شبكة عيون الإخبارية

ظاهرة عمالة الأطفال الريفيين تحقيق \ محمد أبوالفضل

دور هام لوزارة الزراعة في مناهضة عمالة الأطفال الريفيين

العمل الدولية: عمالة الأطفال بمصر تبلغ 8 ملايين طفل أغلبهم يعملون فى الزراعة
 
"المال والبنون زينة الحياة الدنيا".

تعاني من ظاهرة عمالة الأطفال شأن معظم الدول التي لها نفس الظروف الاقتصادية والاجتماعية، حيث ترتبط هذه الظاهرة ارتباطا وثيقا بالوضع الاقتصادي الاجتماعي داخل أي مجتمع من المجتمعات، ولذا عندما نتحدث عن هذه الظاهرة في مصر يجب أن نضع في الاعتبار عاملين هامين.                                   أولهما: الحالة الاقتصادية التي يمر بها المجتمع المصري وأن وضع الأسرة الريفية من الناحية الاقتصادية هو بيت القصيد في ارسال الطفل إلي العمل بدلا من المدرسة احيانا لسد احتياجاتها الأساسية تحت وطأة صعوبة ظروف الحياة أو تجنبا لنفقات التعليم لعدم القدرة علي توفيرها، حتي أطفالنا في المدارس في الريف المصري يعتبرون عمليا من العمال الموسميين في فترة الحصاد بالاضافة إلي باقي الأطفال الذين لم يلحقوا بالمدارس أو تسربوا منها والذين يعتبرون قوة العمل الصغيرة من الفلاحين في ريف مصر فعمالة الأطفال هي نتيجة مباشرة للفقر وأحد أعراضه، كما إنه أحد مصادر إعادة إنتاج الفقر (أي أن عمالة الأطفال هي ناتج الفقر وفي نفس الوقت سبب لاستمراره)، وأن الأطفال يدفعون ثمنا فادحا للفقر الذي تعاني منه بلدانهم.
وثانيهما: العادات والتقاليد السائدة حول هذه الظاهرة والتي قد تؤدي إلي النظر إليها باعتبارها أمرا طبيعيا داخل نطاق الأسرة الريفية وظاهرة اجتماعية يمكن تقبلها كعادة مترسبة في المجتمع الريفي حيث يمارس الطفل العمل بالتدريج في إطار تدريبه علي الأعمال التي سيزاولها مستقبلا ترسيخا للقيم الثقافية باعتبار عمل الطفل يساعد علي تكوينه ورجولته وتحمله المسئولية وأن ذلك أفضل من اللعب في الشارع. أي أنها ثقافة مجتمعية تشجع علي وجود هذه الظاهرة واستمرارها وتفاقمها لنقص الوعي بمخاطر عمالة الأطفال.
وهنا تأتي أهمية وحيوية دور الإرشاد الزراعي للعمل علي تغيير وتصحيح تلك الأفكار والمفاهيم ونظر الوعي بالآثار الخطيرة الناجمة عن ظاهرة عمالة الأطفال في الريف المصري، باعتبار أن جهاز الارشاد الزراعي أكثر الأجهزة انتشارا وتغلغلا في قاع وأعماق الريف وأكثرهم اتصالا مع أفراد الأسرة الريفية (أولياء الأمور والأطفال) والأكثر تأثيرا أي في تغيير أو تعديل السلوكيات السائدة في المجتمعات الريفية حيث أن المشكلة الرئيسية المتوقع مواجهتها عند البدء في شن حملة التوعية هي قلة الوعي بالآثار الخطيرة الناجمة عن عمل الاطفال لدي الجميع حتي الأطفال أنفسهم وانهم يتقبلونها بوصفها ظاهرة اجتماعية مقبولة مرتبطة بالفقر لا يمكن تفاديها أو تجنبها.

