أخبار عاجلة

فيشا «العطشى» بالبحيرة: رحلة بحث مستمرة عن مياه للشرب

فيشا «العطشى» بالبحيرة: رحلة بحث مستمرة عن مياه للشرب فيشا «العطشى» بالبحيرة: رحلة بحث مستمرة عن مياه للشرب
الذعر ينتاب الأهالى بعد تلوث المياه وتهديدات بمحاصرة «الرى» ومحطات التنقية

كتب : أحمد حفنى منذ 11 دقيقة

توقفت الحياة فى قرية «فيشا» التابعة لمركز المحمودية فى محافظة البحيرة، بعد تلوث النيل، شريان حياة المصريين بمواد غريبة عجز المسئولون عن معرفة ماهيتها، وحل المشكلة وبالتحديد أمام محطة مياه الشرب بالقرية، مما أدى إلى انقطاع المياه لمدة ستة أيام متواصلة، وأصبح المصدر الوحيد لمياه الشرب لدى السكان هو المياه المعدنية، التى وصل سعرها إلى 5 جنيهات للزجاجة الواحدة، واضطر غير القادرين منهم للتوجه إلى مركز الرحمانية المجاور للقرية فى رحلة للبحث عن «جركن» مياه.

وأعرب أهالى «فيشا» عن غضبهم بسبب تقاعس المسئولين تجاه الأزمة بعد إجراء تحاليل لعينات من مياه الشرب أكدت عدم صلاحيتها للاستخدام الآدمى، لوجود مجموعة قولونية بها، وحصلت «الوطن» على مذكرة تفصيلية بنتيجة تلك التحاليل، مما اضطر الشركة القابضة للمياه، إلى غلق محطة «فيشا». وعلق المهندس فتحى القاضى، مسئول الشبكات بمحطة مياه المحمودية على الأزمة قائلاً: «أعمال المحطة توقفت بسبب التلوث، وخوف المسئولين من حدوث تسمم للمياه»، مؤكداً أن «لونها تحول إلى الأصفر، ورائحتها أصبحت كريهة، مما دفع المسئولين إلى إيقاف المحطة حرصاً على صحة المواطنين».

وسادت حالة من الرعب والقلق بين جموع الأهالى، وتقدم عدد منهم بشكاوى كثيرة للمسئولين دون استجابة، فهددوا بالتوجه إلى محطات المياه وإدارات الرى والمسطحات المائية، لمحاصرتها والاعتصام بها لحين التعرف على الأسباب التى أدت إلى تلوث المياه، والوقوف على التقارير التى تفيد بصلاحيتها من عدمها.

انتقلت «الوطن» إلى قرية «فيشا» التى تقع على بعد 14 كيلومتراً من مدينة دمنهور وتضم ست عموديات، ويعيش بها 42 ألف نسمة، لترصد مدى معاناة أهل القرية، بعد وقوع الأزمة.

فى البداية، أكد أحمد البطاحجى رئيس جمعية زراعية، أن مشكلة مياه الشرب بقرية فيشا، ليست وليدة اللحظة، مشيراً إلى أنهم يعانون منذ سنوات، لافتاً إلى أن التلوث ازداد خلال الأيام الأخيرة، بعد ظهور مادة رغوية على سطح ترعة المحمودية، وبالتحديد أمام محطة مياه الشرب بالقرية، مؤكداً أن كثرة شكاوى الأهالى، دفعت المسئولين إلى قطع مياه الشرب عن القرية، خوفاً من وقوع كارثة يُسألون عنها.

وقال بدر صومع (بالمعاش): حياتنا تحولت إلى جحيم، والناس ما بتلقاش ماء للوضوء ورفضنا نغسّل ميت بميه من الحنفية لأن ريحتها كريهة، وبنشترى ميه معدنية للشرب والزجاجة وصلت إلى 5 جنيهات».

ومن جانبه، أكد جمال خطاب، محامٍ، أنه تقدم ببلاغ إلى المستشار محمد خطاب، المحامى العام لنيابات شمال دمنهور، يتضرر فيه من سوء حالة مياه الشرب بالقرية، وتلوث مياه النيل واختلاط المياه بالصرف الصحى، مؤكداً أن المحامى العام قرر -على خلفية التحقيقات فى البلاغ المقدم- ندب لجنة خماسية يكون أعضاؤها جهاز حماية نهر النيل والمجارى المائية، وجهاز حماية البيئة، والهيئة العامة لمياه الشرب والصرف الصحى، والهيئة العامة للثروة السمكية، ومديرية الصحة، على أن يتم الانتقال إلى محل الواقعة لإجراء المعاينة اللازمة على الطبيعة. وطلبت النيابة بياناً بنوع المادة الطافية على سطح النيل والجهة المتسببة فى ذلك، وطبيعة تلك المادة ومدى تأثيرها على مياه النيل والثروة السمكية، مع أخذ عينات منها والتحفظ عليها.

وأكد «خطاب» أن هناك تحاليل منذ عام 2008 تفيد بعدم صلاحية مياه الشرب بمحطة «فيشا»، مشيراً إلى أنه منذ ذلك الوقت لم يتحرك المسئولون لمعالجة المياه، والتعرف على سبب عدم صلاحيتها، لافتاً إلى أن كل التحاليل، سواء كانت بمديرية الصحة بمعمل دمنهور الكيماوى، أو لدى المعامل الخاصة، كلها أثبتت عدم صلاحية المياه لارتفاع نسبة الألمونيوم عن معدلها الطبيعى، وهو ما يخالف القرار رقم 458 لسنة 2007، وكذا وجود المجموعة «القولونية».

عرضت «الوطن» التحاليل الموجودة على أحد المتخصصين، حيث أفاد الدكتور الكيميائى أحمد عبدالحى، أن الألمونيوم أحد أخطر السموم المعدنية على صحة الإنسان، مؤكداً أن ارتفاع نسبته داخل المياه يؤدى إلى الإصابة بالزهايمر وسرطان الثدى، مشيراً إلى أن الأبحاث الأخيرة أفادت بعد فحص عينات بعض المتوفين بالزهايمر، ارتفاع نسبة الألمونيوم فى المخ، ويعتبر الزهايمر رابع سبب للوفيات عند كبار السن، لافتاً إلى أن هذا العنصر يتوافر بكثرة فى مياه الشرب وأن وجود أربعة أجزاء فى المليون من الألمونيوم فى دم الإنسان قد يؤدى إلى تجلطه، مضيفاً أن وجود الألمونيوم يؤثر على المهارات التعليمية والقدرة على التحصيل لدى الطلاب، وأضاف «عبدالحى»، أن ظهور المجموعة القولونية يتسبب فى الفشل الكلوى.

من جانبه أكد المهندس خالد حسين، رئيس مجلس إدارة هيئة مياه الشرب والصرف الصحى بالبحيرة، أن المياه الناتجة من محطات التنقية بقرية «فيشا» سليمة بنسبة 100%، ولا يوجد بها أى مخالفات للمواصفات الفنية، مؤكداً أن هناك بالفعل تغيراً بمياه النيل بالمنطقة، وظهور مواد رغوية طافية على سطح النيل، مشيراً إلى أن مسئوليته تقع على المنتج الخارج من محطات التنقية هناك.

وصرح «حسين» لـ«الوطن»، أن هناك فنيين من المعامل المركزية، توجهوا إلى محطتى المحمودية وفيشا، لتحليل المياه والوقوف على أسباب تغيّر لونها وطعهما.

DMC