هم مجرد أدوات أو عرائس خشبية يحركها اللاعبون من وراء الستار، وقد كان اللاعب الأكبر متحكماً فى مسارها على المسرح، كان من رحمة ربنا بنا أن وصل الإخوان للحكم، فاكتشفناهم، وعرفنا خبيئة نفوسهم، فى البداية كان التعجب، أعقبه التساؤل، ثم أخذنا نسبر غورهم خطوة خطوة، بعد مائة يوم من حكمهم قام اليهود الصهاينة بتدنيس المسجد الأقصى، ولكن لا حياة، لم يأخذ حاكمهم موقفا يرضى الله، ولكن استمروا على ما كانوا عليه، إذ كانوا فى المعارضة الصراخ والتشنج، أما فى الغرف المغلقة فالأقداح تلتقى وتتقابل بمودة، من ذا الذى قال إن القدس عروس الإخوان، القدس لعبة من ألعيبهم العديدة والمتنوعة من أجل وصولهم للحكم، صدعوا رؤوسنا بأنهم إذا حكموا سيطبقون فينا الإسلام، فطبقوا فينا القتل والتنكيل والكذب والسرقة وخيانة الأمانة والترويع، ولايزالون يفعلون.
وأظن أننا الآن فى ختام أحد المشاهد السياسية، ليس فى مصر فحسب ولكن فى العالم بأسره، وسندخل من بعده على مشاهد جديدة، مشهد الختام الذى يظهر على شاشة العالم كله الآن، تلك الشاشة التى احتوت على كل المشاهد ولم تغفل منها شيئاً، يظهر فيه العم سام فى مقدمة الصورة، مرتديا سترته الزرقاء وقبعته الشهيرة، يربت العم سام بيده على رأس الأسد البريطانى الذى استكان قابعا بجواره، وأمامهما خريطة العالم منبسطة، وفى منطقة خلابة وآخذة من الخريطة تقع منطقة تحمل رائحة الزمن، كانوا فيما مضى يطلقون عليها «العالم القديم مهد الحضارات ومهد جميع الأديان» إلا أنها تخلت عن شموخها فأصبحت من جملة دول العالم الثالث التى لم تبلغ الحلم بعد، وحين وقعت هذه المنطقة فى أسر واحتلال «العالم الجديد»، صاحب الشعر الأصفر والعيون الزرقاء وماكينات الحضارة، إذا بهذا العالم الجديد يطلق على هذه المنطقة مهيضة الجناح «الشرق الأوسط».
كانت نظرات العم سام لهذه البقعة من الخريطة ثاقبة، وكانت نظرات الأسد البريطانى مترقبة، وكأنه ينتظر الأوامر من صاحبه، كيف سنفترس تلك البلاد؟ وكيف سنلتهم ثرواتها وكنوزها؟ يظهر العم سام وهو يمد يديه إلى الأمام وكأنه ساحر يمسك بعصاه السحرية، والعصا تخرج منها شذرات سحرية.
تقترب الصورة من منطقة الشرق الأوسط، فإذا بنا نرى تيجانا، وعروشا، وجيوشا، ومزارع، وجبالا، وأنهارا، ومناجم، ومصافى نفط، وصولجانات، وعمائم، وطرابيش، وجلابيب، ومساجد، وكنائس، ومعابد، وشيوخا، وأفندية.
تتحرك عصا العم سام السحرية، فإذا بجيوش تشتبك مع جيوش، وجيوش تتحرك صوب دول لتحتلها، وعروش تسقط، وعمائم سوداء تجلس بدلا منها على كرسى الحكم، ثم إذا بهذه العمائم تهوى بمطرقة فوق رؤوس الجلابيب البيضاء، والجلابيب تريد أن تتقى خطر العمائم السوداء، فتصب للعم سام النفط فى أنبوب ضخم يتصل بقبعته، لعله يحول بينها وبين المطرقة التى تهوى على رؤوسها، وبالقرب منها طرابيش تشتبك مع عمائم أزهرية، وأفندية يشتبكون مع أصحاب الغترة والعقال، وأصحاب لحى خفيفة يشتبكون مع الجميع، ويتوددون إلى أصحاب العمائم السوداء، وأصحاب لحى طويلة ينظرون للجميع نظرة سخط وغضب، ثم ثورات تقوم، وجماهير تصيح، وأصحاب اللحى الخفيفة يركبون على ظهورهم، وأصحاب اللحى الطويلة يدخلون للمشهد فيساعدون أصحاب اللحى الخفيفة ليصلوا إلى كرسى الحكم، وإذا وصلوا قاموا برفس الجماهير التى أوصلتهم، وأصحاب اللحى الطويلة التى أجلستهم، ويشتبك الجميع مع الجميع.
وحال ذلك وأثناءه يظهر فى الصورة صاحب اللحية الخفيفة المنمقة، يبدو لنا شاخصا وجسده يخرج منه أكثر من يد، باليد الأولى يقطّع بلدا أسمر بسكين كبير فينقسم البلد بلدين، ويمسك بيده الأخرى سيفا على وشك أن يهوى به على بلد آخر ليقسمه ويقضى على جيشه، ويمسك بيد ثالثة رقاب بعض الأفندية ليخنقهم ويعبث فى بلادهم، ويحمل قنبلة فى اليد الرابعة يلقى بها فوق الكنائس، ويرفع يده الخامسة ليعانق بها اليد الثانية لصاحب العمامة السوداء، والكل ينظر وقتئذ للأمام تجاه العم سام وأسده القابع بجواره، يرجون منه إسباغ حمايته عليهم، لا ينظرون وراء ظهورهم لبعض لصوص يرتدون أقنعة سوداء على عيونهم، وهم يعبئون الذهب فى أجولة يضعونها فى سفن وطائرات متجهة صوب العم سام، ويأخذون بيد أخرى عمولتهم فى أجولة خاصة بهم، وفى جانب من هذا المشهد حاخام يجلس هادئا على قبة المسجد الأقصى، فتنحنى القبة من ثقله، ويقف أسفل القبة بعض رجال يحملون دبابيس صغيرة يحاولون بها إزاحة «مؤخرة الحاخام» المتربعة فوق القبة، ولكن الحاخام لا يشعر بشىء، بل تند عنه ابتسامة خفيفة، وتستمر عصا العم سام فى إخراج الشرر السحرى، فيستمر الجميع فى ذات الحركة، وفى الحركة بركة، للعم سام والحاخام والأسد العجوز.
وحين بغتة، يظهر فى المشهد أمر عجائبى، شعب من الأفندية والفلاحين يأتون من خلف صاحب اللحية الخفيفة فيركلونه فيسقط فى هاوية، ثم يستديرون إلى العم سام فيوجهون له صفعة تفقده توازنه فتسقط عصاه السحرية من يده، وفى سقوط العصا درس للعم سام، ومن عصى.
أخبار متعلقة :