شبكة عيون الإخبارية

معضلة المحافظ الجديد للمركزي التركي.. غضب أردوغان أم معاناة الأسواق؟

تحرير: سالي إسماعيل

مباشر: نشر "مراد أويصال" أول بيان له كمحافظ للبنك المركزي التركي يوم السبت (7 يوليو/تموز).

ويبدو أن تعهد المحافظ الجديد بـ"التنفيذ المستقل لأدوات السياسة النقدية" من أجل استقرار الأسعار أمراً طبيعياً، لكن تنفيذ ما أوصى به سيكون بمثابة اختبار لـ"أويصال"، الذي تولى المنصب بعد أن أقال الرئيس رجب طيب أردوغان المحافظ السابق للبنك "مراد سيتينكايا".

ويواجه أويصال، والذي كان يشغل منصب نائب محافظ المركزي منذ عام 2016، واحدة من أصعب الأمور في عالم البنوك المركزية: خفض ضئيل للغاية بمعدل الفائدة والمخاطرة بغضب أردوغان، أو خفض كبير للغاية بالفائدة ومشاهدة معاناة الأسواق.

وأصاب هذا التغيير المفاجئ بعض المستثمرين بالضعف كما وضع الأصول المالية التركية بالفعل تحت الضغط.

ويتولى أويصال مسؤولية السياسة النقدية في الاقتصاد الأكبر بالشرق الأوسط في وقت يبحث فيه المستثمرون عن التحول نحو سياسة أكثر تقليدية.

واكتسب المحافظ الجديد البالغ من العمر 47 عاماً خبرته المصرفية في "بنك خلق" وهو المصرف الذي تديره الدولة.

وبينما كان نائباً للرئيس التنفيذي بالبنك، كان هناك تحقيقات ذات صلة بالفساد المزعوم ومخطط بمليارات الدولارات للتهرب من العقوبات الأمريكية على إيران.

وأدانت الولايات المتحدة أحد زملائه بل وحكمت عليه بالسجن.

وحصل أويصال على درجة علمية في الاقتصاديات مشوبة بإدعاءات السرقة كما يتحدث ثلاث لغات بطلاقة.

الميل للحذر

ما يؤهل أويصال للتفوق على "سيتينكايا" ربما ليس له علاقة بسيرته الذاتية، حيث ذكر شخص عمل مع "أويصال" أنه قريب من الرئيس التركي كما وصفه بأنه صادق ويسهل العمل معه.

وبصفته عضواً في لجنة السياسة النقدية، فإنه معروف بأراء أكثر حذراً وتركز على نمو الائتمان أكثر من بعض زملاءه في اللجنة.

وإذا كان الأمر كذلك، فإن موقف أويصال سوف يجعله أقرب إلى أردوغان، الذي أشار إلى أن صبره ينفذ من تثبيت البنك المركزي معدل الفائدة كما هو منذ الزيادة الكبيرة التي بلغت 625 نقطة أساس في اجتماع سبتمبر/أيلول الماضي.

ومع تباطؤ التضخم إضافة إلى الاقتصاد الذي لا يزال يواجه خطر الركود، فإن أويصال سيحصل على فرصته الأولى لتخفيف السياسة النقدية في اجتماعه المقبل الذي يفصلنا عنه أقل من ثلاثة أسابيع.

ويقول الخبير الاقتصادي في شركة نومورا الدولية في لندن "إنان ديمير" إنه ليس هناك شك في أن محافظ البنك الجديد مستعد بشكل جيد بالنظر إلى خبرته كنائب محافظ وقبل ذلك كرئيس لخزانة بنك كبير.

ويتابع: ومع ذلك فإن السهولة التي تم بها إقالة المحافظ السابق تشكل سابقة خطيرة وسيكون لها تأثير على سلوك السياسة النقدية.

استهداف التضخم

وتساهم خلفية أويصال في مجال التمويل في تمييزه عن سيتينكايا، والذي كان تركيزه الأكاديمي على علم الاجتماع والعلاقات الدولية.

