أخبار عاجلة

زراعة رحم

زراعة رحم زراعة رحم

نشر قبل أيام أن سيدة سويدية وضعت حملها بنجاح، وأنها هى ووليدها بصحة جيدة، هذا خبر عادى يحدث فى أكثر من مرة فى الثانية، غير العادى أن السيدة السويدية خلقها الله بلا رحم، ومن ثم فإن العقم كان مقدراً عليها منذ ميلادها، ولكن أمكن فى العام الماضى زراعة رحم لها، وتبرعت لها سيدة بالرحم، المتبرعة صديقة لها وتبلغ من العمر 61 عاماً، أى أنها بلغت سن اليأس منذ سنوات، ومن ثم فإنها لم تضر كثيراً من جراء استئصال الرحم، ويومياً فى مصر هناك سيدات يتم استئصال الرحم لهن، ليس بهدف التبرع ولكن لأسباب مرضية.

لم يجد الخبر الاهتمام اللائق فى صحفنا وإعلامنا، نشر الخبر فى الصفحة الأخيرة بعدد من الصحف المصرية والعربية، باعتباره إحدى الطرائف، وحدها جريدة «الأخبار» أفردت له عنواناً رئيساً فى الصفحة الأولى، وكنت أتمنى لو تمت متابعة صحفية لهذا الحدث، وإمكانية الاستفادة منه فى مصر، نحن نعرف أن لدينا مشكلة اسمها عدم الإنجاب، تؤرق الكثير من السيدات والرجال، وهناك زيجات تفسخ بسبب عدم الإنجاب وزيجات تعقد بهدف الإنجاب، يتساوى فى ذلك المتعلم وغير المتعلم.. الفقير والغنى، ولعلنا نتذكر حكاية تناقلتها كواعب النميمة قبل حوالى عقد، لمسؤول رفيع مارس كل نفوذه كى يتزوج سيدة عرف عنها أنها ولود، وارتكب فى سبيل هذه الزيجة الكثير من التجاوزات القانونية والأخلاقية، لكنها لم تنجب ولم تقدم له الوريث الذى يريد أن ينعم به، وفركت الزوجة الأولى يديها حبوراً، بعد أن ثبت أن العقم شأنه هو وليس شأنها هى.

الاهتمام والمتابعة الصحفية والإعلامية التى أتحدث عنها، وأتمناها لتضع الأمر فى اهتمام الرأى العام وفى اهتمام صناع القرار الطبى والعلمى فى مصر، الفريق الطبى الذى قام بزراعة الرحم للسيدة السويدية هو نفسه الذى تابعها فى الحمل وفى الولادة، ومن تصريحات رئيس هذا الفريق، وهو طبيب أمراض نساء وتوليد جاء أنهم عملوا على هذا الإنجاز لمدة عشر سنوات، أى أن فكرة زراعة الرحم كانت لديهم، وكانوا يدرسون حولها إمكانية التنفيذ ومدى النجاح المتوقع، وها هم قد نجحوا.

ومن الخبر المنشور فهمت أن القضية لم تحتج إنفاقا مالياً طائلا ولكن فريق طبى أراد أن يجد حلاً لمشكلة تتعرض لها بعض السيدات، وكانت بلا حل، وهنا ننتقل إلى مصر، فلدينا أطباء كبار فى هذا التخصص، وهؤلاء لديهم الإخلاص فى علمهم ومع مرضاهم، وفيهم من لا تعنيه قضية الأموال، بل يساعدون غير القادرين، وأشهد هنا للدكتور محمد أبوالغار، وكنت لسنوات «12 سنة» مسؤولاً عن تحرير باب «بريد المصور» ومن بين الشكاوى التى كانت تصلنى ما يتعلق بهذا الجانب، وكنت أنصحهن بالذهاب إلى الدكتور أبوالغار، وكان الرجل كريماً وصبوراً وإنسانياً إلى أبعد حد، لا ينقصنا الأطباء الأكفاء والمهرة، ولا ينقصنا الأطباء الذين وصلوا إلى أرفع المستويات العلمية العالمية، لكن يبدو لى أنه ينقصنا المشروع الطبى، الذى يتيح لفريق طبى أن يتجاوز العلم المتاح ويتقدم خطوات فيه، صحيح أن عندنا نماذج للإنجاز، مثل العظيم د. محمد غنيم ومشروعه الطبى المتميز فى المنصورة، وأمامنا مشروع د. مجدى يعقوب فى أسوان ومشروع مستشفى السرطان، نريد إنجازاً من نوع آخر، يحل مشاكل طبية قائمة خاصة أن لدينا مرضى الكبد والفشل الكلوى، ولدينا نسبة مرتفعة جداً من أمراض العيون، نحن فى مقدمة المجتمعات المصابة بأمراض العيون، ولدينا ولدينا.. تأمل الآن مرض «الإيبولا» وهناك جهد هائل يتم فى المعامل الأمريكية والصينية للبحث عن دواء لهذا المرض، وكان الأولى بذلك الاهتمام المعامل المصرية، خاصة أن المرض يقترب من حدودنا، وأنه من الواجب أن يكون لنا دور أكبر فى أفريقيا.

نحتاج اهتماماً طبياً وعلمياً، تتبناه وزارة الصحة والجامعات وأساتذة الطب من كبار الأطباء، ولابد من مساندة إعلامية قوية، كى تكون القضايا الطبية والعلمية فى أولوياتنا، وكفانا عقوداً من الاهتمام بالثعبان الأقرع ودخول الحمام بالقدم اليمنى أو اليسرى أولاً، ومخاطر مصافحة النساء، فى هذا العالم وفى حياتنا ما هو أهم وأجدى.

اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة

SputnikNews