من: سالي إسماعيل
مباشر: حقق الذهب مكاسب قوية دفعته لأعلى مستوياته منذ عام 2013، ليكون أداء المعدن النفيس محط أنظار الأسواق العالمية كافة في الأسبوع الماضي.
وتعني كل هذه التحركات أن الأسبوع الماضي ترك رسالة واضحة مفادها حالة القلق التي أصابت المستثمرين في ظل تكثيف الحرب التجارية وتعميق آلام الوضع الاقتصادي.
وفي أوقات عدم اليقين عادةً يلجأ المستثمرين إلى أسواق الأصول الآمنة خوفاً على أموالهم من الخسائر ما يعني انخفاض شهية المخاطرة والابتعاد عن تلك الأصول التي تحمل في طياتها عنصر المخاطرة مثل الأسهم.
وشهدت "وول ستريت" أكبر وتيرة هبوط يومي في هذا العام بخسارة 760 نقطة قبل أن تقلص خسائرها الأسبوعية إلى 197 نقطة مع تكهنات بأن الموجة البيعية القادمة داخل السوق الأمريكي للأسهم قد تشبه انهيار "ليمان براذر"، وأن الأسوأ لم يأت بعد.
وعلاوة على ذلك، سجلت البورصات الأوروبية والأسواق المالية في اليابان خسائر ملحوظة خلال الأسبوع الماضي الذي غلب عليه التقلبات القوية.
وكسر سعر الذهب عتبة الـ1500 دولار للأوقية في الأسبوع الماضي للمرة الأولى منذ عام 2013 مواصلاً المكاسب أعلى هذا الحاجز مع استمرار موجة عارمة من التوترات.
وتأتي هذه الزيادة في الطلب على المعدن الأصفر مع عودة المشاحنات التجارية بين الولايات المتحدة والصين متمثلة في التهديد بفرض رسوم أمريكية بدايةً من الشهر المقبل على بقية السلع القادمة من بكين يعقبها تحركات انتقامية.
وفي الأسبوع المنصرم، أعطت الصين الضوء الأخضر لعملتها المحلية (اليوان) من أجل الهبوط إلى مستويات هي الأضعف في أكثر من عقد
وتسبب رد الصين الانتقامي على تهديد واشنطن، وهي الأمور التي تخترق الهدنة التجارية التي كانت قائمة بين الجانبين، في عاصفة شديدة داخل الأسواق العالمية دفعت الأسهم العالمية لخسائر حادة مع مكاسب في الذهب وغيرها من الملاذات الآمنة.
وبحسب تقرير لوكالة "بلومبرج إيكونوميكس"، فمن شأن الحرب التجارية الشاملة أن تكبد الاقتصاد العالمي خسائر بنحو 1.2 تريليون دولار في عام 2021.
وعلى العكس تماماً لخسائر الأسهم، استفاد من الحرب التجارية المشتعلة عملتي الفرنك السويسري والين الياباني كونهما يمثلان عملات الملاذ الآمن مع تفضيل المستثمرين لعنصر الأمان.
ومع احتدام الحرب التجارية، تزاحم بعض المستثمرين كذلك على أسواق السندات لشراء الديون الحكومية والتي تعد نوعاً من أصول الملاذ الآمن، ما دفع العائد على تلك الديون للهبوط إلى مستويات غير مسبوقة في عدة سنوات.
وانعكس منحنى العائد للسندات الأمريكية والذي يعبر عن الفارق بين الديون التي يحل موعد سدادها بعد 10 سنوات وتلك مستحقة السداد بعد ثلاثة أشهر، بأكبر وتيرة في 12 عاماً.
فيما ارتفعت القيمة السوقية للسندات التي تمنح المستثمرين عوائد سالبة لمستوى قياسي عند 15 تريليون دولار مع لجوء المستثمرين للأصول الآمنة، كما أن العائد على الديون الألمانية لآجل 30 عاماً تحول للنطاق السالب للمرة الأولى بالتاريخ.
وفي الوقت نفسه، فإن الاندفاع نحو الملاذات الآمنة وعلى رأسها الذهب يكشف عن الصورة القاتمة بشأن توقعات نمو الاقتصاد العالمي رغم مواصلة البنوك المركزية حول العالم خفض معدلات الفائدة.
وتأتي مسيرة خفض الفائدة في عدد كبير من الاقتصاديات الناشئة كان آخرها ثلاثة دول دفعة واحدة وهم الهند ونيوزيلندا وتايلاند ثم الفلبين وصربيا في اليوم التالي في تحرك مفاجئ للأسواق.
جدير بالذكر أن بنك الاحتياطي الفيدرالي عمد إلى خفض معدل الفائدة للمرة الأولى منذ الأزمة المالية العالمية في نهاية الشهر الماضي لكن وتيرة الخفض لم تكن مرضية للرئيس الأمريكي أو الأسواق.
وطالب الرئيس دونالد ترامب مراراً في الأسبوع الماضي الفيدرالي بالتحرك السريع والكبير لخفض الفائدة كما عبر عن عدم رضاه حيال قوة الدولار الأمريكي واختتمها بالمطالبة بتنفيذ خفض قدره 100 نقطة أساس.
كما ألمح البنك المركزي الأوروبي إلى الضغوط التي يتعرض لها اقتصاد منطقة اليورو بفعل حالات عدم اليقين المستمرة والتي تضغط على التوقعات المتعلقة بالنمو.
وفي إشارة أخرى على تباطؤ الاقتصاد العالمي، سجل اقتصاد بريطانيا خلال الثلاثة أشهر المنتهية في يونيو/حزيران الماضي أول انكماش فصلي منذ الربع العام في عام 2012.
وفي الأسبوع الماضي، فإن الذهب المقوم بالدولار حقق مكاسب بنحو 3.5 بالمائة أو ما يعادل 51 دولار في غضون خمس جلسات تداول بعدما أنهى تعاملات الجمعة عند مستوى 1508 دولار للأوقية.
وتلقى الذهب الدعم من خسائر الدولار الأمريكي والتي بلغت 0.6 بالمائة، ليسجل بذلك مؤشر الدولار والذي يرصد أداء الورقة الأمريكية مقابل 6 عملات رئيسية أول خسائره الأسبوعية في نحو 4 أسابيع.
كما أن المعدن الأصفر قفز إلى مستويات قياسية عند تقييمه بـ6 عملات أخرى غير الدولار بما في ذلك الجنيه الإسترليني والين الياباني والدولار الكندي.
وبحسب تقرير نشرته وكالة بلومبرج الأمريكية، فإن المستثمرين يواصلون التدفق نحو صناديق الاستثمار المتداولة المدوعة بالذهب، حيث ارتفعت الحيازة لليوم التاسع على التوالي يوم الخميس الماضي لتصل إلى أعلى مستوى منذ مارس/آذار 2013.
ويرى بنك "جولدمان ساكس" أن نمو استثمارات صناديق الاستثمار المتداولة عامل رئيسي وراء توقعات البنك بأن الذهب سوف يقفز إلى مستوى 1600 دولار في غضون الستة أشهر القادمة.
أخبار متعلقة :