وتعرضت رسالة علمية كتبها أويصال عن استهداف التضخم لانتقادات وسط مزاعم بأنها مسروقة لكن البنك المركزي رفض التعليق على هذه الاتهامات.

ويبدو أن الملخص الإنجليزي لهذه الرسالة يقتبس أقساماً كاملة من مقالات سبق أن نشرها الاقتصادي فريدريك ميشكين مع آخرين، دون ذكر مصدر الاقتباس.

وقامت مستشارة رسالة أويصال "إيريسا أريكان" بالإشراف لاحقاً على رسالة بيرات البيرق، وهو صهر أردوغان ووزير الخزانة والمالية في الوقت الحالي.

وفي العام الماضي، تم تعيين أريكان رئيسة لبورصة إسطنبول كما أصبحت عضوة بمجلس إدارة صندوق الثروة التركي.

ويرى "إسيك أوكتي" الخبير الاستراتيجي في شركة "تي.إيه.بي" والذي عمل مع أويصال أثناء تواجده كمدير للأبحاث بشركة سمسرة تابعة لـ"هالك بنك"، أن المحافظ الجديد يفهم الأسواق المالية جيداً كما أنه منفتح على التواصل مع الجميع وعندما لا يكون لديه علم حيال شيئاً ما يقول ذلك ويبذل مجهوداً كي يتعلم.

ويضيف أوكتي أن هذه المهارات قد لا تجعله بالضرورة محافظ قوي للبنك المركزي لكنها بالتأكيد تجعله مديراً رائعاً، فهو أحد أفضل ما رأيته في مسيرتي المهنية التي امتدت لنحو 25 عاماً بالقطاع المالي.

ويمتلك أويصال الحد الأدنى من المساحة للخطأ بالنظر إلى الأسواق المضطربة وأردوغان الذي لا يتمتع بالصبر.

ولقد تعهد محافظ المركزي التركي الجديد حتى الآن بأن يركز البنك على تحقيق هدفه الأساسي المتمثل في استقرار الأسعار والحفاظ على هذا الهدف.

 

والسؤال هو ما إذا كان أردوغان متفق مع هذا الهدف الذي حدده المحافظ الجديد.

وخلال اجتماع مغلق بعد ساعات من الإطاحة بـ"سيتينكايا"، أخبر أردوغان المشرعين من حزبه الحاكم أن السياسيين والبيروقراطيين جميعهم بحاجة إلى دعم قناعته بأن معدلات الفائدة المرتفعة تسبب التضخم، وفقًا لما ذكره مسؤول كان مشاركاً في هذا اللقاء.

وذكر المسؤول أن الرئيس التركي هدد بعواقب لأيّ شخص يتحدى السياسات الاقتصادية للحكومة.

ولطالما ذكر أردوغان، الذي لقب نفسه يوماً ما بأنه "عدو معدلات الفائدة"، أنه كان ينوي تشديد قبضته على الاقتصاد وتحمل المزيد من المسؤولية عن السياسة النقدية.

وفيما يتعلق بإقالة سيتينكايا، استخدم أردوغان الصلاحيات الممنوحة له بعد الانتخابات العامة التي أجريت في العام الماضي وحولت النظام السياسي إلى رئاسة تنفيذية.

وإذا كان هذا هو الحال، فربما يكون أويصال أقرب لمجرد محافظ صوري للبنك المركزي.

ويشير رئيس أبحاث العملات والسلع في كومرزبنك "أولريش لوشتمان" إلى أنه مع إقالة سيتينكايا أوضح الرئيس أردوغان أنه يمتلك الكلمة الأخيرة فيما يتعلق بالسياسة النقدية".

ويتابع: وفي هذه الحالة حتى أكثر محافظي البنوك المركزية تشدداً في العالم سيتعين عليهم الانحناء، حيث أن البديل سيكون التسبب في إقالة أنفسهم.

مباشر (اقتصاد)

أخبار متعلقة :