عبدالرحمن سالم -الفيوم-
بقلم : محمد طارق محمد
"اربعون عاما من الفخر"
لقد مر من الأعوام اربعون عاما على نصر أكتوبر المجيد , مرت بحلوها ومرها تغير العالم وتغيرت دول وتغير زعماء , لكن حرب أكتوبر ظلت إعجازا حير الدنيا بأسرها , ووقفت حضارات ودول عظمى بكبار قادتها وزعمائها وساستها تقتلهم دهشتهم , ويخلع قلوبهم مشهد الطوفان المصرى الذى جرف عدوه فلم يبق له أثرا . لقد كان عدوان إسرائيل الخسيس عام 1967 اشبه بحالة فأر دخل عرين الاسد بقدميه وكان من الجنون ان يظن الفأر انه سيغتصب جحرا داخل عرين الاسد , ولقد كان هذا الهجوم بمثابة ذلك الجنون . وكطباع الاسود الباسلة لم يرهبهم ذلك العدوان البائس اليائس , فقد رد الاسد المصرى على ذلك العدوان دون تراخٍ أو توانٍ فصنع اروع الملاحم وسطر فصل البداية فى نهاية ذلك المحتل الغاصب ولقد كانت حرب الاستنزاف التى استمرت طيلة ستة اعوام بمثابة الخطوات التى يخطوها الاسد يتخللها ذئيره وانتفاضته نحور الفأر الجبان ولقد كانت كل خطوة من هذه الخطوات بمثابة الموت المتكرر لذلك الجبان الذى يعلم ان الهلاك مدركه لا محالة , وإذا به يحصن نفسه خلف حواجز وأسوار يظن انها منيعة ولا يدرك ان هذه الحواجز والاسوار ما هى إلا حزمة قش لا يلبث ان يمحوها الاسد بمخالبه . ها هى قد جاءت لحظة الحسم و كتب الاسد فصل النهاية , ولكنها أروع نهاية لم يكن ليتخيلها اعظم مؤلفى العالم ,وقد حدث ما كان يخشاه العدو الجبان (الفأر) , وإذا بحصنه المنيع وحاجزه المتين يذهب هباءا منثورا ولم يغن عنه شيئا وصار يتلقى الضربة تلو الضربة والصفعة تلو الصفعة , وإذا السماء تصب عليه نيرانها , والأرض تبتلعه فى جوفها , والطوفان يدفعه إلى الهوة السحيقة . لقد ضرب جنودنا أروع الامثلة فى التضحية والفداء من أجل الوطن , وقد رويت هذه الارض من دمائهم العطرة , فصارت لعنة على كل غادر غاصب , وبردا وسلاما على كل مصرى أبى . لقد غير نصر أكتوبر معالم الشرق والغرب وموازين القوى العالمية , وأثبت بالدليل القاطع أن المقاتل المصرى هو من يخلق الاساطير , ويصنع المعجزات , تتحطم على صخرته غطرسة الاعداء وتكبر المستعمرين . وإنه لمن الفخر لكل مصرى بل لكل عربى أنه ينتمى إلى أمة يحميها المصريون , ومن المدهش انك عندما تنظر إلى نصر أكتوبر 1973 ستجد أنه حطم تلك القاعدة الفيزيائية التى تقول (( أن لكل فعل رد فعل مساوٍ له فى المقدار ومضاد له فى الإتجاه )) فإذا كان انتصار أكتوبر رداَ لهزيمة 1967 فإنه كان رد فعل أقوى أضعافا وأضعافا من العدوان الخسيس , وإذا كان فعلا أخذنا به زمام المبادئة فقد كان الفعل قوياَ لدرجة لم يتمكن معها العدو من الرد ولو حتى بأقل القليل .