من: سالي إسماعيل
مباشر: وصل الذهب إلى أعلى مستوياته بـ14 شهراً لكنه سرعان ما فقد هذه المكاسب ليسجل خسارة أسبوعية هي الأولى في نحو 4 أسابيع، وهو ما يسلط الضوء على التقلبات الحادة في قيمة المعدن خلال الأسبوع الماضي.
وعلى الرغم من الخسائر الأسبوعية لكن المعدن الأصفر اكتسب زخماً قوياً خلال الآونة الأخيرة، مع تكالب المستثمرين على التحوط من المخاطر، لكن في الوقت نفسه فإن الدولار الأمريكي يزداد قوة كما تستقبل البورصات العالمية المستثمرين بشكل ملحوظ.
ويعكس هذا الحراك داخل أسواق الأصول الآمنة مثل الذهب والسندات الحكومية وكذلك نظيرتها الخطرة مثل أسواق الأسهم، حيرة الأسواق العالمية، كما يتزامن مع تقلبات الورقة الخضراء والتي انتزعت مكاسب أسبوعية تصل إلى 1.1 بالمئة..
وتراوحت تداولات سعر الذهب خلال الجلسة الأخيرة من الأسبوع الماضي في نطاق 1341 إلى 1362 دولاراً للأوقية ما يعني أن مكاسب المعدن وصلت إلى 21 دولاراً تقريباً لكنه قلص أرباحه كثيراً عند تسوية الجلسة لتقل قليلاً عن الدولار الواحد.
وكان المعدن يستعد لحصد مكاسب للأسبوع الرابع على التوالي لكن التنازل عن مكاسبه الواسعة خلال جلسة الجمعة دفعه لتسجيل خسارة بنحو 0.1 بالمئة أو ما يعادل 1.60 دولار على مدار جلسات الأسبوع الخمسة.
في حين أن الذهب لا يتوقف عن الاتجاه الصاعد بالآونة الأخيرة ليربح تقريباً 62 دولاراً في 13 جلسة فقط، مع حقيقة أنه كان يبلغ 1282.50 دولار للأوقية بنهاية جلسة 28 مايو/آيار الماضي قبل أن ينهي تداولات 14 يونيو/حريزان عند مستوى 1344.50 دولار للأوقية.
ويعني ذلك أن المعدن الأصفر حقق مكاسب في تلك الجلسات تمكنه من محو كبوات العام الجاري بأكمله، حيث تقدر أرباحه بـ63 دولاراً تقريباً منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية تعاملات الجمعة الماضية، بعدما كانت قيمة الذهب تبلغ 1281.30 دولار في نهاية عام 2018.
ومن الملاحظ أن هذه التحركات الكبيرة داخل أسواق المعدن الأصفر تزامنت مع اتجاه المستثمرين لحيازة سندات الخزانة ما دفع العوائد على تلك الديون الحكومية للهبوط إلى مستويات لم تشهدها في نحو 21 شهراً، نظراً لوجود علاقة عكسية بين الأسعار والعائد.
وساهمت 4 دوافع واضحة في قيادة مكاسب المعدن النفيس خلال الآونة الأخيرة، تتمثل في التوترات التجارية والاضطرابات السياسية بالشرق الأوسط إضافة لضعف البيانات الاقتصادية الواردة من الصين والولايات المتحدة فضلاً عن تكهنات خفض معدل الفائدة الأمريكية.
ومنذ أن رفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شعار "ممارسات تجارية عادلة" والتوترات التجارية لا تنعم بالهدوء، وسط تهديدات متواصلة وأضرار محتملة على اقتصاد البلدين.
ورغم أن ترامب عبر عن شعوره بإمكانية التوصل لاتفاق تجاري مع الصين لكنه هدد بفرض تعريفات على بقية السلع الصينية الغير خاضعة لرسوم والبالغ قيمتها 325 مليار دولار ما لم يتم التوصل لصفقة لكن بكين تؤكد أنها لن تخضع لأيّ ضغوط أمريكية بشأن التحارة.
