كتب : نجلاء أبوالنجا الإثنين 05-08-2013 11:16
تحدٍّ كبير خاضه هانى سلامة بتجسيد شخصية داعية إسلامى متشدد فى مسلسل «الداعية» فى وقت كان الإخوان والتيارات الدينية يحكمون فيه سيطرتهم على كل شىء.. ومع ذلك تحمست أسرة المسلسل، وحقق العمل نجاحا غير متوقع لأنه صحح صورة الدين التى شوَّهها الدعاة والشيوخ على القنوات المتزمتة لدرجة أدخلت بعضهم السجون.
«هانى» تحدث فى حواره مع «الوطن» عن تجربة المسلسل ورد فعل الجمهور غير المتوقع. وسر تأخره عن الدراما كل هذا الوقت ورأيه فى ظاهرة الدعاة وكيف تغير الفن بعد الثورة وأصبح له دور تنويرى.
* ترددت كثيرا قبل دخول الدراما.. فما السبب فى حسم موقفك مؤخرا باختيارك مسلسل «الداعية»؟
- لم أكن مؤهلا نفسيا لوقت طويل لأدخل الدراما، كما أننى لم أجد عملا يجذبنى أو شخصية تستفزنى لخوض الدراما خاصة أن المسلسل دراما طويلة لا بد أن تقدم بعناية ويكون فيها شىء مختلف، وعموما «كل تأخيرة وفيها خيرة»، كما يقولون.. حتى وجدت مسلسل «الداعية» وشخصية يوسف عبدالحكيم، الذى أعتبره مسلسلا يدخل فى منطقة شائكة جدا وهذا هو أنسب وقت لتقديمه لأنه مسلسل تنويرى ونحن فى أمس الحاجة لتقديم الفن التنويرى فى هذه المرحلة.
* صرحت بأن هناك علاقة بين الثورة وبين تغير اختياراتك الفنية بهذا الشكل فما معنى هذا؟
- بالتأكيد كلنا تغيرنا بعد ثورة يناير بشكل كبير جدا وكلنا تأثرنا بالأحداث التى كانت محكا حقيقيا فى حياتنا فكل ما عشناه مرحلة وبعد الثورة مرحلة أخرى، تشبه فى الدراما الحدث الرئيسى أو الذروة الدرامية التى تقلب وتكشف الشخصيات والأحداث.. وقد اكتشفنا جميعا بعد الثورة أننا لم نكن نعرف بعضنا ولا أنفسنا وأننا نعيش فى حالة خلل وكانت الثورة فرصة لنكتشف حقائق لم تخطر على بالنا ونرى فئات كانت مختفية وراء ستار.. كل هذا أزاحته الثورة وكشفته وأصبحنا نرى بعضنا بكل وضوح ونستطيع رؤية بعضنا.. وهذا أثر جدا فى فكرة اختياراتى لأن الفن الآن لم يعد ترفيها أو أدوارا تستفزنى فنيا بل لا بد أن يتفاعل الفن مع الواقع ويقوم بدوره التنويرى الذى يكشف الغشاوة والعبث الموجود فى الواقع حاليا حتى لو لم يتم تقديم حلول لكن يجب طرح القضايا بشكل واضح وصريح حتى يراه الناس ولا نترك فرصة للتشويش على عقول الشعب.. وهذا أيضاً دور الإعلام ولهذا أقول إن فن وإعلام ما بعد الثورة يختلفان كليا عما قبل الثورة.
الفن الآن مهمته الأولى التنوير وكشف الحقائق لأننا فى مرحلة خطيرة جداً
* مغامرة تقديم مسلسل ينتقد الدعاة فى عهد الإخوان كيف كانت بالنسبة لك ولأسرة المسلسل؟
- كنا ندرك جيدا أننا نقدم موضوعا شائكا وقد يجلب علينا الكثير من المخاطر لكن القرارات فى النهاية لا تخضع للخوف بل لمدى الاقتناع بما نقدمه وقد كنا شديدى الاقتناع بالفكرة ونراها فى وقتها ومن الشجاعة أن نعالج أزمة وهى قائمة وليس بعدها مهما كانت العواقب ولهذا كان الموضوع شديد العمق بالنسبة لنا جميعا وسيطرت روح من الصدق والإيمان بما نفعله فخرج المسلسل بهذه الصورة.
