عد حياة مليئة بالانضباط والجدية وقوة التحمل والحزم والشدة، قرروا أن يغيروا مسار حياتهم إلى الرقة والإحساس المرهف والإبداع وإطلاق العنان للموهبة التي حباهم الله بها، واختاروا أن يبدأوا حياة جديدة بعيدة عن الحياة العسكرية التي عاشوها والرُّتب العسكرية التي وصلوا لها، وعقدوا العزم على الإبداع في مجال مخالف تمامًا هو مجال الفن بأنواعه، من تمثيل وإخراج وكتابة.
في التقرير التالي أهم 6 نجوم تخرجوا في كليات عسكرية:
- أحمد مظهر
تخرج الفنان أحمد مظهر، الملقب بفارس السينما المصرية، في الكلية الحربية ضابطًا بسلاح المشاة عام 1938، وهي الدفعة التي كانت تضم كلًّا من الزعيم جمال عبدالناصر وأنور السادات، والمشير عبدالحكيم عامر وعبداللطيف البغدادي وحسين الشافعي، ثم انتقل لينضم لسلاح الفرسان، وتدرج إلى أن تولى قيادة مدرسة الفروسية وشارك في حرب فلسطين عام 1948، وبعد هذه الحرب انضم إلى تنظيم الضباط الأحرار، بحسب ما جاء في كتاب «روائع النجوم» تأليف محمود معروف.
وعُرف أحمد مظهر داخل الكلية الحربية بـ«البرنس مظهر» لوسامته وأخلاقياته وانضباطه الشديد، إلى جانب ثقافته في شتى مجالات الحياة، حيث كان يجيد التحدث بعدة لغات أجنبية، كما كان عضوًا مؤسسًا في جمعية الحرافيش التي كان يرأسها الأديب الكبير نجيب محفوظ، وتضم صفوة نجوم المجتمع من كُتاب وفنانين وصحفيين.
بدأ أحمد مظهر مسيرته الفنية حينما قدمه زكي طليمات في مسرحية «الوطن» عام 1948، ثم دخل عالم السينما من بوابة الفروسية، حينما اختاره المخرج إبراهيم عز الدين ليقوم بدور في فيلم «ظهور الإسلام» عام 1951، وبعدها رشحه الروائي يوسف السباعي لبطولة فيلم «رد قلبي» عام 1952، وقد حقق هذا الفيلم نجاحًا كبيرًا، مما أجبر مخرجي السينما على أن يستثمروا نجاح الفنان أحمد مظهر، ثم تواصلت رحلته بعد أن قرر ترك الحياة العسكرية عام 1956، حيث استقال وهو برتبة عقيد، وعمل سكرتيرًا عامًا بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، إلى أن تفرغ عام 1958 للعمل في السينما وأصبح نجمًا سينمائيًا كبيرًا.
- إيهاب نافع
درس الفنان إيهاب نافع في الكلية الجوية وتخرّج عام 1955، وتتلمذ على يد العقيد طيار- في ذلك الوقت- محمد حسني مبارك، الرئيس الأسبق.
بدأ «نافع» حياته العملية كطيّار مقاتل، وقدّم أول أفلامه «الحقيقة العارية» عام 1963 وهو في العمل العسكرى، واستمرّ فى الجمع بين العملين، بما رتّب عليه أعباء اجتماعية وإنسانية كبيرة ساهمت فى توتير وتعقيد علاقته بزوجته الثانية الفنانة ماجدة الصباحى.
كان إيهاب نافع صديقًا لقائد القوات الإسرائيلية «عذرا وايزمان» الذى أصبح رئيسًا لإسرائيل فيما بعد، وكان «وايزمان» يُسهّل دخول إيهاب نافع إلى إسرائيل اعتقادًا بأنه عميل مزدوج، بينما كان «نافع» يتلاعب بالجانب الإسرائيلى وينفّذ عمليات استخباراتية لصالح مصر، وفق ما ذكره فى مذكراته الشخصية، وما روته «فلتراود»، زوجته وأرملة رفعت الجمال، في لقاء تليفزيوني مع وائل الإبراشي، وفي حوار للفنان مع صحيفة «صوت الأمة» نُشر بتاريخ 27 يونيو 2005.
