كتب : سماح عبدالعاطى منذ 43 دقيقة
«هأو.. هأأأأو» يرقص «سمورة» على إيقاع النغمات المتسارعة، يتوقف قليلاً وينظر إلى الأسفل قبل أن يسأل بشغف: «فطوطة إيه رأيك؟»، يظهر «فطوطة» أو النسخة المصغرة من سمورة، مضافاً إليها باروكة الشعر المنكوشة والبذلة الخضراء المميزة، تحتها بابيون كبير للغاية، فيما القدمان تستكينان داخل الحذاء الأصفر الضخم، يفتح «فطوطة» فمه فلا يخرج إلا صوت رفيع وحاد جداً يرد به على سمورة «احذر تعيدها تانى أنا باحذر.. الزم حدودك قد أعذر»، يستعطفه «سمورة»: «سماح ده أنا كنت باهزر».
يتواصل الغناء الممزوج بحركات استعراضية، يدور الفنان سمير غانم فى الفراغ، وهو يرتدى ملابسه المزركشة، يضع كل مواهبه الفنية كممثل كوميدى يؤدى حركات راقصة فى خدمة فوازير رمضان التى كتبها الشاعر الغنائى عبدالرحمن شوقى، يؤدى الشخصيتين «سمورة» الرجل العادى ذو الحجم الطبيعى، و«فطوطة» الرجل الصغير الذى يرتدى ملابس أكبر منه حجماً، ولا يتحدث إلا بصوت أقرب إلى أصوات الأطفال، تمتزج الشخصيتان فى دراما موسيقية قصيرة تعرض على شاشة التليفزيون المصرى فى رمضان من كل عام تحت مسمى «الفوازير».
لم تكن «فوازير فطوطة» هى العمل الأول للفنان سمير غانم فى دنيا الفوازير، فقد شارك من قبل زميليه الضيف أحمد وجورج سيدهم أعضاء فريق «ثلاثى أضواء المسرح» تقديم الفوازير على شاشة التليفزيون، ثم تبعتهم الفنانة نيللى إلى أن توقفت برحيل صلاح جاهين الذى كان يكتب لها الفوازير، وجد غانم الطريق مفتوحاً فسارع بنقل قدمه.
ممثل معروف هو منذ أن اتخذ من التمثيل حرفة، قبلها كان قد أنهى دراسته فى كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية فى أواخر الخمسينات من القرن الماضى، كثانى تجربة له بعد محاولة فاشلة فى كلية الشرطة التى أُخرج منها، ولعله سعد بهذا الإخراج، إذ شعر بالحرية، فأعطى ظهره لكلية التجارة التى كان قد التحق بها فعلاً، مولياً وجهه شطر عالم الفن.
إلى السينما التى تلقفته وزميليه اللذين شكلا معه «ثلاثى أضواء المسرح»، برع الثلاثة وقتها فى تقديم اسكتشات كوميدية خفيفة، كان أشهرها «دكتور الحقنى»، و«عودة الندل»، وكوتوموتو»، شاركوا بأغانيهم الخفيفة كبار نجوم عصرهم، نجحوا وحققوا شهرة كبيرة فتحت لهم باب المسرح ليقدموا مسرحيات «طبيخ الملايكة»، و«حواديت»، إلى أن انفرط عقد الفريق بوفاة الضيف أحمد عام 1970 تاركاً زميليه يحاولان استكمال المشوار وحدهما.
تعثر ما تبقى من الفريق كما هو متوقع، ذهب كل منهما لحال سبيله، بدا سمير كما لو كان يخطو أولى خطواته، ألزم نفسه بأن يعمل وحده، فراح يختار أدواره فى السينما والمسرح، وعندما عرضت عليه الفوازير رحب بها على الفور، وحققت شخصية «فطوطة» التى أبدعها المخرج الراحل فهمى عبدالحميد نجاحاً كبيراً خاصة بعد أن أضاف إليه «سمير» لمساته، فظلت حية حتى الآن فى ذاكرة الجماهير التى فتنت بها.