لكن الأزمة اشتعلت مجدداً مع تأكيد مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية على تمسك واشنطن بقرار بمنع استخدام معدات هواوي في شبكات "5G"، وذلك تزامناً مع قرار وضع شركة الاتصالات الصينية في قائمة سوداء تشكل تهديداً للأمن القومي.
وتزايد الطلب على المعدن الأصفر كذلك على خلفية تكهنات خفض معدل الفائدة الأمريكية من قبل الاحتياطي الفيدرالي وخاصةً عقب بيانات التضخم المخيبة للآمال.
وكشفت بيانات حكومية تباطؤ معدل التضخم بالولايات المتحدة خلال شهر مايو/آيار الماضي، ما يساهم جنباً إلى جنب مع تباطؤ النمو الاقتصادي في زيادة الضغوط على الفيدرالي لخفض معدلات الفائدة في وقت لاحق من هذا العام.
ومن المخطط أن يلتقي صناع السياسة بالفيدرالي يومي 18 و19 يونيو/حريزان الجاري لمناقشة موقف السياسة النقدية وسط توقعات على نطاق بالإبقاء على معدلات الفائدة كما هي دون تغيير هذا الاجتماع رغم انتقادات ترامب التي لا تنتهي.
وتسببت التوترات التجارية المتنامية إضافة لتباطؤ النمو الاقتصادي مع الهبوط الحاد في عمليات التوظيف عن الشهر الماضي وتفاقم طلبات إعانة البطالة لأعلى مستوى بـ5 أسابيع، في دفع الأسواق المالية لتسعير احتمالية خفض الفائدة مرتين بحلول نهاية عام 2019.
وتوقع "دويتشه بنك" في مذكرة صادرة مؤخراً أن يقوم الفيدرالي بخفض معدل الفائدة 3 مرات بمقدار 0.25 بالمئة خلال اجتماعات يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول وديسمبر/كانون الأول من هذا العام، وذلك بفعل تصاعد المخاطر الهبوطية بشأن النظرة المستقبلية للاقتصاد الأمريكي.
وأثارت البيانات المختلطة بأكبر اقتصادين حول العالم قلق المستثمرين أكثر حيال الوضع الاقتصادي ما دفعهم للاتجاه نحو الأصول الآمنة مثل سوق الذهب، لكن هذا الاتجاه تحول مع توالي الإفصاح عن مؤشرات أخرى.
ووفقاً لبيانات رسمية، فإن الإنتاج الصناعي في الصين نما بنسبة 5 بالمئة خلال شهر مايو/آيار الماضي وهي أبطأ وتيرة نمو في نحو 17 عاماً، لكن في المقابل تجاوز الإنتاج الصناعي الأمريكي توقعات المحللين.
لكن في الوقت نفسه، فإن مؤشر بنك "مورجان ستانلي" لرصد أداء الاقتصاد الأمريكي شهد هبوطاً بنحو 32 نقطة وهي أكبر وتيرة انخفاض على الإطلاق ليسجل 13 نقطة وهي أدنى قراءة منذ ديسمبر/كانون الأول لعام 2008.
وأشار مؤشر ثقة المستهلكين الأمريكيين الصادر عن جامعة "ميتشجان" أنه تراجع خلال الشهر الجاري بأكثر من توقعات المحللين وسط القلق المتعلق بالتعريفات الجمركية.
وعلى صعيد الأوضاع الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، فإن المستثمرين اتجهوا لتعاملات الذهب على خلفية تعرض ناقلتان للنفط لهجوم بخليج عمان وسط اتهامات تشير إلى أن إيران هي المسؤولة عن الحادث، فضلاً عن تصاعد حدة التوترات بين واشنطن وطهران.
أخبار متعلقة :