شاهدت، أمس الأول، الاثنين، الفيلم المصرى «فرش وغطا» إخراج أحمد عبدالله السيد، فى العرض الخاص قبل يوم واحد فقط من العرض العام الذى يبدأ اليوم، وكنت قد شاهدت نسخة عمل من الفيلم منذ ما يقرب من سنة كاملة على شاشة صغيرة، ولكن الأفلام لا تشاهد إلا على الشاشة الكبيرة، وبعد المونتاج النهائى.
هذا هو الفيلم الروائى الطويل الثالث لمخرجه الذى يعتبر من أعلام السينما المصرية المستقلة، بعد «هليوبوليس» 2010، و«ميكروفون» 2011، وفى كل فيلم من أفلامه يخوض أحمد عبدالله السيد تجربة فنية جديدة وشائقة، ويحقق المزيد من النضج فى التعبير عن رؤيته للواقع المصرى والحياة والعالم بأسلوب خاص ومتميز بجماله، ويردف بامتياز إلى سينما ما بعد الحداثة فى العالم، ولكنه فى «فرش وغطا» يصل إلى ذروته الأولى فى مسيرته الفنية، ويصنع أحد أهم الأفلام فى تاريخ السينما المصرية، ويقف بقوة وثبات إلى جوار كبار مبدعيها.
كان أحمد عبدالله السيد من السينمائيين الذين شاركوا فى صنع ثورة 25 يناير، وقاموا بتسجيل أحداثها فى عشرات الساعات من الوثائق المصورة بكاميرات الديجيتال والموبايل، ولذلك فلا غرابة أن يكون أول أفلامه بعد الثورة عن هذه الثورة التى لم يصبح العالم العربى والدنيا كلها بعدها كما كانا قبلها، ومن شارك فى الثورة ليس مثل من كان متفرجاً عليها، ومن يوثق لأحداثها، وهى لاتزال تتلاحق، ولم تصل إلى الفصل الأخير، ليس مثل من يعبر عن أبعادها الأعمق كما فى «فرش وغطا»، فالهدف من الثورة تغيير الواقع، والفيلم عن الواقع الذى أدى إلى الثورة حتى يتغير من واقع سكان الأحياء الفقيرة فى القاهرة وسكان المقابر إلى واقع حياة الزبالين فى حى المقطم، وأغلبهم من الأقباط، ولكنه ليس فيلماً واقعياً من حيث الأسلوب، وإنما يتجاوز الواقعية، بل يمكن اعتباره صوفياً على نحو ما.
الثورة تعنى تغيير كل شىء، وعلى نحو جذرى، والثورة فى السينما أن يُصنع فيلم مثل «فرش وغطا»، والثورة المضادة تقاوم التغيير فى كل المجالات أيضاً، والثورة المضادة فى السينما ألا يتمكن «فرش وغطا» إلا من العرض لمدة أسبوع واحد فقط، ويحتاج الناقد إلى صفحة كاملة من الجريدة لتحليل الفيلم، وما هذه السطور سوى دعوة لمشاهدته قبل أن ينتهى أسبوع الثورة المضادة لمحاصرته.