تحرير: نهى النحاس
مباشر: تعاني 9 اقتصاديات رئيسية حول العالم من الركود أو تقترب من دخول هذه المرحلة، ما رفع من المخاوف المتعلقة بأن تباطؤ الاقتصاد العالمي قد يقحم الولايات المتحدة هي أيضاً إلى مرحلة ركود اقتصادي.
ويشير تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" إلى أن التراجع الذي خيم على أسواق الأسهم الأمريكية يوم الأربعاء الماضي جاء بعد أن كشفت اثنين من أكبر الاقتصادات في العالم عن بيانات اقتصادية سيئة.
والبيانات السيئة الأولى كانت في الصين التي سجلت أسوأ نمو للإنتاج الصناعي لديها في 17 عاما خلال الشهر الماضي، أما الثانية فهي ألمانيا التي سجلت انكماشا اقتصاديا في الربع الثاني.
ولدى كل الدول التي تعاني من ركود أو تباطؤ الاقتصاد مشكلة مشتركة وهي الاعتماد المرتفع على بيع السلع خارج البلاد، في الوقت الذي لا يعد فيه ذلك وقتاً ملائماً لاقتصاد تقوده الصادرات.
ويتراجع اقتصاد الصين، كما أن حرب دونالد ترامب التجارية تخفض تداول السلع التي كانت تساعد في تحفيز الاقتصاد العالملي طوال عقود، كما أن بعض هذه الدول تتعرض الآن إلى تراجعات حادة في الصادرات.
وفي بعض الدول الأخرى مثل روسا والأرجنتين فإن المشاكل الداخلية طويلة الآجل لديها تتضخم في الوقت الحالي الذي يسيطر فيه التقلب والخوف على المستثمرين العالمين، ما يفاقم الأزمة.
وفي الوقت الذي تتزايد فيه المحن فإن قوارب النجاة المعدة للمساعدة ليست كثيرة، ليكون ذلك هو السبب وراء هروب المستثمرون إلى أصول الملاذ الآمن مثل الذهب والسندات الحكومية.
ويقول سونغ وون سون، أستاذ الاقتصاد بجامعة لويولا ماريماونت في لوس أنجلوس إنه يرى النيران في كل اتجاه ولكن لا يوجد رجال إطفاء كثيرون.
ومن المحتمل أن تقدم الصين المزيد من التحفيزات لضمان استقرار الاقتصاد بشكل خاص قبل حلول شهر أكتوبر/تشرين الأول موعد الاحتفال بالذكرى الـ70 لتأسيس حزب الشعب.
كما أن عدد من البنوك المركزية أولهم الاحتياطي الفيدرالي تخفض معدل الفائدة (بعضها يمتلك معدلات فائدة سالبة) في محاولة منها لتحفيز الأفراد على الاقتراض والإنفاق، ولكن الاقتصاديون يرون أن ذلك من المحتمل أن يكون له تأثير محدود لأن العالم لديه بالفعل رأس مال رخيص.
وحتى الآن فإن المستهلكين الأمريكيون هم النقطة المضيئة التي تدعم الاقتصاد العالمي، ولكن ترامب يمضي تجاه تفعيل تعريفات على سلع شعبية يفضل الأمريكان شرائها من الصين مثل الملابس والهواتف الجوالة والتلفاز والألعاب.
وعلى الرغم من تأجيل ترامب بعض من تلك التعريفات حتى لا يتضح تأثيرها في الحال عند الكريسماس إلا أن ارتفاع الأسعار سيأتي ليفرض حالة عدم راحة ويقين أكبر حول العالم.
ويقول فينسنت رينهارت، كبير الاقتصاديين في شركة "بي.إن.واي ميلون" إن توفير ترامب المزيد من اليقين سيكون على رأس قائمة سبل معالجة الاقتصاد.
وترامب كان على حق حينما قال إن دول أخرى تعتمد على التجارة أكثر من الولايات المتحدة، حيث أنه في الوقت الذي تشكل فيه التجارة 13 بالمائة من حجم الاقتصاد الأمريكي فإن إنفاق المستهلكين يشكل 70 بالمائة منه، ولكن ترامب على وشك اختبار حدود ما إذا كانت الولايات المتحدة تستطيع الوقوف بمفردها مع نمو المشاكل في جميع أنحاء العالم.
وهذه نبذة عن أبرز الاقتصادات الرئيسية التي تثير قلق الركود..
ألمانيا: انكمش الاقتصاد الألماني بنسبة 0.1 في المائة في الربع الثاني بعد نمو هزيل بنسبة 0.4 في المائة في بداية العام.
وربعان متتاليان من النمو السلبي هو تعريف للركود، وهو ما تقترب ألمانيا من تسجيله، ما أثار مخاوف حدوث ركود رسمي بحلول نهاية العام.
وتعتمد ألمانيا اعتمادًا كبيرًا على تصنيع السيارات والسلع الصناعية الأخرى لتشغيل اقتصادها، ويشهد معظم العالم بما في ذلك الولايات المتحدة ركودًا صناعيًا.
ولكن حتى الآن فإن الحكومة الألمانية مترددة بشأن الإنفاق لتحفيز النمو.
المملكة المتحدة: تشبه قصة المملكة المتحدة نظيرتها الألمانية، حيث تراجع الناتج الإجمالي المحلي بنسبة 0.2 في المائة في الربع الثاني بعد ارتفاع ضعيف بنحو 0.5 في المئة في الربع الأول.
وبجانب مشاكل التصنيع، تشهد المملكة المتحدة تباطؤ في الاستثمار، بسبب عدم اليقين بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وفي حال خروج بريطانيا الاتحاد الأوروبي في أكتوبر/تشرين الأول دون صفقة فمن المتوقع على نطاق واسع أن تدخل البلاد في حالة ركود.
