شبكة عيون الإخبارية

قصة " إعدام " محمد علي لـ "تجار العُملة" ...

تظهر وثيقة نادرة الأسس التي اتخذها محمد علي باشا، والي ، الأقوى في تأسيس الدولة المصرية الحديثة، وتفعيل القانون ضد المتكاسلين الذين رفضوا الامتثال لأمر فرماني، صادر منه بزراعة الطرق والترع والجسور بأشجار لم تحدد نوعيتها.

وأوضحت الوثيقة التي نشرها الزميل محمود الدسوقي، في «الأهرام الزراعي» ، أنه تم تحريرها بعد قيام محمد علي باشا بتنفيذ مذبحة ضد المماليك بـ7 سنوات، فيما كان الصعيد وخاصة في محافظة قنا يعج بثورة ضده، قادها الشيخ أحمد عبيد، والد قائد ثورة الفؤوس الشيخ الطيب.

وقد فر أحمد عبيد، بعد هزيمته للعراق ورجع للصعيد متخفيًا باسم البغدادي وتضم محافظة الأقصر إلى الآن مقامه ومسجده .

كان محمد علي باشا أصدر فرمانا، تم توزيعه لكافة المديريات، ومنها ولاية درجا «جرجا حاليًا»، التي كانت تضم قنا وقوص، بإجبار المزارعين والمواطنين ومشايخ البلاد على زراعة الأشجار على جانبي الطرق والجسور والترع تخفيفا من حرارة الجو من ناحية، وإشاعة الظل والاستفادة من الأشجار دون أن يحدد نوعية الأشجار فقط.

أوضح محمد علي باشا في فرمانه السابق منافع زراعة الأشجار للدولة والمزارعين معا، فيما فوجئ بأن المتكاسلين الذين يرفضون تنفيذ القرارات رفضوا زراعة الأشجار مما كان عليه أن يصدر فرمانا آخر تم المناداة عليه في الشوارع.

وتمت كتابته على أيدي القضاة الشرعيين في الصعيد معلنا العقاب القاسي للمتخاذلين عن زراعة الأشجار، مؤكداً أن من لم يفعل فذنبه على رقبته، وأنه سيوقع العقاب على المتكاسلين من المتمردين.

ولم توضح الوثيقة التي تمت كتابتها منذ 199 عامًا كيفية العقاب الذي سيوقعه محمد علي باشا بالمتكاسلين بالزراعة، وذلك لتنوع أساليب العقاب الذي أوقعه محمد علي باشا بمعارضيه من جهة وبالمحتكرين للسلع، ولمن قاموا برفع سعر العملة وتزويرها حيث أعدم المحتكرين، ومن قاموا برفع سعر العملة علي باب زويلة ليكونوا عبرة لمن يعتبر.

وقال الباحث التاريخى أحمد الجارد، لـ«الأهرام الزراعى» إن الفرمان الذي أصدره محمد علي باشا عام 1817م كتبه القاضي عمر الحريري في مديرية قوص جنوب قنا حيث وضع في كتابته للفرمان عنوان ولاية قوص المجيدة، لافتاً إلى أن الفرمان كان نسخة أصلية من الفرمان الأصلى الذي استصدره محمد على باشا وأرسله لولاية جرجا التى كتبت درجا، والتي كنت تضم في هذه الفترة مدينة قوص بقنا.

وأضاف «الجارد» أن المصادر التاريخية أكدت أن محمد علي باشا كان يفرض ضرائب على محصول النخيل وهي الضرائب التي أثقلت كاهل المزارعين وكان الرافضون لقراراته يرفضون أن يهجروا أماكنهم مثلما حدث لبعض المواطنين في الواحات.

وأضاف أن وثيقة زراعة الأشجار على جانبي الطرق والجسور تم تحريرها قبل أن يفرض محمد علي ضرائب علي المحاصيل الزراعية، مضيفاً أن محمد علي باشا كان مجبرًا لاستخدام القوة كي يقوم المواطنون بتفعيل القوانين والسير عليها وقام «الحريري» قاض شرعي بقوص بنسخ فرمان محمد علي باشا الصادر من ديوانه بالمحروسة بالقاهرة الذي جاء فيه:

«لما كان يوم الاثنين المبارك 6 شوال 1233 حضر فرمان شريف واجب القبول والشريف من حضرة صاحب السعادة ولي النعم والي مصر أدام الله جلاله، صدر هذا المرسوم الشريف الواجب إليه القبول والتشريف والاتباع من ديواننا السعيد ديوان مصر المحروسة أعلاها وأبهاها إلى كامل المشايخ والفلاحين بنواحي إقليم درجا (جرجا)».

ويضيف «الجارد»، أن الفرمان الذي نسخه الحريري كان يحمل لغة التهديد للمتكاسلين، فالوثيقة تظهر أن محمد علي باشا حاكم مصر القوي كان قد أرسل فرمانا منذ فترة بقرار زراعة الأشجار على الترع والجسور، وعلى جانبي الطرق إلا أنه اكتشف من خلال أعوانه المنتشرين في الصعيد أن المتكاسلين رفضوا الزراعة.

طالب فرمان محمد علي باشا بالزراعة، بعد نزول النيل أي بعد أن مد مديده «أصدرنا إليكم أن تزرعوا أشجارا في دوس الطرق والترع والجسور وأمرنا كل واحد يزرع رأس غيط وأوضحنا النفع الذي يصير وحذرنا من التجنب من المخالفة ولنا التحقق أن البعض منكم متكاسلون فبوصول أمرنا إليكم تبادروا بزرع رأس نحيطه وبعد نزول النيل».

وحذر محمد علي باشا، بلغة تهديد ووعيد بأنه «والذي لم يوجد على رأس غيطه على طريق أو على ترعة أو على جسر فلابد أن يحصل له القصاص الأبق به ويبقى ذنبه في رقبته»، وهو التحذير الذي أعلنه المنادون في شوارع الصعيد لمدة طويلة لكيلا يكون هناك عذر لأحد رفض تنفيذ القرار حين يقع عليه العذاب.

وطالب والي مصر جميع المواطنين بتفعيل ما جاء في الفرمان، قائلاً: «وعندما يصير معلومكم صار أمرنا الذى فيه نفعكم وراحتكم وتجنبوا ما فيه حذركم واعتمدوه غاية الاعتقاد هذا الفرمان حرفا بحرف».

 

أخبار متعلقة :