* هل كنت تتوقع رد فعل الناس الإيجابى ناحية المسلسل رغم جدية الموضوع ومع المنافسة الشديدة مع نجوم الدراما؟
- لم أكن أفكر فى ردود فعل الناس بعد عرض المسلسل فقط كنت مهتما بما أفعله وكذلك كل أسرة المسلسل وكنت أدرك أيضاً أن العمل مهم وسيطرح فى توقيت مهم.. لكن نجاح المسلسل رغم المنافسة وحساسية الموضوع كان مفاجأة لنا جميعا فقد كان أكثر مما توقعنا. وأعتقد أن الله يجزى على النيات والاجتهاد وهذا ما حدث مع «الداعية» ونجاحه هو نفحة من الله تكافئنا على اجتهادنا ونيتنا الصادقة.
* أحدثت انقلابا على الأدوار الرومانسية والجريئة بدور الداعية الإسلامى.. ألم تخشَ من عواقب النقلة المفاجئة عند الجمهور؟
- بالفعل، النقلة مفاجئة وشبه انقلاب.. وكثيرون حذرونى وقالوا لى «معقول تعمل داعية بعد أدوارك فى السينما والشقاوة؟» ولكنى صممت على التحدى واستفزنى جدا أن أغير الإطار الذى نجحت فيه فى السينما طوال سنوات.. وبصراحة أكثر عملت بالمثل الشعبى القائل «يا صابت يا خابت»، «ويا صابت يا اتنين عور»، خاصة أن احتمال الفشل فى هذا الدور سيؤثر سلبا فى مشوارى فى السينما لكنى قبلت التحدى رغم كل شىء، «وربنا ادانى على قد نيتى» لأنى كنت مقتنعا ومؤمنا ونيتى حسنة.
* الهدوء والورع والشكل الذى سيطر عليك فى شخصية الداعية.. هل حاولت تقمصه بمتابعة دعاة حقيقيين مثل عمرو خالد ومعز مسعود؟
- لم أتابع أو أتأثر بأى شخصية حقيقية لأى من الدعاة الشباب على الشاشة أو المشاهير حتى لا يكون الأداء تقليدا أو تقمصا لأى شخص.. لا، يوسف لا يشبه أى داعية موجود على الساحة لذلك ركزت فى الدور وتركت إحساسى يقودنى نحو الأداء بدون تقمص أى شخص وهذه هى طريقتى فى الأداء فى كل أعمالى.. وقد كتب السيناريست مدحت العدل شخصية يوسف بشكل محدد وواضح كشخصية درامية لذلك كان علىّ التركيز فى أدائها وليس محاكاة شخصيات أخرى أو تقليدها.
* هناك تحول 180 درجة حدث للداعية من التشدد إلى المرونة بعد أن مر بقصة حب.. هل ترى هذا منطقيا؟
- مبدئيا، «يوسف» لم يكن متشددا مائة فى المائة بل كانت لديه تحفظات لكنه شخصية طبيعية يتطرف مع نفسه وأهله لكنه لم يصل إلى تكفير الناس أو اتهامهم ومحاربتهم لمجرد اختلافهم معه.. وهذا ما يجب أن يكون عليه الداعية فهو يدعو الناس للدين بالحسنى لكنه ليس مسئولا عن حسابهم أو تكفيرهم، بعكس كثير من الدعاة المتشددين الذين أثاروا المشاكل مؤخرا.. وبالنسبة لـ«يوسف» فهو شخص لديه نية التغير إلى حد كبير، بدليل أنه قال أكثر من مرة إنه سيوقف البرنامج لأنه محتاج وقفة مع النفس وهذا يعنى استعداده للتغيير سواء عن طريق الحب أو أى سبب آخر.. لكن السبب الدرامى هنا هو الحب.. ولهذا فالشخصية تحولها ليس 180 درجة من التشدد للمرونة بالعكس هو وسطى متطرف نوعا ما، والحب أعاده إلى الوسطية الطبيعية. ونستطيع القول إن «يوسف» شخصية قد نختلف معها لكننا نحترمها لأنها قابلة للإصلاح.
