إعداد || محمد محمود
” أنت مع مرسي إذن أنت إرهابي .. أنت مع السيسي إذن أنت إنقلابي ، أنت ضد مرسي كافر و فلول ، أنت ضد السيسي أذن أنت خائن لمصر “.. تلك هي الاتهامات التي يتداولها الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك ، تويتر) للرد على بعضهم البعض .
عدوى من نوع جديد إنتشرت أخيرًا ، في البلاد من شمالها لجنوبها ، ومن شرقها لغربها ، وهي أسوا من عدوى فيروس الإيدز و أنفلونزا الخنازير(H1N1) والطيور .. إنها عدوى قطع العلاقات الاسرية والاجتماعية بسبب الاختلافات السياسية ، والايدولوجية ، و الفكرية ، وبدأت قطع العلاقات الانسانية بين المصريين و بعضهم البعض على مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك – تويتر) ، بـالـ (BlOCK) و(UnFriend) ، وإنتشرت تلك العدوى على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب دعم محمد مرسي الرئيس المعزول أو دعم الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع ، أو معارضي الاخيرين .
وبذلك قطعت العديد من العلاقات الانسانية بين الاخوة والاصدقاء ، ولم تقتصر فقط تلك العدوى على مستخدمي الشبكة العنكبوتية ، بل إنتقلت إلى المنازل ، لتقطع علاقة الاخ بأخيه ، والوالد بولده والام بأبنتها ، وأصبح الاختلاف السياسي عداء شخصي ، وحكمة “الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية” أضبح من الاثار الكثيرة الموجودة في مصر ولا تجد من يهتم بها .
قال أحد الثوار الذي رفض ذكر أسمه ، إنه ينتمي للقوى الثورية وكان يرفض كل ما تقوم به جماعة الإخوان والجماعات الاسلامية و يقف ضدها ، على الرغم من أن زوجته تنتمي للتيار الاخير ،و هكذا والدها وأسرتها بالكامل ، مضيفا : لدرجة أن والدها أجبرها على عدم طاعتي حتى في المعاشرة الزوجية ، ويخيره بين الطلاق ونزوله إلى إعتصام رابعة لمغفرة ذنوبه –على حد تعبيره- ، لما قام به من المشاركة في المظاهرات ضد مرسي وأهله وعشيرته .
وأكد أنه رفض ذلك مما أدى إلى إبعاده عن زوجته وإبنته الصغيرة ، وتحريم إختلائه بها ووجوب وجود محرم بينهم أثناء وجوده معها وذلك بمباركة أحد قيادات الجماعة ، مؤكدا أنه لم يرى زوجته وابنته منذ ماقبل 30 يونيه .
*كيف فرقت السياسة بين الاب وأبنه ؟
فيما قال كريم الشاعر الناشط السياسي المعارض لتنظيم الإخوان ومؤيدي محمد مرسي الرئيس المعزول ، إن والده متضامن مع من يطلقون على أنفسهم مؤيدي الشرعية ، وأدى هذا إلى خلاف بيني وبينه ، وصلت إلى المقاطعة .
وتابع الشاعر ” بعد أن سقط مرسي وجماعته وأهله وعشيرته ، علمت أن والدي سينزل إلى المظاهرات المؤيدة للإخوان ، و ستقوم الاهالي و مؤيدي 30 يونيه بتفرقيهم بالقوة ، ذهبت إليه لمنعه من المشاركة في تلك المظاهرات ، حتي لا يحدث له أي مكروه .. منعني من زيارته ، قائلا لي أنت فلول وضد الاسلام ” .
إنتشرت تلك الحالة بشكل كبير بين الشباب من الجنسيين بسبب الاختلاف الفكري او التوجه او الايدلوجي ، وخاصة بين نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي الذين يعبرون عن توجههم ومواقفهم عن طريق كتابة ما يروج بخواطرهم على صفحاتهم الخاصة ، لتبدأ المناقشات السياسية التي تصل بينهم إلى توجيه الاتهامات .
* والاتهامات بإختصار هي كالتالي :
” أنت مع مرسي إذن أنت إرهابي .. أنت مع السيسي إذن أنت إنقلابي .. أنت ضد مرسي كافر و فلول .. أنت ضد السيسي أذن أنت خائن لمصر وممول “.
