قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، فى عددها اليوم، إن الأزمة السورية تسببت فى قطع الطرق وصعوبة نقل البضائع عبر حدودها، وهو ما أثر على التجارة التركية التى كان يتم نقلها عبر سوريا وصولا إلى المملكة العربية السعودية، ولكنها أشارت إلى أن الشركات التركية وجدت حلولا أخرى عن طريق الملاحة حول سوريا وصولا إلى مصر ومنها إلى قناة السويس ثم عبر البحر الأحمر إلى السعودية، وهو ما أسفر عن ازدهار نوع جديد من التجارة فى تركيا.
وأضافت الصحيفة، أن الأزمة المالية الطاحنة فى اليونان المستمرة منذ ثلاث سنوات كانت قد أثرت على حركة السائحين فى الجزر اليونانية، ثم جاءت الأزمة السورية وأوجدت فرصا جديدة للأتراك، وذلك حيث كانت العبارة نيسوس رودوس تنقل السائحين فى جولة عبر الجزر اليونانية، ولكنها توقفت فى ظل الأزمة الاقتصادية اليونانية، ثم فتحت الأزمة السورية آفاقا جديدة للعمل، وأصبحت العبارة تتمركز فى تركيا وتنقل الخضروات والمنسوجات إلى أسواق الشرق الأوسط، حيث تمكن الشاحنات من الطواف حول سوريا بدلا من المرور عبرها.
وأشارت الصحيفة إلى أن تجربة هذه العبارة أثبتت أن التجارة تزدهر فى أوقات الحرب، فبعدما أصبحت سوريا تعرقل التدفق الطبيعى للتجارة، وجد رجال الأعمال الأتراك حلولا، فبدلا من المرور عبر سوريا ثم الأردن وصولا إلى المملكة العربية السعودية، أصبحت العبارة تحمل البضائع إلى مصر مرورا بقناة السويس إلى ميناء آخر ثم تنتقل عبر عبارة أخرى لعبور البحر الأحمر والوصول إلى ميناء جدة فى المملكة العربية السعودية.
وأضافت الصحيفة، أن الحرب فى سوريا كانت قد أثرت على الاقتصاد الإقليمى، فيقول المسئولون الأتراك، إن التجارة التى كانت منتعشة بين تركيا وسوريا انخفضت بنحو الثلثين، مما أوقف مليارات من الدولارات من التجارة عبر الحدود والسياحة، وتزامنت تأثيرات الحرب السورية مع الأزمة المالية فى اليونان التى أثرت على معدل البطالة بها وعلى معدل التجارة مع تركيا، ولكن وسط الحرب دائما ما تجد الأنشطة الاقتصادية مخرجا.
ولكن وفقا للصحيفة، فلهذه التجارة جانبها المظلم، فبالرغم من أنها وفرت فرص عمل لبعض اللاجئين السوريين الفقراء، تؤكد الجماعات الحقوقية أنهم يتلقون أجورا أقل بكثير من نظرائهم الأتراك.
كما رفع أصحاب الأراضى أسعار الإيجار أمام اللاجئين، وهو ما جعل هذه الإيجارات تزدهر فى تركيا، وإن كان اللاجئون الفقراء أصبحوا يواجهون صعوبة فى العثور على ملجأ.
من جهة أخرى، ذكرت الصحيفة أن عمل العبارة يعد من أكبر المشروعات التى نجمت عن الحرب، فيقول أحد أصحاب الشركات التركية الذى طلب عدم ذكر اسمه، أن الرحلة إلى المملكة العربية السعودية ومنها كانت تستغرق أسبوعا وتتكلف نحو 3000 دولار للشاحنة، الآن أصبحت الرحلة تستغرق أسبوعين وأكثر وتتكلف 8000 للشاحنة، ولكنه أكد أن الأمر يستحق التكلفة، مؤكدا أن هناك رحلة أخرى تنطلق من تركيا إلى الشرق الأوسط، ومن ثم فهناك نحو 500 شاحنة تخرج أسبوعيا من كلا الميناءين، مؤكدا أن الطلب على الخدمة هائل وأن الخدمة سوف تتضاعف خلال الشهر الجارى.
وأضاف أنه حتى إذا ما تم التوصل للسلام فى سوريا فإن الأمر سوف يستغرق على الأقل خمس سنوات حتى تعود الأمور لطبيعتها هناك، ومن ثم فإن هذا النوع من العمل مستمر لفترة طويلة قادمة.