*دور الأرشاد الزراعى

كان للارشاد الزراعي دور كبير في مناهضة عمالة الاطفال في الريف المصري عن طريق أعداد وتأهيل المرشدين الزراعيين في مجال مناهضة عمال الأطفال في الزراعة حيث يتم عقد ثماني رؤساء أقسام الارشاد الزراعي بالادارات الزراعية بالمحافظات علي مستوي الجمهورية في الفترة من مايو حتي أغسطس 2010، والذين يقومون بنقل ما تم اكتسابه من معارف وخبرات في مجال مناهضة عمالة الأطفال إلي المرشدين الزراعيين علي مستوي القري والذين سيقومون بدورهم بنشر الرعي بمخاطر عمالة الأطفال في المجتمعات الريفية، ورصد ومتابعة هذه الظاهرة التي تتمركز في الريف حيث تصل الي 77% من حجم عمالة الأطفال في مصر ويعمل الأطفال في مصر ويعمل الأطفال في معظم العمليات الزراعية بداية من إعداد الأرض وزراعة التقاوي والشتلات الي العزيق بالمنقرة ونقاوة الحشائش والري والتسميد والمشاركة في رش المبيدات أو مقاومة دودة ورق القطن حتي جمع وحصاد المحاصيل بالاضافة إلي عمليات مابعد الحصاد مثل الفرز والتدريج والتعبئة ونقل تلك العبوات، بالإضافة إلي تطهير حظائر المواشي ونقل التربة أي يقومون بالأعمال التي يجب أن يقوم بها العمال الكبار ولكن بأجور زهيدة وهي أعمال شاقة وفي ظروف قاسية وخطيرة تعرضهم للمخاطر (عاهات ـ إصابات عمل)
وتؤثر علي قدراتهم الجسمانية وحالاتهم الصحية وإصابتهم بالتسمم وبالأمراض المختلفة (الالتهابات الصدريةـ الالتهاب الكبدي ـ البلهارسيا ـ الأمراض الجلدية. الخ) هذا بالإضافة الي العمل في الورش الموجودة بالقري.
بالإضافة إلي "أطفال التراحيل" الذين يبحثون عن فرص العمل خارج المجتمع الذين يعيشون فيه ممايضطرهم إلي الاقامة في معسكرات بالقرب من المشروعات التي يعملون بها أو ينتقلون اليها بحثا عن فرص العمل المتقطعة فيتم نقلهم في عربات غير مأمونة وتعرضهم للحوادث وأخرها حادث طريق الإسماعيلية الذي راح ضحيته 46 طفلا وفتاة مابين قتيل وجريح وقبلها 41 طفلا في حادث طريق الفيوم أثناء نقلهم للعمل في مزارع بمحافظة البحيرة، هذا فضلا عن عشرات الحوادث الأخري علي الطرق الزراعية والتي راح ضحيتها عدد غير قليل من أطفالنا في الريف.
حين ننظر عن قرب إلي هؤلاء الأطفال أثناء عودتهم من عملهم الشاق والمضني طوال اليوم فلن نجد براءة الأطفال في عيونهم بل حل محلها تعبيرات حادة تجعلهم أكبر من أعمارهم اي نشاهد طفولة بائسة نتيجة لتعرضهم لتجربة العمل الطاحنة منذ نعومة أظافرهم وتحملهم مسئوليات اجتماعية واقتصادية تفوق قدراتهم علي التحمل مما حرمهم من حقوقهم في أن يعيشوا طفولتهم، لذا يجب متابعة مشاكل عمالة الأطفال ورصدها في مصر وإعداد برنامج زمني للقضاء عليها من أجل إعادة البسمة لأطفالنا.

*ومثالا لهذا الواقع المرير                                                                                                    

تعيش قرى " محافظة أسيوط  " على ضفتى النهر بالصعيد ، واقعاً مريراً من الفقر والجوع، الأمر الذي يعد السبب الرئيسي لاستفحال ظاهرة عمالة أطفال الفلاحين هناك، حيث يعجز الآباء عن إدخال أبنائهم المدارس القليلة المتوفرة في القرى، وأغلبهم يرغمون أطفالهم على ترك مقاعد الدراسة في سن مبكرة جداً للعمل بحثاً عن لقمة العيش.
وعلى سبيل المثال للواقع الذي يعيشه الأطفال بالصعيد عامه  ، يطارد الصبي عمر سرحان  قطيع غنم  قاطعاً مسافة كبيرة لا يقوى عليها جسده الصغير في ظروف مناخية صعبة، وفي مناطق شاسعة يكون فيها الطفل عمر ذو الـ13 عاماً وحيداً ومسؤولاً عن قطيع كبير من الأغنام عليه البحث عن مرعى مناسب له والعودة به كامل العدد كل مساء.
ويحاول عمر الذي أجبرته الظروف على الرعي بينما أقرانه في مناطق أخرى يمضون طفولتهم داخل قاعة الدرس، مساعدة عائلته والبحث عن أفضل مرعى حيث العشب والكلأ في نواحى القرية.
ورغم أن هذه المهمة تتجاوز قدرة طفل في سن عمر إلا أن الأسر فى الصعيد دأبت على تشغيل أطفالها في أعمال تكبرهم سناً وتتجاوز طاقاتهم وقدراتهم المتواضعة، وهو ما جعل بعض مناطق الجنوب من أقل المناطق استفادة من التعليم، حيث تنتشر الأمية والجهل بين سكانه، ويتراجع عدد الأطفال المتعلمين فيها إلى درجة تنذر بالخطر.

