أخبار عاجلة

مذبحة حى الشجاعية: احتفال إسرائيلى بذكرى «صابرا وشاتيلا»

أقرب ما يمكن وصف ما تعرض له حى الشجاعية بشرق مدينة غزة، أنه جريمة إسرائيلية على غرار مذبحة «صابرا وشاتيلا» حيث أبادت إسرائيل من قبل الفلسطينيين فى المخيمات بلبنان، وهو ما تكرر فى الحى الذى نفذت تل أبيب فيه مذبحة جديدة، الأحد، خلفت وراءها 72 شهيداً، و400 جريح، ونحو 125 ألفاً مشردين من سكان الحى القريب من السياج الأمنى الإسرائيلى المحيط بالمدينة من الناحية الشرقية.

انجلى غبار الجريمة المروعة، ومع إعلان «هدنة إنسانية» لساعتين توسطت فيها اللجنة الدولية للصليب الأحمر بين «حماس» و«إسرائيل»، واندفع سكان الحى بحثاً عن المفقودين من أسرهم وأقاربهم وجيرانهم، لكنهم وجدوا جثثا وأشلاء لنساء وأطفال ومسنين ملقاة فى الشوارع والأزقة، ودماء على الجدران، وعشرات المنازل المدمرة وكأنها تعرضت لزلزال، فيما لاتزال سحب الدخان تنبعث منها. المشاهد أعادت إلى الأذهان مجزرة «صابرا وشاتيلا» التى ارتكبتها إسرائيل بحق اللاجئين الفلسطينيين فى لبنان فى سبعينات القرن الماضى.

يقول الناجون من المجزرة إن قوات الاحتلال تعمدت إحراق «الشجاعية» وسكانه، حيث ألقت عشرات القذائف على المنازل السكنية، فدمرتها، وشردت أهلها، واقتلعت الأشجار ودمرت عشرات السيارات، ومن بينها سيارات إسعاف، فضلاً عن دمار واسع لحق بالمحال التجارية والورش الصناعية.

ولاحقت حمم القذائف «الإسرائيلية» الهاربين من الحى الذى تحول لقطعة من الجحيم، حيث وقع شهداء وجرحى، لم يستطع أحد انتشالهم وظلوا ينزفون حتى الصباح.

وتقول منى حلس، التى نزحت من الحى بعد ساعات قضتها مع أسرتها تحت القصف، إن القذائف كانت تنهال على منازل الحى مثل المطر، وتسببت فى القضاء على أسر بكاملها داخل المنازل.

وتسللت منى وأسرتها مع ساعات الصباح الباكر من الحى، ونجحوا فى الوصول إلى منزل آخر تمتلكه الأسرة فى شارع الوحدة بالمدينة فيما لاتزال أسر محاصرة فى منازلها بسبب وجودها فى مناطق شديدة الخطورة وقريبة من منطقة تمركز قوات الاحتلال شرق الحى.

وفى أحد منازل الحى الذى دمرت أجزاء كبيرة منه، صرخ شاب فى العشرينيات من عمره: «الله أكبر، الله أكبر» عندما عثر على جده السبعينى على قيد الحياة ودون أن يصاب بأذى، وقال للصحفيين:«رفض أن يخرج معنا، وأصر على البقاء فى المنزل، وهو يردد إذا كتب الله لى الموت فسأكون شهيداً، ولكن الله سلمه من هذا العدو المجرم».

روايات مؤلمة يرويها الناجون من المجزرة، الذين اكتظت بهم ساحة مستشفى الشفاء الرئيسى فى غزة، والمدارس الحكومية والتابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، بينما لجأ آخرون لمنازل أقاربهم، وقضت بعض الأسر النازحة ليلتها فى الساحات والحدائق العامة.

أبومحمد السكافى، الذى تشتت عائلته بين شهيد وجريح ومشرد، يصف ما حل بـ«الشجاعية» بأنها «مجزرة بشعة»، حيث استشهد 6 من عائلته وأصيب آخرون، وبعضهم لايزال فى عداد المفقودين، ولم تنجح طواقم الإسعاف والدفاع المدنى فى العثور عليهم خلال ساعتى «الهدنة الإنسانية» بسبب ضيق الوقت واستئناف القوات الإسرائيلية قصف الحى قبل انقضاء الهدنة.

