أخبار عاجلة

تكسير الصلبان.. من حلب إلى ديالا!

قال أبومحمد العدنانى، الناطق باسم الدولة الإسلامية فى العراق والشام إن مسمى «داعش» قد ألغى واستبدل به مسمى «الدولة الإسلامية»، و«إن الدولة ممثلة بأهل الحل والعقد من الأعيان والقادة والأمراء ومجلس الشورى قررت إعلان الخلافة الإسلامية وتنصيب خليفة دولة المسلمين ومبايعة الشيخ المجاهد أبوبكر البغدادى فقبل البيعة وصار بذلك إماماً وخليفة للمسلمين، وعليه يلغى اسم العراق والشام من مسمى الدولة ومن التداولات والمعاملات الرسمية، ويقتصر على اسم الدولة الإسلامية من هذا البيان»، وتابع أبومحمد العدنانى، وأنا هنا أنقل من صحيفة الحياة عدد الإثنين 30 يونيو 2014: «ها هى راية الدولة الإسلامية.. راية التوحيد عالية خفاقة مرفرفة تضرب بظلالها من حلب إلى ديالا، وباتت أسوار الطواغيت مهدمة وراياتهم مكسرة.. والمسلمون أعزة والكفار أذلة وأهل السنة سادة مكرمين وأهل البدعة خاسرة.. وقد كُسرت الصلبان وهدمت القبور وقد عين الولاة وكلف القضاة وأقيمت المحاكم ولم يبق إلا أمر واحد، حلم يعيش فى أعماق كل مسلم، أمل يرفرف له كل مجاهد ألا وهو الخلافة». انتهى الاقتباس لأبدأ بنفسى وبعشرات وربما مئات وآلاف ممن أعرف شخصياً ومن أدرك تشابه القناعات معهم، وكلهم مسلمون موحدون ولكنهم لا يحلمون لا فى أعماقهم ولا فى شواشيهم بتلك الخلافة، خاصة إذا كانت بطريقة العدنانى والبغدادى وأشباههما.

ثم أستطرد بالأمر الثانى وهو سؤال واجب: هل سيتعين على دعاة الخلافة فى تركيا والأردن ومصر وغيرها أن يعلنوا بيعتهم لخليفة المسلمين الذى أعلنت خلافته منذ ثلاثة أيام؟ هل سيصدر أردوغان وحزبه وبديع وعصابته ومخيون وعصبته وهنية وجماعته بياناً مشتركاً بالانضواء تحت سلطة الخلافة، والاستقالة من عواقلهم حتى يأتيهم التكليف من الخليفة أمير المؤمنين البغدادى فإذا قبل باستمرارهم استمروا وإذا استبدل بهم غيرهم سلموا وخضعوا؟! هل ستبدأ حرب تكسير الصلبان وهدم القبور فى بقية الأرجاء حتى تكون راية التوحيد عالية خفاقة مرفرفة وحتى يصبح المسلمون فى كل الأرجاء أعزة والكفار أذلة وأهل السنة سادة مكرمين وأهل البدعة- يعنى بالفم المليان الشيعة- خاسرة؟!

هل من الوارد مناقشة ذلك الكلام باعتباره أطروحات ذهنية وآراء فقهية ومواقف دينية، والرد عليه بما جاء فى نصوص القرآن الكريم، ومتون السنة النبوية المطهرة، والراجح فى آراء واجتهادات الأئمة من التابعين وتابعى التابعين وكل المذاهب وكل أعمال المجامع الإسلامية الفقهية؟ أم أن الأصوب هو التعامل مع ذلك الكلام باعتباره هذياناً ينم عن أمراض عقلية وعقد نفسية وجهل مستقر عميق؟ أم أن الأكثر صواباً هو التعامل معه باعتباره إعلان حرب من جانب عصابات مسلحة بالأسلحة الخفيفة والثقيلة ولها امتدادات فى المنطقة، وأن هذه الحرب يمكن أن تمتد إلى بقية الأرجاء بما فيها الجزيرة العربية ومصر وبلاد المغرب الكبير وإلى الأطراف الشمالية للبحر المتوسط؟

طيب.. إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا تبادر كل المؤسسات والهيئات التى لها اتصال بالأمر، كالأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية وما يشابههما من هيئات فى دول الجزيرة العربية، خاصة المملكة العربية ، وفى دول المغرب العربى، بتحديد موقفها من هذا المتغير الذى سيبدأ به وجود «خليفة للمسلمين» يحتفظ لنفسه بكل الحقوق التى تترتب على كونه خليفة.. يعنى رأسه برأس كل من سبقه من خلفاء منذ الراشدين إلى آخر عثمانى فى القرن العشرين، وله ما لهم فى كل المجالات؟!

لا بد من تحديد موقف من الربط بين ارتفاع وعلو راية التوحيد وعزة المسلمين وسيادة أهل السنة وبين تكسير الصلبان وهدم القبور وخسران أهل المذاهب الأخرى من المسلمين؟!

إننى أعلم أن المواقف محددة ولا جديد على المستوى الفقهى، ولكن الجديد أصبح على المستوى السياسى ومستوى المتغيرات الإقليمية مما يستلزم عدم تجاهل ما حدث وعدم التهوين فيه وحتمية معالجة أطروحاته معالجة علمية فقهية وسياسية صارمة.

ثم إن المستقر تاريخياً وسياسياً أنه لا خلافة بدون السيطرة على الحرمين الشريفين، إذ جاءت مرحلة كان من ألقاب الخليفة فيها: «خليفة المسلمين حامى حمى الحرمين وخاقان البحرين»!، فهل سننتظر حتى يصل البغدادى إلى مكة والمدينة حتى نصدق أن ما يجرى هو أمر لا هزل فيه وأن الأمة كلها بتاريخها وثقافتها وعقيدتها ووجدانها فى خطر محيق؟!

a_algammal@yahoo.co.uk

SputnikNews