كتب : الوطن منذ 42 دقيقة
قال الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل، في حواره مع الإعلامية لميس الحديدي في برنامج "مصر أين وإلى أين؟"، إنه لا أحد يستطيع أن يقول إن حزب الله إرهابي، حتى الأمم المتحدة نفسها لم تستطع، وأن اتصاله بإيران أمر طبيعي لأنهم شيعة، كاتصال أي سني في العالم بالأزهر مثلا، موضحا أنه لا أحد يملك زمام المبادرة في المنطقة، وكلها تقف في خط الدفاع، لكنها يجب أن ترسم ملامح الفترة المقبلة بشكل جيد وواضح.
* هل يمكن أن حدثنا عن سفرك في الفترة الأخيرة من الخليج إلى البحر المتوسط؟
* أنا في العادة أسافر في العام مرتين، الشباب يستيطعون الذهاب 4 أيام ويعودون، أنا لا أستطيع، أحب أن أذهب إلى بقعة معنية وأتجول في ثلاثة أو أربعة بلاد وأمكث فترة من أسبوع على الأقل إلى شهر، فات وقت السفر لتغطية حدث معين مثل طريقة الصحفيين الأمريكان، بسبب التطور في الوسائل والأفكار، هذا العام سافرت تقريبا بمعدل مرة كل شهر، وأظن أن هذا نابع من أننا مقلبين بالفعل على ما قد لا نطيقه، حاولت هذه المرة أن أقوم بتغطية منطقة بشكل ما بالعرض في المنطقة العربية، وذهبت للخليج لأنه قيل لي أمور كثيرة، وذهبت لبيروت لأنها تمثل مركز تنصت على كل المنطقة التي تقع حولها، ويا ليتني أستطيع الذهاب إلى سوريا، فقد دعيت للذهاب إلى هناك ولم أستطع في مثل هذه الظروف بسبب الحساسيات الفائقة، وقد دعيت إلى زيارة إيران، وأتمنى أن أستطيع أن أقوم بها، لكن في اللحظة الراهنة اكتفيت بالاستماع من الخليج، وأنا أعرف إيران بعض الشيء، ومن لا يتابع العصر يفقد استحقاقه للحياة، أحدهم ممكن أن يقول عني: لماذا يذهب إلى هناك وماذا سينصع ؟.
* هل كنت مسافرا لاستكشاف شيء ما؟
ـ قرأت في أحد الصحف المصرية نقلاً عن صحيفة لبنانية أني توجهت لبيروت حتى أقوم بصلح بين الأطراف المتنازعة، وأنا حتى اللحظة مصاب بالدهشة، على ما يبدو أن الصحفي اللبناني الذي صاغ هذا الخبر كان ماهرا بعض الشيء، عندما وجدني قابلت كل أطراف الدولة اللبنانية، فاعتبر أن هذا ليس أمرا طبيعيا، فكتب الخبر، وأنا أقول إنني صحفي لا أقوم بمهمات، ثانياً لبنان لم يقف كل أطرافه على حافة الحرب الأهلية التي جربوها وذاقوا ويلاتها، وبالتالي هم يعرفون كل شيء ويعرفون النقطة التي يجب أن يقفوا أمامها ولا يتجاوزوها، وهم أدرى بمصلحتهم من أي أحد آخر، ثالثاً من يقوم بالوساطة يجب أن يمنح الضمانات لكافة الأطراف، وهذا لا يكون إلا من دولة وليس أنا.
*هل التقيت السيد حسن نصر الله مرتين؟
ـ رأيته بالفعل مرتين، وحزب الله مهما كان الأمر لازال فاعلا ولاعبا رئيسيا في المنطقة، وينبغي أن يؤخذ حسابه، ورأيت كل أطراف الدولة بداية من رئيس الجهورية ومرورا برئيس البرلمان، رأيت رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، حتى أن أحدا من إخواننا القوميين غضب مني وزعل لأني قابلت السيد إميل جميل، وقال هذا خطأ، هل من المعقول أن تذهب وترى هؤلاء الذي خطوا معاهدتهم مع إسرائيل، قلت له جئت لكل لبنان وليس لفريق من لبنان وإذا دخلنا في منطقة تحديد كل شخص ماذا صنع مع إسرائيل سندخل في أمور كثيرة غير محبذة.