ومن هذه المهمّات رغبة مصر فى التأكد من الانتهاء من إنشاء الممر الإسرائيلى للطائرات السريعة بطول 7 كيلومترات أم لا، وعن هذا يقول «نافع» فى مذكراته: «كنت صديق عذرا وايزمان، قائد القوات الإسرائيلية، الذى أصبح رئيسًا لإسرائيل فيما بعد، وكان فى ذلك الوقت يُسهل لى إجراءات السفر إلى إسرائيل للقيام بالمهام السياسية المُكلّف بها من المخابرات العامة المصرية، وكان يساعدنى اعتقادًا منه بأننى عميل مزدوج، فكُنّا نتبادل المعلومات العسكرية، بمعنى أننى كنت أعطيه المعلومة وأحصل فى الحال على معلومة مقابلة، وكانت المخابرات المصرية تريد من خلال إحدى هذه المهام التى كلّفتنى بها أن تعرف وتتأكد من أن الممر الذي تقيمه إسرائيل بطول 7 كيلومترات للطائرات السريعة، تم إنشاؤه أم لا».
- يوسف السباعي
تخرج الأديب يوسف السباعي في الكلية الحربية عام 1937، ثم تولى العديد من المناصب، منها التدريس في الكلية الحربية، وفي عام 1940 عمل بالتدريس في الكلية الحربية بسلاح الفرسان، وأصبح مدرسًا للتاريخ العسكري بها عام 1943، ثم اختير مديرًا للمتحف الحربي سنة 1949، وتدرج في المناصب حتى وصل إلى رتبة عميد.
وأثناء الخدمة العسكرية، حصل «السباعي» على دبلوم معهد الصحافة من جامعة القاهرة، وبعد وصوله لرتبة عميد وتقاعده عن الخدمة العسكرية، شغل عدة مناصب، أهمها منصب سكرتير عام المحكمة العليا للفنون عام 1959، وسكرتير المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب عام 1956، وعينه الرئيس الراحل، محمد أنور السادات، وزيرًا للثقافة سنة 1973، ثم أصبح عضوًا في مجلس إدارة مؤسسة الأهرام عام 1976، وانتُخب نقيبًا للصحفيين المصريين عام 1977.
وأطلق الأديب توفيق الحكيم على «السباعي» لقب «رائد الأمن الثقافي»، بسبب الدور الذي قام به في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، ونادي القصة، وجمعية الأدباء.
كما أطلق الأديب الكبير نجيب محفوظ على يوسف السباعى لقب «جبرتى العصر»، لأنه سجل بكتاباته الأدبية أحداث الثورة منذ قيامها حتى بشائر النصر في حرب أكتوبر المجيدة، من خلال أعماله «رد قلبى – جفت الدموع – ليل له آخر – أقوى من الزمن – العمر لحظة».
وفي صباح يوم السبت 18 فبراير، وقرابة الحادية عشرة، نزل يوسف السباعي من غرفته الكائنة بالطابق الخامس بفندق هيلتون متوجهًا إلى قاعة مؤتمر التضامن الأفروآسيوي السادس بصفته أمين عام منظمة التضامن الأفريقي الآسيوي، وتوقف في تلك الأثناء أمام منفذ بيع الكتب والجرائد المجاور لقاعة المؤتمر، وحينها أُطلقت عليه ثلاث رصاصات أصابته في مقتل، بحسب ملف كامل أعدته الجزيرة الوثائقية باسم «الجريمة السياسية».
- صلاح ذو الفقار
تخرج صلاح ذو الفقار في كلية الشرطة عام 1946، ضمن دفعة الوزراء (أحمد رشدي – النبوي إسماعيل – زكي بدر)، وبدأ مشواره المهني في مدينة شبين الكوم بالمنوفية، ثم انتقل للعمل بسجن طرة، كما تم تعيينه مدرسًا بكلية الشرطة، إلا أنه استقال عام 1957، ليتفرغ للفن.
وكان صلاح ذو الفقار ضمن «أبطال البوليس المصري» الذين تصدوا لـ«مذبحة الشرطة بالإسماعيلية» في 25 يناير 1952، والتقطت له صورة مع قيادات البوليس المصري وظهر «صلاح» بالبدلة الميري.