*العمل أم الدراسة

ويبدو عمر سعيداً بمهمة الرعي التي أوكلتها إليه أسرته، حيث قال لـ"أنا حر أذهب بالقطيع إلى حيث أشاء، وفي نفس الوقت مسؤول عن ثروة الأسرة، فهذا القطيع أغلى ما تملك عائلتي، وعليّ المحافظة عليه وتنميته".
ولا يعتبر عمر أن عمله في هذه السن خارج عن العادة، فهو على الأقل يعمل لدى عائلته، بينما أقرانه أجراء يتحملون الأعمال القاسية، في منطقة ينخرها الفقر وتعاني من المجاعة، لذا فعمر يعتبر نفسه غنياً مقارنة بأقرانه ومستقلاً بعمله في محيط يعاني من العوز الشديد.
ويكشف حديث الطفل عمر عن واقع مرير تعيشه منطقة "الصعيد" المحاذية لنهر النيل ، وهي من بين المناطق التي دعت منظمات دولية، من بينها الأمم المتحدة، إلى توفير دعم عاجل لإنقاذ سكانها الذين يعانون المجاعة والفقر، ولعل هذا هو السبب الرئيسي لاستفحال ظاهرة عمالة أطفال الفلاحين في الصعيد، حيث يعجز الآباء عن إدخال أبنائهم المدارس القليلة المتوفرة في المنطقة، وأغلبهم يرغمون أطفالهم على ترك مقاعد الدراسة في سن مبكرة جداً، كما يؤكد المعلم محمد محفوظ (ريس انفار تراحيله ) ، ويقول غالبية الفلاحين في مناطق الصعيد يمنعون أطفالهم من الانتساب إلى المدرسة، لأنهم يفضلون أن يساعد الأبناء في إعالة الأسرة، وتولي مهمة الرعي التي تعتبر في كثير من الأحيان مصدر الدخل الوحيد للعائلة.
ويضيف الريس محفوظ  "الأسر في المناطق التي تعرف نشاطاً زراعياً يعاملون الأطفال كبالغين، ويرغمونهم على مزاولة أعمال تكبرهم سناً وتتجاوز طاقاتهم، ويمنعونهم من متابعة الدراسة، بحجة أن العمل كثير، وأنهم في حاجة ماسة لعمل كل فرد من العائلة".
ويشير الريس  إلى أن الوضع تفاقم مع ارتفاع نسبة الفقر والتحذير من كارثة إنسانية في الصعيد، حيث ازداد الضغط على أرباب الأسر ، وأصبح حتى المهتمون بتعليم أبنائهم يترددون في إرسالهم للدراسة، ويضيف "المحظوظون فقط هم من يستطيعون أن يجمعوا بين العمل والدراسة، بعد أن سمح لهم آباؤهم بالذهاب إلى قاعة الدرس ولو لفترة وجيزة في اليوم، ثم العودة مجدداً إلى العمل الذي أصبح عرفاً سائداً ومتحكماً في عقلية أهل الجنوب".
ويؤكد أن المعلمين يحاولون بشتى الطرق إقناع سكان الأرياف بأهمية الدراسة، ويعانون إلى جانب صعوبة التعليم في منطقة زراعية بها عزب مشتتة وبوسائل بدائية، من فقدان أعداد من التلاميذ داخل الفصل الدراسي، وهو ما يؤثر سلباً في مستوى التعليم.
