أخبار عاجلة

محمد إبراهيم.. «حادي الجنازات»

محمد إبراهيم.. عمل وزيرًا في 3 حكومات خلال عام ونصف ضمن ثلاثة أنظمة حلت على حكم .. رسميًا هو مسؤول مباشر عن مواجهة الإرهاب منذ الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، فشل في تأمين نفسه ومديرية أمن عاصمة البلاد.. وأخيرًا فشل في إبعاد قصر رئيس الدولة عن دوائر التفجيرات، مكتفيًا بشعاره الخالد «اللي عايز يجرب يجي».

من وقت لآخر يُستهدف أفراد الشرطة في اشتباكات ومواجهات و«فِخاخ» تنصب شراكها لهم باستمرار.. البعض يمنحه عذر الانفلات الأمني، ويعيب آخرون اهتمامه بمواجهة المظاهرات وشن حملات اعتقال عشوائية دون التركيز على تحقيق «الأمن العام»، بينما ذهب فريق ثالث إلى أنه قد يكون «كبش الفداء» ، خاصة بعد تفجيرات محيط قصر الاتحادية، الاثنين، لاحتواء غضب حتى من في صفوف المؤيدين لنظام الحكم.

قبل 5 يناير 2013، لم يكن كثيرون يعلمون من هو وزير الداخلية، اللواء محمد إبراهيم، القادم لتولي الوزارة السيادية.. عينه مرسي خلفا للواء أحمد جمال الدين، بعدما وضع الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل الأخير في مأزق، وتوعد بـ«تربيته» و«جلد» ضباط الشرطة، حينها تحداه «أبوإسماعيل» بالنزول للشارع، وعندما حاول «جمال» التعامل معه، فضًل مرسي «أبوإسماعيل» عليه وأطاح به من الوزارة.

«الأقسام مش مُسلحة بالأسلحة العادية دي زي الآلي، لأ كل أسطح الأقسام والسجون عليها أسلحة ثقيلة واللي عاوز يجرب ييجي».. قالها في ثقة وزير الداخلية، اللواء محمد إبراهيم، لتهتز هذه الثقة بعد أيام بتفجير مديرية أمن القاهرة ومتحف الفن الإسلامي قبيل الذكرى الثالثة للثورة في 24 يناير الماضي.

وفي نفس اليوم، تواصلت «حفلات» التفجيرات بأعمال إرهابية قرب محطة مترو البحوث وسينما رادوبيس بالهرم.. وتبين فيما بعد أن منفذي هجوم مدير أمن القاهرة تجولوا في محيطها وقربها ليلة التفجير، واستغلوا انسحاب الكمائن الأمنية بقدوم الصباح.

ولم تكن مديرية أمن القاهرة هي الوحيدة التي تعرضت لأعمال إرهابية في عهد «إبراهيم»، حيث سبقها تفجير مديرية أمن الدقهلية في ساعة مبكرة من صباح 24 ديسمبر 2013، وذلك بسيارة مفخخة، ما أسفر عن تدمير أدوار منها، ومقتل 14 وإصابة 130 بينهم مدير الأمن، وحينها توعد وزير الداخلية بالرد على منفذي التفجير، معتبرًا «ما حدث لن يخيفنا، بل (سيزيدنا إصرارًا) وعزيمة على مقاومة الإرهابيين.. بدءً مني وحتى أصغر مجند لدينا سنعمل جميعا للقضاء عليهم».

وفي 5 سبتمبر 2013، تعرض وزير الداخلية نفسه لمحاولة اغتيال فاشلة عند مرور موكبه في شارع مصطفى النحاس بمدينة نصر بالقرب من بيته، بوضع عبوة ناسفة كبيرة تزن أكثر من 150 كيلوجرامًا من المتفجرات في حقيبة إحدى السيارات.. ونجا «إبراهيم» من الحادث بأعجوبة وتم نقله في مدرعة وتأمينه بمجموعات من حراسته الشخصية.. ووقتها أسفر الحادث عن إصابة 21 شخصًا، 8 منهم من رجال الشرطة.

آنذاك قال «إبراهيم» بعد نجاته إن مجهولين استهدفوه بعبوة ناسفة شديدة التقنية تم تفجيرها عن بُعد، وأضاف أن الهجوم على موكبه بداية لموجة إرهاب مثلما حدث في الثمانينات والتسعينات، وأنه لا يستبعد تورط جهات خارجية بالتنسيق مع عناصر داخلية لإحداث حالة من الإرهاب.