ويُعد «ذو الفقار» أحد أبرز نجوم السينما المصرية في فترة الستينيات من القرن الماضي، وكانت بدايته الفنية عام 1957، وهو لا يزال ضابطاً في الشرطة، حيث ساعده شقيقه المخرج «عز الدين ذو الفقار» للظهور للمرة الأولى على شاشة السينما في فيلم «عيون سهرانة»، بينما انطلاقته الحقيقية كانت بعد تألقه في دور الفتى المرح بفيلم «رد قلبي»، حسبما جاء في كتاب «روائع النجوم» تأليف محمود معروف.
- عز الدين ذو الفقار
التحق بالكلية الحربية وتخرج فيها ضابطًا، وعمل في الجيش المصري حتى وصل إلى رتبة يوزباشي، أي نقيب، في سلاح المدفعية عام 1940. وحاول صديقه المخرج كمال سليم، ثم من بعده المخرج محمد عبدالجواد إقناعه بالعمل في السينما، إلى أن وافق وعمل مساعدًا للمخرج محمد عبدالجواد في أفلام «الدنيا بخير» 1946، و«عادت إلى قواعدها» 1946، و«أزهار وأشواك» 1947، ثم بدأ يشق طريقه بكتابة قصة وسيناريو فيلم «أسير الظلام» عام 1947.
وتزوج عز الدين ذو الفقار من الفنانة فاتن حمامة سنة 1948 بعد قصة حب بدأت مع ثاني عمل سينمائي جمعهما في فيلم «خلود»، الفيلم الوحيد الذي شارك عز في تمثيله إلى جانب إخراجه، وكان أول لقاء بينه وبين فاتن في فيلم «أبوزيد الهلالي» عام 1947.
ومما يثير الدهشة في مشوار عز الدين ذو الفقار تلك الحرفية العالية في الكتابة، فكل أفلامه له فيها بصمة كمؤلف، خاصة في اختيار القصة أو كتابة السيناريو، وهو أمر غريب بالنسبة لضابط عاش حياته يدرس العلوم العسكرية، وربما تزول الدهشة قليلًا عندما نعرف عشق عزالدين للقراءة الموسوعية -بحسب تقرير أعدته جريدة الشرق الأوسط- خاصة في علوم النفس والفلك والتاريخ والفلسفة، بالإضافة إلى انفتاحه على الآداب الأجنبية ومتابعته الدقيقة للقصص والروايات والمسرحيات العالمية، وقبل ذلك صداقته لاثنين من ألمع كُتّاب الرواية في عصره، هما يوسف السباعي، الذي كان زميلًا له في الجيش، وإحسان عبدالقدوس، الذي كان زميلًا له في الدراسة الثانوية، وزاد من التقارب أن قصصهما الرومانسية صادفت هوى في نفسه وتجاوبت مع ميوله الإخراجية ونوعية أفلامه المفضلة ذات النزعة العاطفية الرومانسية.
ومن إبداعات المخرج الراحل، الذي لُقّب بـ(فارس السينما الرومانسية)، «نهر الحب»، «بين الأطلال»، «إني راحلة»، «الشموع السوداء»، «رد قلبي».. وهي أفلام لا تزال خالدة في ذاكرة السينما المصرية والعربية، بالإضافة إلى غيرها الكثير.
- محمود قابيل
تخرج محمود قابيل في الكلية الحربية عام 1964، وعمل ضابطًا في القوات المسلحة، ثم اتجه إلى الفن وشارك في العديد من الأعمال، وكان أول أعماله المشاركة في فيلم «العصفور» مع صلاح قابيل ومحسنة توفيق، ومن إخراج يوسف شاهين عام 1972.
وفي بداية الثمانينيات من القرن الماضي قدم عملين فقط، هما فيلما «أبوالبنات» مع وحش الشاشة فريد شوقي، و«وادي الذكريات» مع الفنانة شادية، ليسافر بعدها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أقام 14 عامًا، عمل خلالها في قطاع السياحة.
وبسبب حبه الشديد للفن، عاد إلى مصر عام 1994 ليستكمل نشاطه الفني، من خلال فيلم «لحم رخيص» من إخراج إيناس الدغيدي، وفيلم «ضربة جزاء» من إخراج أشرف فهمي عام 1995.
ومن أشهر مسلسلاته «ست الحسن، أين قلبي، هوانم جاردن سيتي، تعالى نحلم ببكرة، ضبط وإحضار».
أخبار متعلقة :