كتب : محمد عبدالجليل منذ 53 دقيقة
جاء ماراثون الدراما الرمضانية هذا العام ليقدم تنوعاً كبيراً على مستوى الكتابة، سواء من ناحية الموضوعات التى تم تناولها أو على مستوى أجيال الكُتاب الذين صاغوا هذه الأعمال، ورغم تفاوت التقييم النقدى فإن الجميع تقريباً أجمعوا على أنه أكثر المواسم الدرامية ثراء على مستوى الكتابة.
يقول السيناريست بشير الديك: من خلال مشاهدتى المحدودة لاحظت أن هناك عددا من الأعمال لكتاب شباب حاولوا الخروج من التابوهات والأشكال المتعارف عليها، وهناك حالة من الطموح الفنى المنعكسة على بعض السيناريوهات التى تبنت العديد من المشاهد غير المألوفة والبعيدة عن النمطية بشكل أكثر واقعية، وبدا ذلك واضحاً فى «ذات»؛ حيث كان به توفيق شديد فى التعامل مع مفردات الحياة اليومية، رغم أن أحداثه تدور فى حقب زمنية سابقة، كذلك «الداعية» كانت به جرأة فى التعامل مع نموذج الداعية الإسلامى بشكل غير مسبوق فى الدراما، أما «آسيا» فهو حالة خاصة على مستوى الكتابة؛ فقد حطم كل القواعد المتعارف عليها، وبدا أشبه بسيمفونية متميزة ويحتوى على حوار غير تقليدى، وهناك أيضاً «اسم مؤقت» الذى كُتب بطريقة سينمائية قد لا تصلح لمشاهدى الدراما الرمضانية؛ لأنه يعتمد فى بنائه على طريقة سرد للأحداث تتطلب حالة انتباه شديدة من المتفرجين وهى الأقرب لجمهور السينما عن جمهور الدراما».
ويتحدث السيناريست كرم النجار قائلاً: لفت نظرى «آسيا»؛ لأنه يقدم طرحا جديدا للدراما ويحمل تغييرا واضحا فى مسارها؛ حيث يقدم كاتبه عباس أبوالحسن عملا لا يعتمد على التركيبة العادية ويغوص داخل النفس البشرية بطريقة جديدة، وقدم عددا من المشاهد على درجة عالية من التميز، لدرجة أن بعضها كان يصلح لأن يكون «one act play» مستقلا بذاته، أما «بدون ذكر أسماء» فهو من الأعمال الجيدة جداً، ويحمل ضمان الجودة بحوار وحيد حامد وذكاء انتقائه للشخصيات وتفاصيلها. أيضا «الداعية» أهم عمل تناول تلك الشخصية بهذه الجرأة، ويتميز فيه بشكل كبير مدحت العدل من خلال اختياره لنموذج مختلف ومتميز لتلك الشخصية الدرامية، أما «الشك» فهو عمل غريب جداً وملىء بالأحداث غير المبررة وشديدة السذاجة، وتركيبته ليس بها منطق متحد ومليئة بالمفاجآت الميلودرامية، وإن كنت لا أعتقد أنه الأسوأ فى السيناريوهات المكتوبة لأنى لم أتابعها كلها.
وأخيراً يتحدث الكاتب عاطف بشاى قائلاً: هناك أكثر من ملحوظة على مستوى الكتابة فى دراما رمضان هذا العام، منها الاتجاه الواضح لصناع الدراما للاستعانة بالكتاب الشباب، وهى ظاهرة كانت قد بدأت بشكل جزئى العام الماضى وتم تدعيمها هذا العام، كما أن الدراما المصرية نجحت هذا العام بشكل ملحوظ فى التخلص من كثير من الآفات التى كانت تمتلئ بها مثل موضوعات «الميلودراما» الفجة والقصص العاطفية اللزجة والحكايات التى لا تحمل أبعاداً إنسانية واضحة، وبدا ظاهراً فى دراما هذا العام النضج فى الموضوعات التى يتم تناولها والجرأة فى التعرض للقضايا السياسية ومفرداتها، أما الملحوظة السلبية فتتعلق بتدنى مستوى الحوار لدى بعض المؤلفين الشباب، الذين عليهم أن يدركوا أن نقل الواقع عبر الفن لا بد أن يتسم بالجمالية، أما أفضل عملين قُدما هذا العام من واقع متابعاتى التى لم تشمل كل المسلسلات فهما «ذات» و«موجة حارة»؛ حيث اعتمد الأول على رؤية دقيقة لتفاصيل الطبقة المتوسطة وتحولاتها عبر فترة زمنية حساسة فى المجتمع المصرى، ونجحت فى ذلك الكاتبة مريم ناعوم بشكل مميز ولافت، وهو الأمر الذى تكرر معها أيضاً فى «موجة حارة» حين استعانت بأربعة كتاب شباب ليشاركوها فى كتابة الحوار، وقدموا عملاً مميزاً جداً على مستوى السيناريو والحوار باستثناء حلقتين كنت أتمنى ألا توجدا من الأساس؛ حيث حملتا الخط الخاص بالضابط الذى تخونه زوجته وتنتحر بعدها بشكل بدا أقرب إلى الميلودراما ولم يتناسب مع سياق المسلسل، أما أسوأ عملين من وجهة نظرى على مستوى الكتابة فهما: «مزاج الخير» و«الزوجة الثانية»؛ حيث قدم الأول نموذجا لمسلسلات الميلودراما الفجة التى لا تعالج مشاكل الواقع ويبدو وكأن صناعها منفصلون تماماً عنه، وكذلك «الزوجة الثانية» الذى بدا وكأنه استنساخ باهت من الفيلم ولم يقدم كاتبه رؤية جديدة تدفعه لتقديم شىء متميز على مستوى المعالجة.