* وما الفائدة التى ترى أن المسلسل قدمها للناس؟
- المسلسل كشف الستار عن الدور الحقيقى للداعية وهو الوسطية والدعوة بالحسنى وعدم التزمت أو محاسبة الناس وتكفيرهم.. و«يوسف» هو المثال الصحيح للداعية لأنه يحترم الآخرين ولم يتطاول فعلا أو لفظا على أى شخص.. والرسول (عليه أفضل الصلاة والسلام) كان يدعو الناس بالحسنى ولم يكفر أحدا.
انتقاد الدعاة فى عز زمن الإخوان كان مخاطرة لكننا لم نَخَف العواقب
* ألا تعتبرها مغامرة أن تعمل مع محمد العدل وهو مخرج جديد فى أول تجربة تليفزيونية لك؟
- بعد موافقتى على المسلسل جلست مع ماندو العدل -أو محمد- وتحدثنا كثيرا وكان ذلك فى بيت المؤلف مدحت العدل ووجدت «ماندو» له رؤية خاصة وأبهرنى بصورة سينمائية فى الحكى والتنفيذ، وهذا جعلنى أشعر بارتياح كبير لأن المخرج الذى يمتلك هذا التصور بالتأكيد سيقدم عملا مميزا، وعند التصوير وجدته شديد الاحتراف فى إدارة موقع التصوير واستخدام كل أدواته كما أنه يستطيع التعامل فنيا مع الممثلين وتوصيل الإحساس بالشخصية لهم وهذا انعكس على الجميع فخرج كل الممثلين بشكل جيد وأعتقد أن محمد العدل يبدأ مشواره الفنى بقوة كمخرج مميز..
* المنافسة فى رمضان كانت قوية جدا فكيف تفسر ارتفاع مستوى الدراما هذا العام رغم سوء الأحوال السياسية والإنتاجية؟
- أعتقد أن الإبداع كان فى تحدٍّ كبير جدا، والجميع اجتهد بطريقته للحفاظ على الهوية الفنية فخرجت الأعمال شديدة الجودة والإتقان وتطورت بشكل كبير وهذا كله فى صالح المُشاهد، وأحب التأكيد على ضرورة دور الفن حاليا لأننا فى محك ضخم جدا ولا بد من التركيز على الموضوعات المهمة لأننا نعيد بناء البلد من أول السطر كما يقولون.. لهذا يجب أن نحرص على الاختيار ليقوم الفن بتعليم الناس وكشف الحقيقة أمامهم وتنويرهم بالإضافة للدور الترفيهى طبعا للفن لكننا أثناء الاستقرار قدمنا كل أنواع الفنون والترفيه لهذا يجب أن نعبر تلك الفترة ويكون للفن دور تنويرى مع الإعلام وسط العبث والغشاوة التى نعيشها.
* يبدو أنك تغيرت بشكل جذرى بعد الثورة للدرجة التى قلبت معايير اختياراتك الإنسانية والنفسية؟
- لن أنكر أننى تغيرت جدا بعد الثورة فمن المستحيل أن أظل كما أنا بعد كل ما عشناه.. كلنا أصبحنا نشعر بالمسئولية ناحية البلد ومستقبلها وتغيرت وجهة نظرنا فى الحياة لكن الأهم أننا شعرنا بقيمة هذا الشعب وأننا قادرون على التغيير ومن أقوى شعوب العالم إن لم نكن الأقوى على الإطلاق.. وحجم التغيرات التى حدثت بحياتنا هى تاريخ حى عشناه ولم نكن نتخيل أن نصنعه بهذا الشكل.
* وأخيراً.. كيف ترى دخول نجوم السينما لعالم الدراما وهل له علاقة بالأزمة السينمائية؟
- لا يمكن إنكار أن السينما تمر بمرحلة عصيبة وبوضع شديد السوء ولست ضد أن يدخل نجم السينما لعالم الدراما وليس المهم هو الوسيط سواء السينما أو التليفزيون ولكن الأهم هو الدور والعمل وماذا سيقدم النجم وهل سيضيف له وللجمهور أم لا.