* أقف عند حسن نصر الله.. ماذا دار في اللقاءات والحوارات معه؟
ـ لا أحد يستطيع أن يقول أن حزب الله حزب إرهابي، حتى الأمم المتحدة نفسها لم تستطع، هذا حزب لبناني موجود في الساحة اللبنانية بطبيعة الأمور على اتصال بإيران، ولا بد من توضيح هذا المسائل، عندما يقول أحدهم إن حزب الله يتصل بإيران فهذا طبيعي ليس بالغريب، بسبب طبيعة الشيعة وبطبيعة المنطقة، هذا مقبول، هل أستطيع مثلاً أن أقول إنه لا يوجد أحد في المسجد الأموي بسوريا ليس له علاقة مع الأزهر، عندما يتحدث شيعة لبنان عن العتبات المقدسة فهذه أمور في سياقها، نحن نحتاج أن ننظر مجددا إلى خارطة المنطقة، وأنا أعتقد أننا الآن بحاجة إلى إطلالة من هذا النوع، حسن نصر الله شخص موجود أمام إسرائيل وفي الساحة اللبنانية، وقد نقل لي رسالة على سبيل المثال عن لسان مرشد الثورة الإيرانية، وأنا أجد أن معرفته وجوده على الساحة أو حتى مخابراته وجودها بهذا التشعب يجعله مركز معلومات في غاية الأهمية.
* ماذا كان مضمون هذه الرسالة؟
ـ مضمونها كان أمران، أولهما دعوة إلى زيارة إيران، والشيء الثاني هو محاولة فهم الموقف الإيراني بشكل أكبر والموقف اللبناني بشكل أكبر والموقف الشيعي أيضاً بشكل أكبر، لأن المنطقة في اعتقادي يزج بها إلى صراعات لا لزوم لها، هناك تنوع أكبر من هذا في المنطقة، وأنا كنت أقول دائما إن هناك ميزة التنوع الإنساني والفكري والديني والطائفي في المنطقة، وأنه إما أن نجعله لوحة قابلة للانسجام مع بعضها البعض أو نحوله بأكمله إلى عناصر متنافرة.
* كيف يرى نصر الله مستقبل سوريا ومستقبل الأسد؟
ـ هو لايملك أن يرى مستقبل سوريا أو أن يحدده، لكنه يملك أن يتابع وأن يتدخل عند اللزوم .
*مثل تدخله في القصير؟
ـ أنا أعتقد أنه كان يجب أن يتدخل في القصير لأنه كان في موضع الدفاع عن النفس، الخطة الموضوعة وقتها ليست سرية بل كانت معلنة، أن الأمريكان أو غيرهم يتحدث عن إيران لأنها المركز الرئيسي في الموضوع، بدءا من سوريا ومروا بحزب الله، ثم تأتي إلى مصيبة العالم العربي عندما قسمناه إلى سنة وشيعة وبالتالي علينا أن ندرك كل هذه الملابسات، ولايمكن أن تبقى الأمور على هذا الشكل لأننا على وشك الانهيار، إما أن تقف وإما تقع.
*هل 2014 سنة تحديد المصير أيضا بالنسبة لحزب الله؟
ـ أعتقد أن 2014 سنة مصير لكل الناس، وهذا ليس معناه أن يخرج أو يغادر أو ينتهي حزب الله، لكن أقصد بها أنها ستتحدد بها قيمة فعله، مثلا أنا أعتقد الآن قيمة حزب الله عفي مساندة سوريا تأكدت، ومثال ذلك أنه عندما نتحدث عن حل سلمي في سوريا يجمع كل الأطراف في ذات الوقت تلمسين تيار التصعيد، لأن كل طرف في هذا الوقت يعتقد أنه بشكل أو بآخر يحسن من موقفه التفاوضي قبل ذهابه إلى جنيف، إذا كان هناك "جنيف 2"، وبالتالي أنا أعتقد أن حزب الله سواء في القصير أو مابعدها أحدث تغييرا رئيسيا على الأرض.
*هل بدى لك حسن نصر الله أكثر قوة الآن بعد القصير وبعد استبعاد الضربة العسكرية الأمريكية لسوريا؟
ـ أنا مستعد أن أقول إنه بدى أكثر حذرا، لا يوجد أي أحد في العالم العربي يعتبر الأكثر قوة، لا يوجد أحد لديه القدرة على أخذ زمام الأمور، وأن يبدأ بالهجوم، كلنا نعمل في خط الدفاع بعد كل هذه التطورات، والدفاع في بعض الأحيان يكون له قوة الهجوم، وهذه نظرية عبد المنعم رياض في حرب الاستنزاف في أكتوبر، صحيح لم يكن موجودا وقتها لكنها كانت نظريته، والتي تنص على أنه إذا كنت تقدر أن تدافع بكفاءة فأنت تستطيع استنزاف خصومك، كلنا على خط الدفاع لكن قدرة كل طرف تتوقف على مقدار ثباته ومقدرته على استنزاف العدو أو الطرف الآخر، وهذا ما يزيد من قوته بالضرورة.
أخبار متعلقة :