10 سنوات قضتها الطبيبة مجد قطب، بين أروقة وزارة الصحة قبل أن تذهب إلى المحاكم؛ لإثبات صحة أبحاثها بخطورة الدواء الذي يحمل الاسم العلمي "أورسوديا كسيكوليك" على الأطفال، دون طائل، حتى حصلت على حكم قضائي الأربعاء الماضي، بـ"سحب الكميات المتداولة من ذلك العقار، وإلزام الشركات بوقف إنتاجه، لحين تعديل النشرة الداخلية بما يفيد خطورة استخدامه بالنسبة للأطفال والرُضع، باعتبار أن تناوله وفقًا للنشرة الداخلية الموجودة به الآن قد يؤدى إلى إصابة الأطفال والرضع بأعراض جانبية تؤدى إلى وفاته".
ويستخدم العقار في علاج حصى المرارة، وتقليل الكوليسترول، وعلاج التشمع الصفراوي الأولي للبالغين، في حين تؤكد الأبحاث التي أجرت على 700 طفل خطورته على الأطفال والرُضع؛ إذا أثبتت النتائج أن الأطفال الذين تلقوا العقار أصيبوا بالفشل الكبدي والوفاة بنسبة أكبر من الأطفال الذين لم يتلقوه، بحسب مجد قطب، أستاذة طب الأطفال بجامعة القاهرة.
تقول قطب، لمصراوي، إنها اكتشفت هذا الأمر إثر إشرافها على رسالة ماجستير عام 2005، وذهبت بتلك الرسالة إلى المستشار القانوني لجامعة القاهرة، بأن الدواء "غير مرخص للأطفال كما أن النشرة الخاصة به مخالفة للنشرة الصادرة خارج مصر".
وأضافت أن المسئول القانوني للجامعة وجهها بالعودة إلى الأبحاث المنشورة في الدوريات العلمية للتأكد مرة أخرى من خطورة العقار، "وجدت أن 49% من الذين تلقوا الدواء تم شفائهم، في حين تخطت النسبة 70% لهؤلاء الذين لم يتلقوا العقار" تؤكد قطب.
"هذا العقار يأكل فرصة الشفاء للأطفال وغير آمن وبدون فاعلية".. هذا ما تقدمت به قطب في مخاطبتها لوزارة الصحة ومجلس الدولة؛ مضيفة أنهم لاحظوا أن "الأطفال يصابون بفشل كبدي وبيموتوا لأن أغلب مضاعفات العقار تُصيب الكبد مباشرة، ورصدنا مضاعفات آخرى مثل التهابات المسالك البولية"، ومن ثم طالبهم مستشار الجامعة بمخاطبة وزارة الصحة لسحب العقار.
لكن استاذة جامعة القاهرة تؤكد أن اللجنة التي شكلتها وزارة الصحة أصرت على استخدامه للأطفال، وبالتالي لجأت إلى قضاء مجلس الدولة والنائب العام، الذي خاطب بدوره منظمة الصحة العالمية وهيئة الرقابة على الأدوية للتأكد من الدراسات البحثية حول العقار، وطلبنا أن تتضمن النشرة حظر استخدامه للأطفال.
وفي عام 2010، قررت لجنة "الفرماكولجي" بالإدارة المركزية لشؤون الصيدلية تغيير النشرة الداخلية لذلك العقار، بحيث تكون متطابقة مع النشرات الداخلية له في أمريكا وبريطانيا المنشورة على موقع منظمة الأغذية والأدوية الأمريكية (FDA)، ومنحت الشركات مُهلة 30 يومًا لاعتماده، لكن الوزارة لم تقم بسحب الأصناف المتداولة من العقار بالأسواق والمرفقة بها النشرة الداخلية قبل تعديلها، حسبما تذكر "قطب".
لم تصدر وزارة الصحة ردًا على خطورة العقار، وحاولنا الاتصال بالدكتورة رشا زيادة رئيس إدارة الصيدلة بالوزارة، والدكتورة فاتن عبدالعزيز مستشار الوزير للصيدلة، إلا أنهما لم يردا على الهاتف حتى نشر تلك السطور.
استمرت الدعوى المقامة من "قطب" حتى قضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، الأربعاء، بإلزام الشركات المنتجة له بوقف إنتاجه. تُطالب "مجد قطب" بسحب الكميات التي سبق إنتاجها من العقار والموجودة في السوق، وتعديل النشرة الداخلية بحظر استخدامه للأطفال، إضافة إلى استرداد المبالغ التي تخطت مليار جنيه، ودفعتها الوزارة والتأمين الصحي في مناقصة شراء الدواء لعلاج لمرضى فيروس سي بموجب النشرة القديمة.
أخبار متعلقة :