تفاوت في الدراسة ويدعو الباحثون إلى إطلاق حملة وطنية لعودة الأطفال إلى المدارس وتوعية سكان الأرياف بأهمية التعليم ومحاربة الفقر الذي يدفعهم إلى التضحية بمستقبل أبنائهم وإرغامهم على العمل وهم في مقتبل العمر، وتحديث البرنامج الوطني لتنمية قطاع التعليم واتخاذ إجراءات ملموسة للسياسة التعليمية في الأرياف.
وتؤكد الدراسات التي اهتمت بالهدر المدرسي أن النفقات الحكومية المخصصة للتعليم غير كافية ولا يتم توزيعها بإنصاف، حيث إن البنية الحالية لاستخدام الموارد العامة تبدو مناقضة لمنطق الإنصاف، وتعيق العائلات الأكثر فقراً، ولا تساهم في توفير التعليم لجميع الأطفال. ولاحظت إحدى الدراسات أن الحضريين يستفيدون مما يناهز ثلاث مرات ما يستفيده الريفيون في تربية أبنائهم، كما تستفيد الأسر الأكثر غنى من الموارد العمومية ثلاث مرات ونصف المرة أكثر من الأسر الفقيرة وفى هذا السياق أكد خبراء تنمية المؤسسات بمنظمة العمل الدولية، أن مستوى عمالة الأطفال في مصر مرتفع للغاية حيث يصل العدد لما يقرب من 8 ملايين طفل أغلبهم يعملون في مجال الزراعة،مشيرةً إلى أنه تم توقيع اتفاقية مع برنامج الغذاء العالمي واليونيسيف والعمل الدولية لمناهضة عمالة الأطفال.
وأ كدالخبراء على  أن منظمة العمل الدولية تسعى لتنفيذ برامج دعم كبيرة تركز على تشغيل الشباب والتمكين الاقتصادي للمرأة وسن تشريعات تحسن من وضع المرأة وعمل برامج لتعزيز الحوار المجتمعي ومناهضة أشكال عمالة الأطفال وبناء قدرات الشباب من ناحية ريادة الأعمال في إطار توفير وظائف لائقة للشباب خاصة في دول الربيع العربي.
من جانبه، تحدث نائب رئيس البعثة البريطانية في القاهرة ستيفين هيكي مؤكدا ، إن البريطانية ملتزمة بمساعدة مصر لتحقيق فرص عمل للشباب المصري خاصة في بعض المحافظات التى تعانى من البطالة.
وأكد أن مصر لا تزال لديها قدرة اقتصادية عالية، رغم الأزمات التى تمر بها، منوها بأهمية دور لقطاع الخاص ورجال الاعمال فى فتح باب للاستثمار داخل مصر مما يساعد على خلق فرص عمل جديدة تساهم فى حل مشكلة البطالة.
كما صرحت داليا عبد الله ممثل مؤسسة دانيدا الدانماركية، على دعم الدانمارك للمبادرات التى تقدم لخدمة المجتمع، مشيرة إلى أن الدانمارك قدمت أكثر من 65 مليون دولار لدول الربيع العربي خلال العامين الماضيين من أجل الارتقاء بأوضاع هذه البلدان من بينها 25 ملايين دولار لتوفير الوظائف.