ولجأ أبومحمد بأسرته المكونة من 9 أفراد إلى المستشفى حيث قضى ليلته يتفقد ضحايا عائلته، وكثير من جيرانه الذين توزعوا بين ثلاجة الموتى الممتلئة بالجثامين، وأسرة العلاج.

وجلست إيمان منصور إلى جانب ثلاثة من أطفالها أصابتهم شظايا الاحتلال أثناء نزوحهم من الحى، وقالت: «نجونا بأعجوبة، كانت القذائف تنفجر حولنا حيث قررت مع زوجى المغامرة والخروج من الحى للنجاة بأطفالنا، وكثير من الجيران كانوا يركضون فى الشوارع هرباً وأصيب أطفالنا بشظايا قذيفة وركضنا على أقدامنا أكثر من كيلو متر قبل أن تنقلنا سيارة إسعاف إلى المستشفى».

ولم تستثن قذائف الاحتلال طواقم الإسعاف والدفاع المدنى والصحفيين، واستهدفتهم بشكل مباشر، ما أدى إلى استشهاد مسعف وممرض وصحفى، وإصابة 9 مسعفين.

وقال صحفيون إن قوات الاحتلال «الإسرائيلى» استهدفتهم وطواقم الإسعاف قبل انقضاء مهلة «الهدنة الإنسانية» ما دفعهم إلى النجاة بأنفسهم ومغادرة الحى.

وقال وكيل وزارة الصحة الطبيب، يوسف أبوالريش، إن قوات الاحتلال تستهدف «كل شىء يتحرك فى الحى»، وحذر من كارثة صحية وإنسانية إذا لم يتم السماح لطواقم الإسعاف بانتشال الشهداء قبل تحلل جثثهم فى ظل ارتفاع درجات الحرارة، والجرحى الذين قد يكونون توفوا بعدما ظلوا ينزفون لساعات ولم تكن ساعتا الهدنة كافيتين لانتشالهم جميعاً.

وبحسب «أبوالريش» أبادت قوات الاحتلال عائلات بأكملها مثل عائلة عيّاد التى استشهد منها 10 أفراد، والسكافى التى استشهد منها 6 وعائلة الحية التى فقدت 4 أفراد هم أبوان وطفلاهما.

وقال مدير المركز الفلسطينى لحقوق الإنسان راجى الصورانى، تعقيباً على ما تعرض له الحى، إن مجزرة الشجاعية تضاف إلى رصيد «إسرائيل» الطويل فى ارتكاب المجازر، حيث مارست «القتل الجماعى» ضد سكان الحى من المدنيين، وهجر 125 ألف مواطن منازلهم فيه.

ولفت إلى أن 84% من ضحايا العدوان «الإسرائيلى» على غزة هم من النساء والأطفال والشيوخ والمدنيين العزل، وتعهد بملاحقة مرتكبى الجرائم، وندّد بالعجز الكامل للجنة الدولية للصليب الأحمر فى حماية المدنيين، وإخلاء الجرحى والشهداء.

ويعانى آلاف الغزاويين من أزمة نقص المياه، حيث استهدفت المقاتلات الإسرائيلية آبار المياه، منذ بدء الحرب قبل 15 يوماً، وتشكو مناطق واسعة فى القطاع عدم وصول المياه إليها منذ عدة أيام، وطال القصف أيضاً مؤسسات رسمية وأهلية وشبكات الكهرباء وصرف صحى.

ودمرت المقاتلات الحربية الآبار الخاصة فى أحياء النصر والزيتون والشجاعية والصبرة، وخطوط مياه رئيسية تخدم عشرات الآلاف ويلجأ السكان إلى شراء المياه المعدنية لأغراض الطهى والشرب.

وتواجه طواقم المياه صعوبة بالغة فى إصلاح الآبار المدمرة بسبب الاستهداف المباشر لها، حيث استشهد موظف من مصلحة المياه رغم التنسيق المسبق بين الصليب الأحمر وقوات الاحتلال.

SputnikNews