أثار انفراد «المصرى اليوم» حول رفض مصر عرضا من مكتشف علاج التهاب الكبد الوبائى، «فيروس سى»، للمشاركة فى الأبحاث، ردود فعل واسعة بين الأطباء والمواطنين المصابين بالمرض، الذين يقدر عددهم بحوالى 11 مليون مصرى.
قال الدكتور محمود المتينى، أستاذ جراحة الكبد، مدير مركز زراعة الأعضاء بجامعة عين شمس، إن ما حدث «هبل وتخلف وكارثة»، وكان ينبغى الموافقة على إجراء الأبحاث لصالح المرضى، لأنهم كانوا سيحصلون على الدواء مجانا، إضافة الى التأكد من مدى فعاليته.
وأكد «المتينى»، لـ«المصرى اليوم»، أن هناك الكثير من الأبحاث الإكلينيكية والتجارب يتم رفضها، بدعوى أن المواطنين المصريين «غلابة» وأنهم حقل تجارب، وهو للأسف دغدغة للمشاعر وسبب تخلفنا عن العالم، خاصة فى مجال البحث العلمى الذى تأخرنا فيه كثيرا.
وأضاف «المتينى» أن الأبحاث يتم إجراؤها فى جميع دول العالم، وليست لها علاقة بمواطن غلبان ومواطن ليس غلبانا، فمكتشف العلاج، البروفيسير رايموند شينازى، أجرى البحث على مواطنين أمريكيين، والعالم ينظر إلى الأمر نظرة عملية للاستفادة من كل ما هو جديد بعكس الواقع فى مصر، منذ ما يقرب من 50 عاما.
وأشار «المتينى» إلى ضرورة المشاركة فى الأبحاث العالمية، قائلا: «لازم نشارك وناخد نصيبنا من الأبحاث العالمية، يعنى مش عارفين نكتشف دوا ولا كمان نشارك فى الأبحاث، بعد اكتشافه؟! قمة التخلف».
ولفت «المتينى» إلى أن مصر لو شاركت فى هذا الدواء كانت ستحصل عليه بسعر زهيد جدا، لأنها شاركت فى هذا البحث، مطالبا بإعادة النظر فى البحث العلمى فى مصر، خاصة الأبحاث الإكلينيكية.
فيما قال الدكتور خيرى عبدالدايم، نقيب الأطباء، إن ما حدث كان بسبب تعدد وجهات النظر، نظرا لتعدد الجهات المسؤولة عن الأبحاث العلمية والإكلينيكية.
وأكد الدكتور أحمد حسين، عضو مجلس نقابة الأطباء، أن حكومة «الجنزورى» أضاعت على مصر وعلى ملايين المصريين فرصة كبيرة، قائلا: «هذا مثال واضح على أن من يتولى مسؤولية البحث العلمى فى مصر شوية موظفين».
وأضاف «حسين»: «شوية الموظفين دول عملوا على تأخر البحث العلمى، وتجريف الكوادر التحتية فى مصر، وقاموا بتطفيش الكوادر العلمية اللى ممكن تعمل حاجة للبلد»، وقال: «الدكتور حاتم الجبلى، وزير الصحة السابق، أرسل 46 طبيبا مصريا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، للحصول على درجة الماجستير فى إدارة الأعمال، ودورات mba فى كل ما هو جديد فى الطب، وعادوا إلى مصر، وبفضل (شوية الموظفين) لم يبق منهم سوى 5 فقط فى مصر، والباقون هاجروا من البلد، وهذا هو الحال فى مصر!».
وانتقد «حسين» منظومة الصحة فى مصر والتى وصفها بـ«المتردية»، حتى إن طبيبا تعرض للعدوى بالتهاب الكبد الوبائى، «فيروس سى»، لافتا إلى أنه تحدث مع الدكتورة مها الرباط، وزيرة الصحة، حول هذا الطبيب، منذ أكتوبر الماضى، ولم يتم عمل شىء، ومازال «مرمى فى مستشفى أسيوط الجامعى يحتاج إلى زراعة كبد»، «فما بالك بالمرضى البسطاء إذا كان هذا حال طبيب متوصى عليه من الوزيرة؟!».
وأوضح «حسين» أن الحل يتم باختيار أشخاص مؤهلين فى المناصب العلمية، خاصة فى مجال البحث العلمى، وأن يكون كل ما يتعلق بالصحة والبحوث الطبية تحت راية واحدة، قائلا: «اقترحنا أكثر من مرة إنشاء المجلس الأعلى للصحة، لكن لا أحد يستجيب».
من جانبهم، أبدى عدد من القراء غضبهم من وزيرة البحث العلمى السابقة، قائلين إنها لا تشعر بمرارة المرضى والمصابين بالفيروس، ومطالبين بمحاسبة المقصرين فى هذا الأمر، لأنهم أخطأوا فى حق ملايين المصريين.
فى المقابل، تلقت «المصرى اليوم» تعقيبا من الدكتور محمد على مخلص، أستاذ مساعد الكبد بالمركز القومى للبحوث، أكد فيه أنه كان أحد المشاركين فى اللقاء الذى جمع الدكتورة نادية زخارى، وزيرة البحث العلمى آنذاك، والدكتور عبدالحميد أباظة، ممثلا لوزير الصحة، من الجانب المصرى، والدكتور رايموند شكينازى، والدكتور طارق حسنين، كممثلين للشركة الأمريكية مكتشفة العقار ومنتجته، لافتا إلى أنه لم يكن تم ترخيصه بعد للتداول، وكان الغرض من اللقاء هو التنسيق بين الجانبين المصرى والأمريكى لتجربة العقار على المرضى المصريين المصابين بالنوع الجينى الرابع لـ«فيروس سى».
وأكد «مخلص» أن الجانب المصرى رحب تماما بإجراء التجربة الإكلينيكية للدواء على المرضى المصابين بالنوع الجينى الرابع، وفق المعايير الدولية المتعارف عليها لأخلاقيات التجارب الإكلينيكية للدواء الجديد فى مصر، لافتا إلى أن الجانب المصرى بكامل أعضائه طلب من الجانب الأمريكى إرسال نتائج المرحلة قبل الإكلينيكية التى تجرى على حيوانات التجارب والطورين الأول والثانى من التجربة الإكلينيكية التى تجرى على عدد محدود من البشر، موثقة لنا، وذلك لتحديد درجة الأمان، قبل تجربته على المرضى المصريين.