يحلوا لأبناء محافظة الدقهلية أن يفخروا بأن محافظتهم هى موطن العُظماء والمُبدعين ـ من على مُبارك، إلى أحمد لطفى السيد باشا، إلى أم كلثوم، إلى الشيخ متولى الشعراوى، إلى د. محمد غُنيم، رائد طب الكلى فى العالم، إلى الصحفى الكبير أنيس منصور.. وغيرهم كثيرون.
كما يفخر أبناء الدقهلية بأنهم يشيّدون المؤسسات بجهودهم الذاتية، ولا ينتظرون الدولة، التى يقولون عنها إن يومها أطول من سنة كاملة! ومن ذلك أنهم شيّدوا حديثاً معهداً متطوراً لأمراض الكبد فى ريف مركز شربين بمحافظة الدقهلية، ويُديره الطبيب المُقتدر جمال شيحة. وكم أسعدنى لقاء عدد من الأطباء الأجانب والعرب الذين جاءوا للتدريب أو العمل فى هذا المركز.
ولا يكف أبناء المحافظة عن انتقاد البعض من ذويهم لتقصيرهم فى زيارتها أو التبرع للمشروعات التطوعية التى يُبادرون بها. ولأننى أتلقى نصيبى من هذا النقد، فإننى أحرص الآن على زيارة ما أستطع زيارته من مؤسساتها. ومن ذلك مركز أمراض الكبد الذى شُيّد بالجهود الذاتية فى قرية شربين. وقد أصبح معهداً عالمياً، يُضارع مثيله فى ولاية تكساس الأمريكية، والذى كان قد أنشأه الأمريكى ـ اللبنانى توما ديبكة قبل ثلاثين عاماً، وكذلك مركز القلب الذى شيّده الطبيب المصرى الموهوب د. مجدى يعقوب فى لندن.
وفى كل زيارة للمنصورة لا بد أن أتوقف فى مكتبتها العتيدة، للحديث إلى مديرتها القديرة الحسناء نبيلة عبدالنبى، التى جعلت من المكتبة قصراً آخر للثقافة، أسوة بما فعله الدكتور إسماعيل سراج الدين فى مكتبة الإسكندرية. ويُعد لى عدد من نشطاء الدقهلية، منهم المستشار رمضان السعيد، ومُدرس اللغة الفرنسية النابه على عبدالحافظ، والسياسى المُخضرم ممدوح فودة، رئيس نادى الحوار، أقدم نوادى الدقهلية، برامج زيارات حافلة، منها فى الزيارة الأخيرة (23/10/2013) التقيت برئيس جامعتها العظيمة د. السيد عبدالخالق، الذى أعطانى شرحاً وافياً عن الجامعة وكلياتها ومشكلاتها، وإنجازاتها، التى وضعتها ضمن أفضل عشر جامعات عربية، وضمن أهم خمسمائة جامعة على مستوى العالم.
ولا شك أن المركز العالمى لأمراض الكلى، الذى ارتبط باسم طبيبنا النابغ د.محمد غُنيم، قد ساهم فى هذا الترتيب المُتقدم لجامعة المنصورة، عربياً وعالمياً. ولكن ما لا يعرفه معظم المصريين خارج الدقهلية، هو أن جامعتها تضم أحد عشر مركزاً مُتخصصاً فى فروع المعرفة المختلفة، وأن كلاً منها أصبح بدوره ذات سُمعة عالمية مرموقة، لا تقل عن المركز الذى ارتبط باسم د. محمد غُنيم.
وقد حرص رئيس الجامعة، د. سيد عبدالخالق، ابن قرية بخير، أن يدعو رؤساء هذه المراكز، لكى أقابلهم وأسمع منهم مُباشرة.. وهو ما أسعدنى كثيراً.. وجعلنى أسترجع مع كل اسم منهم، القول المُحبب للمصريين، وهو أن مصر، فعلاً، ولاّدة!، خاصة أن مدير كل من هذه المراكز، هو أحد أبناء قُرى الدقهلية الذى أتيحت له فُرصة استكمال تعليمه فى إحدى الجامعات الأوروبية أو الأمريكية. وبمعنى من المعانى، فإن كلاً منهم أعاد إلى ذاكرتى رحلة رفاعة رافع الطهطاوى، الذى كان قد انحدر بدوره من إحدى قُرى مركز طهطا، بصعيد مصر، ثم تعلم فى الأزهر الشريف، واختاره محمد على باشا الكبير، إماماً مُرافقاً، لطلبة أول بعثة تعليمية أرسلها إلى فرنسا. فانتهز الطهطاوى الفُرصة ودرس مع الطلبة التاريخ واللغة الفرنسية. وحين عاد إلى مصر، أوكل له محمد على باشا كلية الألسن لترجمة آخر ما توصلت إليه البشرية فى مختلف المعارف فى ذلك الوقت.
ومن آخر الإنجازات الرائدة لجامعة المنصورة، العتيدة، المايكروسكوب الإلكترونى، وهو الأول من نوعه فى مصر، الذى تم شراؤه من تبرعات أهالى المنصورة، تقديراً وإعجاباً بريادتها فى الطب والهندسة.
والأكثر إعجاباً بجامعة المنصورة وأهلنا فى الدقهلية هو كرمهم الحاتمى فى دعم جامعتهم بتبرعاتهم، والتى تتجاوز ما ترصده لها الحكومة فى القاهرة. ولكن الأكثر مرارة، هو أن وزير مالية حكومة حازم الببلاوى، الصديق أحمد جلال، يُصر على فرض ضرائب مُجحفة على هذه التبرعات، أو يُصر على اقتسامها مع الجامعة، فيلتهم ثلثها، وتثبط همة المُتبرعين مُستقبلاً، سواء من الأهالى أو طلبة الجامعة نفسها.
لذلك أوجّه نداء من طلبة وأساتذة جامعة المنصورة لحكومة الببلاوى، وللوزير أحمد جلال، وزير المالية، أن يُراجعوا القرار الخاص بفرض ضرائب على تبرعات مواطنى الدقهلية لجامعتهم، أو اقتسام هذه التبرعات مع الجامعة. وإذا كان هناك قانون بهذا المعنى، فبالقطع هو قانون غبى، والذين صاغوه لا يقلون غباء. فإذا لم تكن الحكومة رحيمة، فلتترك رحمة الله، ورحمة أهالى المنصورة، تنزل على جامعتها العتيدة.
ولتكن هذه فرصة لرئيس الوزراء ولوزير ماليته أن يقوما بعمل يُكفّر عن سيئاتهم. ولتكن تلك بداية أن ترفع الحكومة يدها عن جامعة المنصورة، حتى تواصل إنجازاتها المُبهرة.
وعلى الله قصد السبيل.
أخبار متعلقة :