أخبار عاجلة

عصام الحداد: الشعوب الإفريقية تعتقد أن سبب غياب التنمية في بلادهم

عصام الحداد: الشعوب الإفريقية تعتقد أن مصر سبب غياب التنمية في بلادهم عصام الحداد: الشعوب الإفريقية تعتقد أن سبب غياب التنمية في بلادهم
علاقات مع إثيوبيا تأتي في قلب اهتمامها بالسياسية الخارجية في إفريقيا

كتب : أ ش أ منذ 25 دقيقة

قال الدكتورعصام الحداد مساعد رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية، إن مصر تسعى لبناء منظومة علاقات إيجابية يتكامل فيها مساري التعاون في قضايا التنمية وملف المياه، في إطار مقاربة متعددة الأبعاد لإعادة بناء العلاقات المصرية الإثيوبية، تستهدف جعل القضايا الخلافية جزءا من منظومة أكبر للتعاون، تساعد بمكوناتها المتنوعة على الحفاظ على المصالح الوطنية للجانبين.

وأكد الحداد، في مقال نُشر بالمدونة المصرية للعلاقات الدولية، أنه إذا كانت الرؤية الاستراتيجية للسياسة الخارجية المصرية تضع أولوية للبعد الإفريقي، فإن العلاقات المصرية الإثيوبية تأتي في قلب هذا الاهتمام. وأشار إلى أن إثيوبيا دولة هامة ومؤثرة في القارة الإفريقية، وأحد اقتصاداتها الصاعدة، كما أنها طرف أصيل في منطقة القرن الإفريقي، التي لا تزال تشهد تفاعلات سياسية واقتصادية واجتماعية تؤثر بشكل غير مباشر على المصالح الوطنية ذات الصلة بالأمن القومي المصري.

وقال إن إثيوبيا هي الشريك الأهم لمصر مع السودان في ملف حوض النيل، باعتبارها دولة أساسية من دول المنابع، نظرا لسيادتها على منابع هضبة الحبشة، إلى جانب تأثيرها المباشر في منطقة البحيرات الاستوائية. وتشير تلك المعطيات مجتمعة إلى ضرورة تطوير علاقات ثنائية مصرية إثيوبية قوية ومستقرة، وهو ما تعرض لكثير من التراجع منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي. وأضاف أنه، ومن هذا المنطلق، تتبنى مصر توجها جديدا لإعادة بناء تلك العلاقات المصرية الإثيوبية، يعتمد اقترابا متعدد الأبعاد ويرتكز على مبدأ الشراكة في التنمية، مستهدفا خلق مصالح سياسية واقتصادية بين البلدين، إيمانا بأن التنمية الحقيقية التي توفر الاحتياجات الأساسية وترفع من مستوى المعيشة على كافة الأصعدة هي المفتاح الحقيقي لمواجهة الأزمات، والتحول تدريجيا نحو استقرار يحمي المصلحة الوطنية، من خلال تحقيق المنفعة المشتركة، ليس فقط بين مصر وإثيوبيا، ولكن مع كافة الدول الإفريقية بشكل عام.

إثيوبيا والسودان هما الشريكان الأهم لمصر في ملف حوض النيل.. والاتفاقية الإطارية مشكلة تتجاوز إثيوبيا إلى حوض النيل

ًوأوضح مساعد رئيس الجمهورية أن مصر تعتمد في ذلك على مقاربة متعددة الأبعاد، تشمل تواصلا سياسيا مستديما مع إثيوبيا على كافة المستويات، بدءا باتصالات وزيارات رئاسية متبادلة، مرورا بالتنسيق بين كافة الوزارات المعنية للبلدين، ووصولا إلى تفعيل مؤسسات المجتمع المدني والعلاقات الشعبية والتوعية الثقافية والإعلامية بأهمية العلاقات المصرية الإثيوبية والإفريقية ككل، كما يتم ذلك من خلال مقترحات باتفاقيات وبروتوكولات تعاون في مختلف المجالات الاقتصادية، مثل الزراعة والري والصناعات الغذائية والطاقة والبنية التحتية، والمجالات الخدمية والمشروعات التعليمية والصحية، لإيجاد شراكة حقيقية تخلق فرصا جديدة وتحقق مصلحة مشتركة، من خلال تفعيل مجالات التعاون القائمة وإضافة المزيد لتدعيمها ونقلها إلى مراحل نوعية جديدة. وأضاف أن هذا التوجه يتيح إيجاد أرضية مشتركة للتعامل مع الأزمات التي تؤدي إلى توتر العلاقات الثنائية بين البلدين، ولا زالت تراوح مكانها منذ فترة، خاصة ملفي الاتفاقية الإطارية وسد النهضة المرتبطين مباشرة بقضية حصة مصر من مياه النيل وسبل حمايتها.