واكتمل مثلث الفشل الأكبر بتفجيرات محيط قصر الاتحادية، التي أسفرت عن استشهاد العقيد أحمد العشماوي، أحد القادة المسؤولين عن تأمين القصر، والمقدم محمد لطفي، الضابط بإدارة المفرقعات، وسقوط 13 مصابًا، نتيجة الانفجار.

اللافت أن جماعة أجناد مصر أعلنت في بيان لها الجمعة الماضي أنها فخخت «الاتحادية» في 18 يونيو الماضي، لكنها ألغت التنفيذ لوجود مدنيين مُحذرة من بقاء عبوتين ناسفتين لم يقدر الأمن على اكتشافها في محيط القصر بشارعي الأهرام والميرغني، وهما العبوتان اللتين انفجرتا صباح الإثنين، أي بعد مرور 12 يومًا من زرعها وبعد 3 أيام من البيان ونفي الداخلية ذلك وتأكيدها تأمينها للقصر بالكامل.

ويرجع سياسيون ونشطاء اختلال أداء الجهاز الأمني في عهد «إبراهيم»، إلى تفرغه للملاحقات الأمنية وفض المظاهرات والاعتقالات العشوائية (تقديرات تقول إن هناك 41 ألف معتقل في السجون أغلبهم لم يقدم للمحاكمة منذ 30 يونيو الماضي).

وفي تقريره السنوي عن الفترة من 30 يونيو 2013 إلى 31 مايو 2014، قال مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، إن التعذيب مازال اللغة الرسمية للشرطة، وأن الداخلية اختلقت دستورها الخاص القائم على «التعذيب بجميع صورة وأشكاله»، حيث بلغ إجمالي المترددين الجدد، ممن تعرضوا للتعذيب خلال هذه الفترة، على المركز حوالي 196 حالة.

وقدم المركز كشف حساب لوزير الداخلية عن العام الماضي وأهم القرارات التي اتخذها، وترتب عليها عمليات تعذيب وانتهاكات للعديد من المواطنين، منها قراره في أغطس 2013 بعودة جهاز أمن الدولة والمحالين للتقاعد من عناصر الجهاز للعمل مرة أخرى (بحجة مواجهة الإرهاب الذي لم لتوقف)، واتهم المركز «إبراهيم» بأنه استطاع أن يستفيد من نظامي «الإخوان» و«30 يونيو»،

في حين يتندر البعض بأن التفجيرات جاءت بسبب اهتمام وزير الداخلية بملاحقة ملصقات «هل صليت على النبي؟» بدلا من الاهتمام بتتبع منفذي الهجمات الإرهابية ومنع وقوعها، وسأل آخرون عن «الشرطي المتنكر في شجرة»، ذلك النموذج الذي عرضه وزير الداخلية على الرئيس كأحدث أساليب الشرطة في ملاحقة المجرمين.. وسخروا من تكرار تصريحات «إبراهيم» بعد كل حادث إرهابي بأنه لن يزيدهم إلا إصرارًا على مواجهة الإرهاب، فتكون النتيجة مزيدًا من التفجيرات دون مواجهة حقيقية على الأرض.

خلال عام ونصف قضاها في وزارة الداخلية، كان «إبراهيم» بمثابة «حادي الجنازات»، فمن وقت لآخر يكون على رأس جنازة جديدة لضباط وأفراد الشرطة، وسط تصاعد لحالة الغضب بين رجال الشرطة، لاستمرار عمليات اغتيالات الضباط والأفراد منذ «30 يونيو»، وعدم استطاعته تأمين موكبه أو حتى تأمين ضباط الشرطة كالمقدم محمد مبروك.

وتأتي تفجيرات «الاتحادية» وسط تساؤلات حول مدى إمكانية استمرار «رفيق السيسي» في الإطاحة بالإخوان، في عمله من عدمه، وهل سيكون «كبش فداء» موجة التفجيرات التي دقت أبواب قصر الرئيس؟، أم سُيخلد شعار «اللي عايز يجرب يقرب» بتواصل مسلسل التفجيرات.

SputnikNews