تحرير: سالي إسماعيل
مباشر: في سياق الاضطرابات القوية التي تشهدها الأسواق حول العالم، كيف يمكن فهم هذه الأوضاع؟، وماذا تعني بالنسبة للاستثمار؟.
ويشرح كبير خبراء الاستثمار العالمي في بلاك روك "مايك بايل" في رؤية تحليلية نشرتها مدونة أكبر شركة لإدارة الأصول حول العالم الإجابة على مثل هذه التساؤلات.
وتعرضت الأسواق العالمية إلى عاصفة قوية في الأسبوع الماضي وسط تزايد تفضيل الابتعاد عن المخاطرة.
وصعدت أصول الملاذ الآمن مثل الذهب والسندات الحكومية على حساب الأصول التي تحتوي على مخاطرة بما في ذلك الأسهم.
وأثار انعكاس جزء من منحنى عائد سندات الخزانة الأمريكية مخاوف حدوث ركود اقتصادي.
ولا تزال المخاطر محدودة بشأن احتمالات حدوث ركود اقتصادي على المدى القريب، كون تحول البنوك المركزية للنهج الحذر ساهم في تمديد الدورة الاقتصادية، لكن التوترات التجارية والجيوسياسية تُشكل مخاطر سلبية.
وأثار ظهور التوترات الجيوسياسية مجدداً - وهو مسألة رئيسية للاستثمار العالمي خلال عام 2019 - المخاوف حيال زيادة المخاطر الهبوطية على النظرة المستقبلية للاقتصاد.
ولقد انعكس هذا الأمر في موجة بيعية داخل أسواق الأسهم وارتفاع أسعار السندات الحكومية للسندات الحكومية بالأسواق المتقدمة (وهو ما صاحبه انخفاضاً في العوائد على تلك الديون).
وتراجع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لآجل 10 سنوات إلى أدنى مستوى في ثلاثة أعوام، كما سجل العائد على سندات الحكومة الألمانية مستحقة السداد بعد 10 أعوام مستوى متدني تاريخي، ليواصل الانخفاض داخل النطاق السالب.
كما أن العوائد على السندات الحكومية ذات آجال السداد الأطول شهدت هبوطاً، مع تراجع العائد على السندات لآجل 30 عاماً إلى مستوى قياسي متدني في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وسويسرا.
وفي الوقت نفسه، فإن انعكاس منحنى عائد سندات الخزانة الأمريكية - العائد على الديون الحكومية بالولايات المتحدة لآجل عامين يتجاوز الآن نظيره مستحق السداد بعد 10 أعوام - أدى إلى مزيد من القلق في الأسواق.
وفي الغالب فإن انقلابات كهذه تنبأت بحدوث ركود اقتصادي، لكن "بلاك روك" تعتقد أن قوة إشارة منحنى العائد قد تضاءلت وسط ديناميكيات الأسواق المتغيرة.
فحص ديناميكيات الأسواق
وساهمت عوامل عديدة في تسطيح منحنى العائد، مثل التحول الحاد للنهج الحذر من قبل البنك المركزي الأوروبي، والقفزة المفاجئة في إصدار سندات الخزانة قصيرة الآجل، إضافة إلى الشراء بكميات كبيرة من قبل المؤسسات مثل صناديق المعاشات التقاعدية لسندات الخزانة مستحقة السداد بعد فترة أطول.
كما أدى الانهيار في فترة العلاوة - أو العائد الإضافي الذي يطلبه المستثمرون للاحتفاظ بالسندات ذات آجال استحقاق الأطول - إضافة إلى تخمة المدخرات العالمية كذلك في تراجع أسعار الفائدة طويلة الآجل.
ونتيجة لذلك، تحذر "بلاك روك" من استخدام تسطيح منحنى العائد بصورة فردية على أنه إشارة.
وللتوضيح: فإن أكبر شركة لإدارة الأصول حول العالم خفضت توقعاتها لنمو الاقتصاد، حيث تسببت الاحتكاكات التجارية والجيوسياسية في زيادة حالة عدم يقين الكلي.
ومع ذلك لا تزال "بلاك روك" ترى مخاطر محدودة على المدى القريب لحدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة.
وتتمثل أحد إشارات قوة أساسيات الاقتصاد في الظروف المالية في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو واليابان لا تزال تيسيرية حتى بعد تشديد السياسة النقدية بشكل ملحوظ خلال الأسابيع القليلة الماضية وذلك بسبب التوترات المتنامية بين الولايات المتحدة والصين.
ويوجد لدى "بلاك روك" نظرة بناءة بشكل معتدل حيال الأسهم مع استمرار التوسع والتقييمات التي لا تزال معقولة.
وتوصلت أكبر شركة إداءة أصول عالمياً إلى أن الأسهم سجلت أداءً جيداً في أوقات نهاية الدورة الاقتصادية، لكن مع ذلك فإن التوترات الجيوسياسية من المرجح أن تثير موجات من التقلبات الكبيرة.
وباتت الأسواق عرضة للتقلب في المعنويات، حيث أن الجزء الأكبر من عوائد أسواق الأسهم العالمية هذا العام كان مدفوعاً بالتوسع المتعدد بدلاً من نمو أرباح الشركات.
وتؤكد قوة أرباح الشركات الأمريكية خلال النصف الأول من عام 2019 تفضيل "بلاك روك" لحيازة الأسهم الأمريكية.
وكانت أرباح الشركات تتماشى تقريباً مع مستويات العام الماضي بل وفاجئت الجميع بأنها كانت الاتجاه الصعودي مقابل التوقعات التي كانت تشير لانخفاض حاد.
ولم يكن هذا بالإنجاز البسيط، حيث أن أرباح الشركات في بداية عام 2018 كانت مدعومة بالخفض الضريبي.
ومن المتوقع أن تسجل الشركات الأوروبية في المجمل انخفاضاً في الأرباح خلال الربع الثاني لكن ليس بشكل حاد مثل أرقام أول ثلاثة أشهر من العام.
ولدى "بلاك روك" نظرة محادية حيال الاستثمار في الأسهم الأوروبية.
الخلاصة؟
أدت السندات الحكومية دورها في توازن المحفظة في فترات الابتعاد عن الأصول الخطرة، ما يؤكد دعوة "بلاك روك" لمحافظ استثمارية أكثر مرونة.
ولدى الشركة نظرة محايدة حيال السندات الحكومية بشكل عام لكن على أساس تكتيكي فإنها توصي بخفض الوزن في المحافظ الاستثمارية لسندات الخزانة الأمريكية.
وترى "بلاك روك" أن توقعات قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي بالتيسير الشديد مبالغ في تقييمها، كما أن مخاطر التضخم يتم التقليل من شأنها.
أخبار متعلقة :