   *  ضرورة وأهمية الاتفاق علي خطة قومية لرفع الوعي العام بمخاطر عمالة الأطفال يتضمن الإجراءات الهادفة إلي التخلص المباشر والسريع من أي صورة من صور عمالة الأطفال والتي تعرضهم للمخاطر والانتهاكات                                                               
إننا نتحدث عن واحدة من أخطر الظواهر التي تنتهك حقوق الطفل المصري علي كافة المستويات الصحية والتعليمية والنفسية والبدنية والعقلية لتعرضهم للعديد من المخاطر والانتهاكات فضلا عن طول يوم العمل تحت أشعة الشمس والبرد أو الحر الشديد بالاضافة إلي سوء المعاملة من المشرفين أو من مقاولي الأنفار الذين يستحوذون علي جزء من أجور الأطفال رغم ضآلتها.
وعمالة الأطفال منها السلبي والايجابي، السلبي هو استغلال ضعف الطفل وعدم قدرته علي المطالبة أو الدفاع عن حقوقه وتكليفه بأعمال شاقة تفوق قدراته، أما الإيجابي فهو قيام الطفل بالأعمال المناسبة لعمرة وقدراته سواء كان ذلك بمقابل أو متطوعا من أجل الاستمتاع مما يكون له أثار إيجابية تنعكس علي نموه العقلي والجسمي والنفسي حيث يتعلم الطفل من خلال القيام بهذا العمل تحمل المسئولية، التعاون، التسامح، العمل التطوعي مما ينعكس ايجابيا علي الطفل والأسرة والمجتمع.
ولا يمكن حل أي مشكلة إلا إذا عولجت الأسباب التي أدت إلي ظهورها والتي تتركز بصفة أساسية في الفقر وقلة الوعي ولذلك فإن القضاء علي ظاهرة عمالة الأطفال يتأتي من خلال معالجة الفقر الذي يدفع بالأسر الفقيرة إلي تشغيل أطفالنا.
وإذا كان القضاء علي الفقر أمرا صعبا فإنه بالإمكان زيادة الوعي من خلال تنفيذ حملة إعلامية قومية للتوعية بمخاطر عمالة الأطفال خاصة الأشكال السيئة منها وتوعية الاسرة بأن عمل الاطفال يؤثر عليهم. نفسيا وجسديا في الوقت الحالي وينذر بتدهور مستواهم المعيشي والثقافي وأن التضحية بالمال الذي يأتي به الأطفال علي التعلم وبناء شخصية متوازنة هو أفضل الطرق لتنشئة جيل سليم قادر علي تأدية واجباته وتحمل مسئولياته في المستقبل لان أطفال اليوم هم رجال الغد وبناة المستقبل.
ومن أهم أسباب طاهرة عمالة الأطفال أيضا هو ارتفاع معدلات الانجاب المنتشرة في الريف والهجرة من الريف إلي الحضر. ويعمل الارشاد الزراعي جاهدا لنشر الوعي في هذا المجال من خلال مشروع دمج الثقافة السكانية في الارشاد الزراعي بالإدارة المركزية للارشاد الزراعي.
كما ان الريف المصري يعتبر المصدر للفتيات القاصرات للعمل كخدم في المنازل فعادة ما تنتمي الخادمة إلي نفس قرية مخدومها أو من غيرها ولكنها تعاني من النظرة المتدنية لها كأنها من الدرجة العاشرة فتقام علي الأرض وتأكل بقايا الطعام وهناك العديد من الأمثلة الصارخة علي معاناة هذه الشريحة من الأطفال وانتهاك حقوقهم من العمل والخدمة الشاقة في المنازل طوال الليل والنهار بالإضافة إلي تعرضهم للضرب والاهانة والتعذيب احيانا مثل تشوية الاجساد وحلق الشعر والاعتداء الجنسي وغيرها، وقد يدفع ذلك بعض الأطفال للهروب من تلك المعاناة إلي الشارع مما يعد مصدرا خطيرا لأطفال الشوارع وانحرافهم الي مهاوي الجريمة والمخدرات والسرقات.
وتؤدي عمالة الأطفال إلي زيادة نسبة الأمية ونسبة البطالة بين أبناء الفلاحين فغالبا ما يؤدي عمل الأطفال الي حرمانهم من فرص التعليم أو تسربهم من التعليم الأساسي.
كما تعد عمالة الاطفال احد اسباب ظاهرة البطالة للكبار حيث يفضل اصحاب الاعمال الاطفال لانخفاض اجورهم مما يضطر الخريجين للجلوس علي المقاهي والاشتغال بأي أعمال حرفية تتاح أمامهم مما يؤدي إلي تفاقم ظاهرة عمالة الأطفال أكثر وأكثر، حيث تشجع بطالة الكبار أولياء الامور علي تشغيل أطفالهم ابتغاء تعلمهم صنعة تفيدهم في مستقبلهم لأنهم يلاحظون ان التعليم والشهادة الجامعية لا تأتي بفائدة في هذه الأيام فأصحاب الشهادات وخريجو الجامعات عاطلون عن العمل ويبحثون عن لقمة العيش من خلال أعمال لا تمت لدراستهم بصلة وبذلك يعتقدون أن المشاركة والانخراط المبكر في العمل افضل من الدراسة في المدارس وإنه عالم مليء بالخبرات والمهارات المفيدة لأبنائهم مما ينقذهم من البطالة والانحراف في مستقبلهم.
