أكثر تهديد مباشر تشكله العوائد السالبة هو تهديدها للحسابات المصرفية للأفراد، حيث يتم بالفعل معاقبة الأثرياء في الدنمارك وسويسرا.
ويقول مصرف "جايسك بنك" إنه سيفرض رسوماً على المودعين الدنماركيين ممن لديهم 7.5 مليون كرونة (1.1 مليون دولار) أو أكثر في حسابتهم، بينما ذكرت مجموعة "يو.بي.إس" أنها ستفرض رسوماً سنوية بنسبة 0.6 بالمائة على الحسابات التي تبلغ قيمتها 500 ألف يورو
ولكن كم من الوقت سيمر قبل أن تخضع فيه الأرصدة الأقل إلى اعتداء السياسة النقدية؟ حيث أن تلك التهديدات على وشك أن تمثل جدالاً سياسياً رئيسياً في الأشهر المقبلة.
ودفعت احتمالات أن يخفض البنك المركزي الأوروبي معدل الفائدة الرئيسي لديه عند مستوى أقل من -0.4 بالمائة المعمول به في الوقت الحالي في اجتماع الشهر المقبل، رئيس وزراء بافاريا "ماركوس سودر" للمطالبة بتطبيق حظر على البنوك الألمانية لمنع نقل التكلفة إلى المدخرين.
وقال "سودر" لصحيفة "بيلد" في الأسبوع الجاري إن الفوائد السالبة تعطي إشارة خاطئة بالكامل وتؤدي إلى هروب المدخرات، فهو يرغب في حماية قانونية للودائع التي تقل عن 100 ألف يورو.
وجادل "مايلز كيمبال" أستاذ الاقتصاد في جامعة كولورادو تلك المسألة في ورقة بحثية نشرها في أبريل/نيسان الماضي بالتعاون مع الاقتصادي في صندوق النقد الدولي "ريتشار أجرول" وجاءت تحت عنوان "تمكين معدلات الفائدة السالبة من محاربة الانكماش".
ويقترح "كيمبال" أن تحفز البنوك المركزية البنوك التجارية على ضمان معدلات فائدة غير سالبة على حسابات الادخار والحسابات المصرفية الأصغر حجماً، وجعل الفائدة صفرية على للشركات والأثرياء، ولابد ألا يكون هناك معدلات فائدة سالبة للأشخاص أصحاب الإمكانيات المحدودة.
وهناك طريقة أخرى أمام المستهلكين لمنع مدخراتهم من أن تكون مستنفذة بمعدلات الفائدة السالبة، وذلك عبر الانتقال إلى الاحتفاظ بالأموال الحقيقية وتخزينها تحت الفراش أو دفنها في الحديقة، وهناك دلائل بالفعل على أن الأفراد أصبحوا يخزنون العملات الفعلية.
وفي العامين الماضيين تجاوز عدد الأوراق النقدية المتداولة فئة 100 دولار لأول مرة نظيرتها ذات فئة 1 دولار، وعلاوة على ذلك فإن نحو 80 بالمائة من تلك الأوراق النقدية موجود خارج الولايات المتحدة، وذلك بحسب بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو.
وذكر تقرير الفيدرالي في شيكاغو العام الماضي أن ارتفاع الطلب على العملة الورقية في السنوات الأخيرة تزامن مع انخفاض معدلات الفائدة إلى مستوى صفر أو أقل من ذلك.
وفي تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي في يونيو/حزيران الماضي أشار إلى أن الشخص الأمريكي العادي يحتفظ فقط بـ60 دولار نقداً، لذلك فإن ارتفاع الأوراق النقدية فئة 100 دولار يبدو مدفوعاً بالكامل من الطلب الخارجي.
وشدد تقرير الصندوق على أن الطلب غير الشرعي على الأوراق النقدية ارتفع جزئياً بالتأكيد، نتيجة أن معدلات الفائدة والتضخم منخفضين بشكل استثنائي.
ومن المحتمل أن تجد البنوك المركزية طرقاً أخرى للتأكد من تحميل عبء سياسة معدلات الفائدة السالبة للمستهلكين، خاصة وأن هذه السياسة مصممة أساساً لإقناع المستهلك بالإنفاق بدلاً من الإدخار.
وكتب نائب رئيس بنك "مورجان ستانلي" والذي كان يشغل منصب مدير الوحدة الأوروبية في صندوق النقد الدولي مقالاً في الشهر الماضي قال فيه إن على البنوك المركزية تطبيق رسوم على عمليات سحب الأموال، معتبراً أنه عبر تنويع الرسوم على النافذة النقدية يمكن للبنك المركزي أن يدفع النظام للعمل عند أي معدل فائدة سلبي يختاره.
ولكن تخليص مدخراتك من العالم الافتراضي للنظام المصرفي الرقمي وتحويلها إلى قطع صغيرة من الورق ليس بلا مخاطرة، فمن الممكن أن تتعرض للسطو أو يحترق منزلك، كما أنه من المحتمل أن ننسى المكان الذي خبأت فيه نقودك.
ولذلك فإن الارتفاع بنسبة 25 بالمائة في سعر الذهب في أخر 12 شهراً ربما يرجع جزئيا على الأقل إلى القلق بشأن أسعار الفائدة السلبية، ولكن إذا كنت لا تستطيع تحمل تكاليف التخزين الفعلي للمعادن الثمينة وكنت تشعر بشجاعة خاصة، فستكون هناك دائمًا عملة بيتكوين التي يراها البعض ملاذاً آمناً.
أخبار متعلقة :