أخبار عاجلة

اقتراب أفق الحل السياسى لأزمة سوريا بعد جنيف3 والانسحاب الجزئى الروسى

اقتراب أفق الحل السياسى لأزمة سوريا بعد جنيف3 والانسحاب الجزئى الروسى اقتراب أفق الحل السياسى لأزمة سوريا بعد جنيف3 والانسحاب الجزئى الروسى

تأتى الجولة الحالية من اجتماعات جنيف ـ3 والتى بدأت فى 14 مارس الجارى بشأن الأزمة السياسية بسوريا وسط أجواء دولية وإقليمية تدفع باتجاه اقتراب الحل السياسى للأزمة التى دخلت عامها الخامس، بعد أن أخفقت كل الاجتماعات السابقة فى اختراق الأزمة من أجل التوصل لحل سياسى، وإن كانت تلك الاجتماعات قد مهدت البيئة الإقليمية والدولية المناسبة لكى تضع الحرب أوزارها.

ففى الوقت الذى بدأت فيه مفاوضات جنيف ـ3، كان الرئيس الروسى بوتين قد أعطى أوامره للقوات العسكرية الروسية الموجودة فى سوريا بالانسحاب لبعض القوات، معلناً أنها حققت الأهداف المطلوبة منها، تزامن ذلك مع تصريحات إيجابية للمبعوث الأممى لسوريا دى ميتسورا.

وأكد المبعوث الدولى أن "العد التنازلي" لتسوية الأزمة السورية قد بدأ دون انتظار تقدم فى تشكيل حكم انتقالى أو إيجاد صيغة سياسية مقبولة لدى الجميع، وإلا فسيكون هناك خطر لتأجيل هذه العملية إلى ما لا نهاية له.

إضافة إلى ما سبق، فإن ثمة ظروف عدة جعلت تسوية النزاع المسلح فى سوريا أكثر إلحاحا، وهى أزمة اللاجئين التى أيقظت القادة الأوروبيين والأمريكيين أيضا، ومواصلة تنظيم داعش تهديداته وقدرته على تنفيذ "هجمات فى باريس أو فى الولايات المتحدة أو فى كندا.

ولعل الانسحاب الروسى تم لسببين، الأول الضغط على نظام بشار للقبول بالحل السياسى ليتحمل مسؤولية إفشال محادثات جنيف، وإيصال رسالة مباشرة إلى الرئيس السورى بشار الاسد ووفده المفاوض فى جنيف بالابتعاد عن التشدد وضرورة الالتزام بروح الحلول الوسط، بعيدا عن محاولات تبنى الشعارات التى سبق ورددها الاسد حول عزمه على مواصلة القتال حتى تحرير كل الارض السورية والقضاء على المجموعات الارهابية، أما السبب الثانى وهو تنفيذ الاتفاق الروسى- الأمريكى بحل الأزمة بسوريا سياسيا، ولكن الانسحاب لا يعنى انتهاء الدور الروسى، وإنما إجراء لتنفيذ التفاهمات والاتفاق غير المعلن الذى تم بين بوتين وبشار.

إذ أكد بوتين أن القوات الروسية أنجزت الأهداف التى أعلنت عنها مع بداية العمليات العسكرية فى سوريا، مشيرا إلى أن قرار الانسحاب ينسحب على الجزء الأعظم من القوات الروسية، ما يعنى الابقاء على القاعدة البحرية فى طرطوس والقاعدة الجوية الرئيسية فى حميميم، وهى المناطق التى تعهد بوتين بالدفاع عنها بما تملكه قواته من أسلحة برا وبحرا وجوا من أجل مراقبة نظام وقف الأعمال القتالية، الذى توصلت إليه موسكو بالاتفاق مع الولايات المتحدة الامريكية.

ويرى خبراء الشأن السياسى، أن موسكو ربما أجرت حساباتها الاستراتيجية فاختارت الوقت المناسب للخروج، خشية أن يتحول وجودها فى سوريا إلى ورطة، إذا فشلت المفاوضات، ولجأت الدول المنافسة إلى خطة بديلة قوامها تحويل سوريا إلى أفغانستان روسية جديدة، فروسيا ليس فى وسعها التورط عسكريًا مدداً طويلة فى مناطق بعيدة، وثمة حدود لقدرتها الاقتصادية على التحمل، لكنها تريد الدفع باتجاه تسوية تحافظ على مؤسسات الدولة والجيش، فى الوقت نفسه.

كما أن هذا القرار الروسى قد أعطى دفعة قوية للمعارضة السورية باقتراب الأمل بالتوصل لحل سياسى للأزمة، الأمر الذى يحتم عليها التحلى بروح الجماعية والوطنية وأن توحد جهودها حتى يعم الاستقرار سوريا من جديد.

وعلى الرغم من التوقعات بعدم تحقيق الجولة الحالية نتائج ملموسة على صعيد الحل، نتيجة التباين الواضح فى الرؤى بين النظام والمعارضة حول شكل المرحلة الانتقالية، لكن من الواضح وجود إرادة دولية للدفع باتجاه الحل السياسى، وهو ما لم يكن يتوفر فى السابق، ويفتح ذلك الباب نحو بدء جولة ثانية، بعد استراحة قد تمتد أسبوعين آخرين، وسوف تساعد هذه الجولة فى سبر حقيقة النوايا الدولية بصورة أفضل، وتركيز الأضواء على طبيعة الحل الذى تسعى إليه القوى الدولية فى سوريا، وحقيقة التفاهمات التى توصلت إليها مؤخراً مع الولايات المتحدة.

ولعل هذه الجولة تفتح باباً واسعاً للأمل نحو اقتراب الحل السياسى للأزمة السورية، بعد خمس سنوات من الدمار والدماء، بشرط أن يتحلى النظام والمعارضة بروح المسئولية التاريخية، يدعمهم فى ذلك مواقف أممية تُعلى من قيم الأمن والاستقرار الإقليمى والدولى.
>

اليوم السابع