* نعيش في زمن الاقصاء
وقال الكاتب مصطفى سليمان أحد النشطاء السياسيين ” إننا نعيش في زمن الاقصاء” واصفا ما يحدث في الوقت الراهن بين الشباب بسبب إختلافهم في التوجه أو الفكر السياسي .
وأضاف سليمان إن الاختلاف في وجهات النظر طبيعي جداً وصحي ، ولكن ما يحدث أن الجميع يريدون أقصاء من يخالفهم الرأي ، مشيراً إلى أن السبب في ذلك هو الاعلام والنخب السياسية ، الذين يوجهون الشعب يوميًا إلى إقصاء الاخر ، وعدم قبوله ، إلى ان وصل الامر لهذا الشكل ، ويجب وقف ما أسماه بـ ” المهزلة” بأقصى سرعة .
فيما اكد أحمد محمود أن أحد الاسباب الرئيسية في هذا الانقسام الذي يشهده المجتمع “النخب السياسية” ، لانهم لا يحبون مصر أكثر من كرههم لتنظيم الاخوان أو الفلول أو المجلس العسكري أو الثوار .
وأضاف محمود إن النخب لو أنها كانت تحب مصر أكثر من كرههم من أي فصيل لمنعوا ذلك الانقسام ، وأن كل هدفهم “الكرسي” ، والشهرة .
*كيف فرقت السياسة بين الاخ وأخيه ؟
فيما قال مصطفى حسني إن ” أخي عضو بجماعة الإخوان المسلمين و ضد الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة ، و النظام الحالي وعزل مرسي ، وأنا مع موجة 30 يونيه الثورية ضد الإخوان “.
وتابع : ” أدى ذلك إلى الاختلاف بيني وبين أخي لدجة انه يرفض أن يتناقش معي ، بعد أن وصل الامر بيننا في المناقشات إلى التكفير والتخوين ، وكاد الامر ان يصل إلى الاشتباك بالايدي ” ، مضيفا ” وأخيرا مسحني من على صفحاته الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك وتويتر) ، لدرجة اني كرهت السياسة ” .
و أضاف ” في احد الايام بعد فض إعتصامي رابعة العدوية والنهضة وصلني ، انه تم القبض عليه وإتهامه بانه إرهابي يحمل أسلحة وقتل مدنيين و إقتحم منشئات عامة ” ، مؤكدًا ” أني أعرف أخي جيدًا وأعرف انه لم يحمل سلاح يومًا ، وعندما زرته في سجنه نظرت إليه وأنا محرج منه ، لكنني مازلت ضد الاخوان وبقوة ، لكن ما حدث مع أخي ليس بالعدل” .
وتساءل ” ماذا أفعل .. أخي أنا متأكد أنه بريء مما نسب إليه .. ولكني لن أقف مع الاخوان للضغط ” .
وقال مصطفى عطيه لموقع “العربية.نت”الكل هنا متأثر على المستوى الشخصي بالانقسام السياسي في الشارع المصري.
> في عام 2011، كان الشارع المصري بشكل عام موحدا في مواجهة مبارك وشرطته التي كانت تجوب الشوارع وتضرب المتظاهرين بالخرطوش.
> أما احتجاجات يوم الثلاثين من يونيو فقسمت الشارع المصري بين مؤيد لما يراه شرعية الانتخابات ومن يؤيد الاطاحة بمرسي أو على الأقل اجراء استفتاء على بقائه.
إلا أني دائما احتفظ برأيي لنفسي أمام حماي المناصر لمرسي خصوصا عندما نتابع تطورات الأحداث على التلفزيون تفاديا للحساسيات.
في نفس الوقت، أنا لا أؤيد بتاتا الاطاحة به كما حصل على يد العسكر لأني اعتبر ذلك تدخلا سافرا في حقل السياسة.
والدي وأختي يتفقان مع موقفي إلا أن أخوين آخرين لا يمانعان الاطاحة بمرسي ولا حتى أن يستلم الجيش زمام الأمور.
وتتكرر هذه الخلافات الودية منها والحادة على مواقع التواصل الاجتماعي التي تنتهي عادة في اعتذار طرف لطرف آخر،
وفي حالات قليلة تؤدي الى ازالة شخص لآخر من قائمة أصدقائه كما فعل صديق لي على موقع فيسبوك.
ونشوب الخلافات على المواقع الاجتماعية بات أمرا طبيعيا لأن هذا المواقع أصبحت مثل غرف الصالات في البيت.
أخبار متعلقة :