إيطاليا: يعاني ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو لسنوات، ودخل في حالة ركود في العام الماضي، وعام 2019 لم يكن أفضل بكثير.
وفي الربع الثاني سجلت إيطاليا نمواً 0.2 في المائة، وهناك مخاوف من أن يتحول إلى ركود لاحقاً حيث تبيع إيطاليا بعض السلع إلى ألمانيا التي تشهد وضعاً سيئاً.
كما تعاني إيطاليا أيضًا من الأزمات السياسية المستمرة التي تجعل المساعدات الاقتصادية الإضافية من الحكومة صعبة، حيث من المقرر أن يواجه رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي تصويتًا بسحب الثقة في مجلس الشيوخ في البلاد في وقت لاحق من هذا الشهر وقد يضطر إلى الاستقالة.
كما أن ديون إيطاليا هي واحدة من أعلى معدلات الدين في العالم.
المكسيك: كانت هدفًا في معارك التجارة والهجرة التي قام بها ترامب، والتي يبدو أنها تتسبب في خسائر أكبر مما توقع الكثيرون.
وانكمش الاقتصاد المكسيكي بنسبة 0.2 بالمائة في بداية العام، وبالكاد نجا من الركود الرسمي في الربع الثاني من خلال النمو بنسبة 0.1 بالمائة فقط.
وعانت المكسيك من انخفاض استثمارات الشركات وتراجع الثقة، حيث تخشى الشركات من قيام الرئيس اليساري أندريس مانويل لوبيز أوبرادور بتأميم الصناعات.
البرازيل: انكمش أكبر اقتصاد في أمريكا الجنوبية بنسبة 0.2 بالمائة في الربع الأول، ومن المتوقع على نطاق واسع أن ينكمش مرة أخرى في الربع الثاني.
وعانت البرازيل لبيع السلع في الخارج وشهدت أيضًا تباطؤ الطلب في الداخل، واعتقد البعض أن البرازيل ستستفيد من سعي الصين لشراء فول الصويا وغيرها من المنتجات بعيداً عن الولايات المتحدة، ولكن انخفاض أسعار السلع الأساسية حال دون ذلك.
وخفض البنك المركزي البرازيلي معدل الفائدة، وتقوم حكومة الرئيس يير بولسونارو بتقديم مدفوعات نقدية للعمال في محاولة لتحفيز النمو.
الأرجنتين: الأرجنتين تشهد أزمة، حيث تعاني بالفعل من ركود يزداد سوءًا.
وتراجع سوق الأسهم بنسبة تقارب 50 بالمائة في يوماً واحداً، وهو ثاني أكبر انهيار تشهده أي دولة منذ عام 1950.
كما تشهد البلاد تضخمًا سريعًا، كما تعرض الرئيس موريسيو ماكري لهزيمة في الانتخابات الأولية في البلاد.
ويخشى المستثمرون ألا تتمكن الأرجنتين من سداد ديونها، كما يخشى المواطنين من صعوبة شراء المنتجات اليومية لأن قيمة البيزو الأرجنتيني تواصل الانخفاض خاصةً مقابل الدولار الأمريكي.
سنغافورة: أعلنت الدولة الآسيوية انكماش الناتج الإجمالي المحلي بنسبة 3.3 في المائة في الربع الثاني، مقابل نمو بأكثر من 3 في المائة في الربع الأول.
وألقت سنغافورة باللوم على الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في مشاكلها، لاعتماد اقتصادها على الصادرات.
وينظر العديد من الاقتصاديين إلى سنغافورة وكوريا الجنوبية كمؤشرات قوية لما ينتظر الاقتصاد العالمي لأن هاتين الدولتين تتاجران مع العديد من الدول الأخرى، وخاصة الصين والولايات المتحدة.
كوريا الجنوبية: تمكنت كوريا الجنوبية من تجنب الركود في النصف الأول من العام، ولكن الاقتصاد انكمش 0.4 بالمائة في الربع الأول، في حين سجل نمواً 1.1 بالمائة في الربع الثاني، وعلى الرغم أنه أداء أفضل من المتوقع لكن لا يعتقد كثير من الخبراء أنه سيستمر.
كما أن اليابان وكوريا الجنوبية في خضم حرب تجارية خاصة بهما ، من المتوقع أن تؤثر سلباً على النمو.
وخفض البنك المركزي الكوري الجنوبي معدلات الفائدة، لكن من غير الواضح ما إذا كان ذلك سيكون كافيًا.
روسيا: حذر معهد اقتصادي روسي الأسبوع الماضي من أن البلاد قد تدخل حالة ركود بحلول نهاية العام بعد أن نما الاقتصاد بنسبة متواضعة بلغت 0.7 في المائة في النصف الأول من العام الجاري.
ويعاني اقتصاد روسيا منذ عام 2014 مع هبوط أسعار النفط والعقوبات الدولية على موسكو بسبب التدخل العسكري في أوكرانيا.
وعملت روسيا على حماية اقتصادها قدر الإمكان من العقوبات التي تفرضها الحكومة الأمريكية عن طريق الحد من الصفقات مع الولايات المتحدة والتجارة بالدولار الأمريكي، لكن هذا يعني اعتمادًا أكبر على الصين التي تتباطأ الآن.
أما اقتصاد الولايات المتحدة فهو اقتصاد خدمي يتغذى على الطلب المحلي، مما يوفر بعض الحماية من المشاكل في الخارج، ولكن مع تعثر الدول الأخرى، يقوم المستثمرون العالميون بشراء سندات الخزانة الأمريكية، مما يتسبب في عكس منحنى العائد في الولايات المتحدة، وهي إشارة تحذير من الركود.
أخبار متعلقة :