وقال الحداد إنه فيما يتصل بالاتفاقية الإطارية، فهي مشكلة تتخطى ثنائية مصر وإثيوبيا إلى بقية دول حوض النيل. وتكمن مشكلتها الأساسية في عدم النص على الالتزام بالحصص التاريخية لكل من مصر والسودان والمترتبة على الاتفاقيات السابقة. ورغم سلامة الموقف المصري السوداني قانونيا، إلا أن التجربة أثبتت أن النتيجة النهائية تعتمد كثيرا على أبعاد سياسية للعلاقات بين الدول.

وأوضح أن مصر ترى ضرورة إطلاق التفاوض من جديد، وأن تبذل الدبلوماسية المصرية جهدا مضاعفا للتوصل إلى اتفاق يُرضي كافة الأطراف، من خلال تبني مفهوم عدالة الاستخدام، الذي لا يعني تقاسم المياه بالتساوي، ولكن توفير المياه اللازمة لاحتياجات كل دولة من دول الحوض، أخذا في الاعتبار مواردها المائية الأخرى بخلاف نهر النيل، وهو الأمر الذي يمكِّن المفاوض المصري من دمج مفاهيم أكثر حداثة ضمن التفاوض، ليشمل كافة موارد الحوض وليس فقط مياهه السطحية، مثل المياه الخضراء والمياه الافتراضية وفرص حصاد الأمطار واستغلال الفواقد وغيرها، بحيث تزداد فرص التوصل إلى صيغة جديدة للاتفاقية الإطارية، تحفظ مصالح مصر وتراعي في ذات الوقت الاحتياجات المشروعة للدول الأخرى، وتقر نظاما مستقرا لتقاسم الموارد في الحوض، وتفتح الطريق أمام نموذج للتعاون التنموي بين دُوَلِه بدلا من الصراع الذي يهدر مواردهم جميعا بدرجات متفاوتة.

على مصر أن تتبنى مفهوم عدالة الاستخدام وليس تقسيم المياه بالتساوي

وأشار إلى أنه فيما يتصل بسد النهضة، فالطرح الحالي الذي يصدر بشأنه تقرير نهائي من اللجنة الفنية المختصة يثير المخاوف من تأثيره سلبا على حصة مصر من المياه ونوعيتها، لافتا إلى أن رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل ميليس زيناوي نجح في تحويل السد إلى مشروع قومي يلتف حوله الشعب الإثيوبي، وتعزز معارضة مصر للمشروع من صورة نمطية سلبية لمصر أخذت في الانتشار بين الشعوب الإفريقية خلال العقود الماضية، مفادها أنها أحد أسباب غياب التنمية والتقدم الاقتصادي في البلاد الإفريقية، نظرا لاستحواذها، بغير وجه حق في رأيهم، على الجزء الأكبر من المياه اللازمة لعمليات التنمية كافة، وهي صورة يتوجب تغييرها وتصحيحها.

وأوضح أن مصر تسعى لأن تكون شريكا حقيقيا في التنمية في إفريقيا، وتعي وتحترم حقوق ومطالب الشعوب في التنمية، ولكنها تتمسك أيضا بمبدأ عدم الإضرار بأي من الأطراف كنتيجة لمشروعات تنموية حالية أو مستقبلية. ومن هنا جاء توجه السياسة الخارجية المصرية في محاولات التفاهم المستمر مع إثيوبيا حول كيفية إدارة مشروع السد من خلال قضايا فنية عديدة، تشمل المواصفات الهيدرولوكية للسد، بما فيها معاملات الأمان اللازم توافرها فيه، وخطة الملء والتشغيل المناسبة التي لا تؤدي لتضرر المياه المتدفقة، واشتراك الخبراء المصريين في لجنة إدارة وتشغيل السد.

رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل ميليس زيناوي نجح في تحويل السد إلى مشروع قومي يلتف حوله الشعب

وشدد عصام الحداد على أن التحرك المصري في هذا الإطار يتم بالتنسيق الكامل مع السودان، من خلال لجنة الخبراء الثلاثية الدولية المنوط بها إصدار التقارير الخاصة بتقييم السد، مع التأكيد دائما من الجانب المصري لدى الدول والجهات المانحة لمشروع بناء السد بضرورة انتظار التقارير الفنية الرسمية النهائية قبل تمويل المشروعات المرتبطة به. وقال إن الدبلوماسية المصرية تتحرك مع الدول والجهات المانحة للمشروعات في أي من دول الحوض بعدم البدء في المشروعات المائية بدون إخطار مسبق، والتوافق مع الدول الأخرى المتأثرة بتلك المشروعات.

ON Sport