تحرير: نهى النحاس
مباشر: كل الإشارات في الوقت الحالي تشير إلى أن باكستان تسير على كل الخطى التي تؤدي في النهاية إلى وقوع أزمة اقتصادية.
الاقتصاد يعاني من كل الجوانب
ويشير مقال لموقع وكالة "بلومبرج أوبنيون" إلى أن طفرة الاستثمارات غير المستدامة في باكستان انتهت، ورفع البنك المركزي معدلات الفائدة لسد عجز الحساب الجاري، كما أن النمو الاقتصادي انهار لأدنى مستوى في 9 سنوات، ومعدل البطالة بين الشباب تجاوز 9 بالمئة والتضخم يقترب من ذلك المستوى، أما إيرادات الحكومة فهي تفشل في الارتفاع.
وإخراج إسلام آباد في الوقت الراهن من أزمتها أصبح مرة أخرى وظيفة صندوق النقد الدولي، حيث وضع الصندوق خطة إنقاذ للبلاد هي الثالثة عشر منذ نهاية الثمانينات، لكنه لا يريد الدولة الآسيوية أن تستخدم الـ6 مليارات دولار القرض الذي أقرته في سداد قروض الصين لمشاريع الحزام والطريق.
واقتراح الصندوق بالسماح بتعويم العملة قد يزيد من تراجعها أمام الدولار الأمريكي والذي بلغ 30 بالمئة منذ ديسمبر/كانون الأول لعام 2017.
وفي حال إضافة للتقشف المالي أيضاً والذي ظهر جلياً في موازنة الحكومة يوم الثلاثاء الماضي نجد أن الآلام قد تصبح أسوأ قبل أن تتحسن الأمور.
وبدلاً من التعامل مع عجز ميزان المدفوعات والركود التضخمي فإن رئيس الوزراء عمران خان ربما يتمنى أن يكون في إنجلترا لحضور كأس العالم للكريكيت والذي فازت به باكستان مرة واحدة فقط تحت قيادته عام 1992.
وفي ذلك الوقت كان نصيب الفرد من الناتج الإجمالي المحلي داخل باكستان والمعدل وفقاً للقوة الشرائية للعملة أعلى بنحو 62 بالمئة عن مثيله في الهند، ولكن الآن أصبح أقل بنسبة 28 بالمئة عن مستويات جارتها، وسط توقعات الصندوق أن تتسع تلك الفجوة.
ومن المحتمل أن يكون اقتصاد الهند ينمو بصورة أقل من 7 بالمئة التي أعلنتها الجهات الرسمية، لكن أداء نظيره الباكستاني يظل أسوأ بكثير.
كما تلاشى أثر موجة البناء الهائلة التي أشعلها الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني البالغ قيمته 62 مليار دولار.
وهناك 3 منتجين كبار للأسمنت من ضمن أكبر الخاسرين في مؤشر البورصة "كيه.إس.أي100" وسط هبوط تتراوح نسبته بين 45 بالمئة و55 بالمئة.
كما أن أسوأ الشركات أداءً في المؤشر شركة "فوجي للأغذية المحدودة" يمكنها أن تنسب الانهيار في أسهمها إلى توتر الصفقة مع شركة "يلي جروب"، وكان من المفترض أن تشتري الشركة الصينية 51 بالمئة من شركة الألبان الباكستانية.
كيف يمكن للصندوق أن يحل الأزمة؟
الحل يكمن في السراويل والمناشف القطنية، فمع الحرب التجارية بقيادة دونالد ترامب ضد الصين، يتجه المشتريين الأمريكيين لتنويع قاعدة الموردين الخاصة بهم بعيداً عن الصين التي هي المصدر الأول لهذه المنتجات للولايات المتحدة.
وبنجلادش الآن قريبة من انتزاع عرش المناشف والسراويل، وباكستان التي كانت في المرتبة السادسة في ذلك السباق العام الماضي، تمكنت في العام الجاري من زيادة شحناتها إلى الولايات المتحدة بنحو 12 بالمئة، كما يمكنها أن تتجاوز الهند التي لم تشهد أي تحسن فعلي.
والأخبار الجيدة هي أن الروبية الباكستانية انخفضت بنحو 20 بالمئة تقريباً منذ 2017 وتسبب ذلك في تلاشي المبالغة في قيمة العملة المعدلة وفقاً للتضخم مع الشركاء التجاريين.
وفي حالة تعرض العملة لمزيد من الانخفاض وعدم تسارع التضخم فإن هذا سوف يدعم الصادرات الباكستانية، بشرط استقرار النمو العالمي وتوافر القطن لصناعة الغزل والنسيج.
وهبطت مبيعات السيارات في باكستان بنحو 24 بالمئة في أبريل/نيسان، حيث أن 40% من المبيعات هناك ممولة بواسطة القروض وبالتالي وحده التخفيض المعقول في معدل الفائدة بإمكانه تحفيز الطلب، خاصة مع تمرير صناع السيارات الجزء الأكبر من عبء ضعف سعر الصرف على تكاليف الاستيراد إلى المستهلك.
ويوجد محللان فقط من ضمن 14 استطلعت "بلومبرج" آرائهم قيموا سهم شركة تصنيع السيارات الهندية "باك سوزوكي موتورز" عند التوصية بالشراء.
ومعدلات الفائدة المدعمة على تكاليف الإسكان المنخفض التكلفة يمكنها حل أزمة تراجع الطلب إلى حد ما، ولكن مساحة التحرك المالي لتشغيل مثل هذه البرامج الطموحة محدودة للغاية.
وعلاوة على ذلك فإن تقديم الدعم لزيادة المحاصيل الزراعية ربما يكون ذو أولوية أكبر من دعم المستهلكين في المناطق الحضرية.
وإدارة "خان" كانت مترددة بشأن اللجوء لصندوق النقد لعلمها كيف سيكون الأمر صعب لإقناع الجمهور بالمصاعب التي يجب تحملها، كما أن للتعديلات الهيكلية تكاليف سياسية.
وخان الذي تولي الحكم منذ 9 أشهر مضت هو رئيس الوزراء التاسع عشر المنتخب مع حقيقة أنه لم يتمكن أي شخص من الـ18 السابقين من اكمال مدة ولايتهم البالغة 5 سنوات.
والآن ليس لديه خيار سوى تبني الشروط التي تأتي مع خطة إنقاذ صندوق النقد.
ويمكن لرئيس الوزراء أن يأمل فقط في أن إعادة ترتيب سلاسل التوريد العالمية ستخلق الفرص وتخفف من آلام التعافي في باكستان.
أخبار متعلقة :