هذا مما يؤكد علي ضرورة وأهمية الاتفاق علي خطة قومية لرفع الوعي العام بمخاطر عمالة الأطفال يتضمن الإجراءات الهادفة إلي التخلص المباشر والسريع من أي صورة من صور عمالة الأطفال والتي تعرضهم للمخاطر والانتهاكات وتتكاتف فيها كافة الجهات الحكومية وغير الحكومية وأفراد المجتمع بكل قطاعاته وتنصهر فيها الجهود من خلال التنسيق والتعاون بين منظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الطفل والدولة والتشبيك مع هذه الظاهرة والتفاعل معها للحد منها بمشاركة جميع المعنيين في كافة القضايا التي تتعلق بحماية الطفل المصري الذي يمثل ما يقرب من نصف المجتمع أي يجب أن يكون هناك إلتزام إجتماعي بالتصدي لهذه الظاهرة علي أن تشارك في هذه الحملة كافة الأطراف المعنية لرفع المجتمع مع التأكيد علي المشاركة الفعلية لكل الأطراف خاصة الأطفال وأولياء أمورهم عند التخطيط للحد من هذه الظاهرة.
كما يمكن القيام ببعض الإجراءات التحفيزية بمنح الأسر الفقيرة والتي في حاجة إلي الدخل العائد من عمل الأطفال بعض الحوافز الإقتصادية التي تعوضهم عن هذا الدخل مما يقلل من تزويد سوق العمل بالأطفال والحد من هذه الظاهرة المتأصلة والمتجذرة في الفقر، وقد تكون هذه الحوافز في صورة نقدية أو مساعدات عينية (كتب ـ ملابس ـ مصروفات مدارس ـ وجبات. الخ) وتفضل الأخيرة حيث أن هناك العديد من الاسر الفقيرة ترسل أطفالها إلي العمل هروبا من نفقات التعليم أكثر منه رغبة في الحصول علي عائد من عمل الطفل كما يجب العمل علي توفير التدريب والامكانيات اللازمة لتشجيع الاسر الريفية علي إقامة مشروعات صغيرة مولدة للدخل إلي جانب الدخل الزراعي وهذا ما تقوم به الادارة المركزية للارشاد الزراعي من خلال مراكز التنمية الريفية التابعة لها بالقري الأم بالمحافظات للعمل علي زيادة الكفاءة الانتاجية للأسر الريفية بتدريب المرأة الريفية والشباب الريفي علي إقامة تلك المشروعات الصغيرة لاستغلال الخامات والمنتجات المتوفرة في البيئة كقيمة مضافة لتلك المنتجات ولتنويع مصادر وزيادة دخل الأسرة الريفية مما يمثل عوضا عن الدخل الذي تحصل عليه من عمالة الأطفال.
كما يجب التركيز في حملات التوعية علي المدخل العاطفي الذي يعتمد علي حب الأباء والأمهات الغريزي لأبنائهم، بالإضافة إلي المدخل الديني وإن تربية الأولاد أمانة ومسئولية لابد من القيام بها كما وصانا النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، والرجل في أهل بيته راع وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها"، كفي بالمرء إثما أن يضيع من يقوت، "خيركم خيركم لاهله وأنا خيركم لأهلي"، "وأي رجل أعظم أجرا من رجل له عيال يقوم عليهم حتي يغنيهم الله من فضله.
وأن الله سبحانه وتعالي ذكر في كتابه الكريم أن الأطفال زينة الحياة الدنيا "المال والبنون زينة الحياة الدنيا". سورة الكهف آية 46وجعلهم قرة أعين وأن أفضل الإنفاق هو الإنفاق علي الأبناء حيث قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه علي عياله، ودينار ينفقه علي دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه علي أصحابه في سبيل الله" وأن الإسلام كان سباقا في الحفاظ علي حقوق الطفل بداية من إختيار أمه وإختيار أفضل الأسماء له وأن الرسول كان أبر أب بأبنائه (كان أرحم الناس بالصبيان والعيال) وكان يركب الحسن والحسين علي ظهر رسول الله صلي الله عليه وسلم في البيت، وكان يقبل الأطفال فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قبل النبي صلي الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما فقال الأقرع بن حابس: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا. فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "من لا يرحم لا يرحم" ونهي الاسلام عن إيذاء أو قتل أطفال من حاربوه لأنهم علي الفطرة، كما ألزم الإسلام الأباء بالاهتمام بتعليم أبنائهم من القرآن والأحاديث وأمور الحياة فالطفولة مرحلة من مراحل نمو الإنسان وهي بحاجة ماسة إلي العناية والتأديب والتربية وليست إلي الاهمال والتعب والشقاء ولقد كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يرد من كان دون الحلم عن المشاركة معه في الغزوات كما حدث ذلك في غزوة أحد.

أخبار متعلقة :