كتب : هبة مدين منذ 26 دقيقة
"العبرة ليست بمن سبق ولكنها بمن صدق"، آمن بها حق الإيمان، واعتبر أن السير على نهجها هو الحصول على ثقة وحب من حوله، اشتهر بمقولته تلك بين أبنائه وتلاميذه وأحبائه، وبين من تعلموا على يده فكر الدعوة كما أحبه وبرع فيه، بلغ الثمانين من عمره وهو يتنقل بين هذا، وينصح هذا، ويعلم هذا، ويورث هذا، فكان حديث من عرفوه خير من ورث بعد وفاته في الـ8 يناير 2010، خلدت ذكرى وفاته الرابعة كأحد دعائم الإحياء الثاني لجماعة الإخوان المسلمين، في العام الذي سقطت فيه جماعة الإخوان، وفي اليوم الذي يُحاكم فيه قياداتها والرئيس المعزول محمد مرسي.
محمود عبد الحميد شكري، أحد دعائم الإحياء الثاني لجماعة الإخوان المسلمين، تعرف "شكري" في بداية شبابه على دعوة الإخوان المسلمين وحرص على حضور اجتماع العسكريين الذي كان يعقده حسن البنا، مؤسس الجماعة، حيث تطوع "شكري" وعمل على "المحروسة"، يخت الملك، وتخصص في الإشارات، وأخذ "شكري" في التعرف على الحركة الإسلامية بدءًا من حضور دروس العلم الشرعي بالجمعية الشرعية بميدان رمسيس، حتى أتيحت له الفرصة للتعرف على إمام الدعوة حسن البنا بالمركز العام لجماعة الإخوان المسلمين بقصر الدرب الأحمر، في أحد الدروس الذي كان يولي "البنا" اهتمامًا خاصًا للعسكريين بيوم كل أسبوع.
تعرف "شكري" خلال رحلته الدعوية على العديد من الشخصيات، منها عباس السيسي، ومحمد فرغلي، ويوسف طلعت، واحتفظ بتعريف خاص لدى حسن البنا، منذ أن انتقل بـ"المحروسة" في رحلة صيانة، ووقف في إحدى الحدائق وأذن للصلاة، فكان يعرفه "البنا" لدى الحضور بأنه "محمود الذي أذن في مالطا".
ولد محمود عبد الحميد شكري في أغسطس 1920 بحي السبتية في القاهرة، ورزق بـ3 أبناء وبنتين، و16 حفيدًا، ظل "شكري" في العمل الدعوي حتى أصبح مرشدًا للإخوان في الإسكندرية، وشارك في حرب فلسطين عام 1948، وتسبب عمله على يخت "المحروسة" وعلاقته بـ"الإخوان" في اعتقاله عام 1949، بعد اغتيال النقراشي باشا، حيث تم اقتياده من منزله إلى مكتب رئاسة الوزراء، وعرضه على إبراهيم عبد الهادي رئيس الوزراء حينها، وتم سؤاله "هل كنت تبلغ الإخوان بما يحدث في رحلات الملك؟"، وتم اعتقاله بسجن أبو قير لمدة 7 شهور، وبعد خروجه تم نقله من بحرية الملك إلى القوات البحرية.
وفي عام 1954، اعتقل "شكري" للمرة الثانية ضمن الآلاف من جماعة الإخوان المسلمين بعد حادثة "المنشية" الشهيرة، والتي استهدفت اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، واعتقل "شكري" وأحد أبنائه، وتم اقتياده إلى السجن الحربي، وتم الحكم عليه بالإعدام، وتوفت زوجته بعد سماعها نبأ إعدامه مباشرة.
وتم تنفيذ حكم الإعدام في 5 من الإخوان، وتم تخفيف الحكم على عدد آخر منهم، بينهم "شكري" الذي خرج من السجن في 1958.
وفي عام 2003، تم اعتقال "شكري" مرة أخرى في حملة شملت أعضاء المكتب التنفيذي لجماعة الإخوان المسلمين بالإسكندرية، وتم الإفراج عنه بعدها بشهرين.
أسس محمود عبد الحميد شكري دار الدعوة للنشر والتوزيع بالإسكندرية، تولى خلالها طباعة ونشر كتب الجماعة ورموزها، وأصدر خلالها سلاسل "مختار الدعوة"، و"مدارس الجمعة"، و"الإخوان المسلمين أحداث صنعت التاريخ".
توفي "شكري" في 8 يناير 2010، بعد دخوله في غيبوبة على إثر جلطة دماغية ألزمته الفراش في آخر شهر من عمره، وتم تشييع جنازته من الإسكندرية وسط حضور عدد كبير من تلاميذته ومحبيه وقيادات جماعة الإخوان، بينهم مهدي عاكف، ومحمد بديع، ومحمود عزت.