أخبار عاجلة

فنجال قهوة على حساب شحات

فنجال قهوة على حساب شحات فنجال قهوة على حساب شحات

بقلم/ عبدالحميد شومان
ظاهرة التسول في بلادنا ليست ظاهرة مستفزة وغير حضارية فقط، ولكنها ظاهرة تدعو للتساؤل: وهو إما أن الجهات الأمنية المخول لها مكافحة تلك الظاهرة مقصرة، أو أن الجهات الاجتماعية المختصة بمكافحة الفقر هي أيضا (بها خلل ما).
وكل هذا لو تأكد مع أنه مؤكد ويعتبر بكل المقاييس كارثة وفضيحة في بلد تعتمد علي السياحة، والدلالة على كلامي هذا هي المشاهدة اليومية التي لا تخطئها العين أمام كل إشارة مرور أو أمام مدخل كل مسجد،
وللأسف أنها تدار من قبل شبكات شبه منظمة تجني من ورائها مكاسب كبيرة، والإثبات أنه يقبض أحيانا على أحد المتسولين ويوجد في حوزته عشرات بل مئات الجنيهات ولا ابالغ لو قلت الألوف.
وقد سبق لأحد الصحفيين أن تقمص دور شحات، وجلس القرفصاء على الأرض في أحد الشوارع وهو يمد يده للعابرين متظاهرا أنه أعمى، وكانت حصيلته في ساعة واحدة فقط هي أكثر من مائة وتسعين جنيها.
ومن المعروف أن المالكية نادوا بتحريم التسول في المساجد.
وبعيدا عن وطني الحبيب فقد سبق لي أن خضت تجربة عملية مع أحد الشحاتين في بلد ما، وكان عربي، وذلك عندما اقرأني السلام كأي مسلم ورع، وقال لي إنني جائع وأريد حق الأكل، وعطفت عليه وعندما أردت أن أدخل (أحد المطاعم الغربية في تلك الدولة التي ازورها) وأشتري له ساندوتش، رفض قائلا: إنني مسلم لا آكل إلا اللحم الحلال أريد قيمته نقدا، وأعطيته مبلغ ليس بقليل
ومع الأيام صرت أشاهده دائما في الشوارع، وهو يمسك ببطنه ويتسول للناس، وليس له من كلمة غير أنه جائع ويريد أن يأكل، وفي أحد الأيام تجرأت عليه وسألته: إنني أشاهدك منذ عدة أيام أولم تشبع بعد؟!، فضحك في وجهي بعد أن انكشف (برقع الحياء) بيننا وقال لي: إنها شغلتي وأكل عيش.
ونشأ بيننا ما يشبه الصداقة، فعزمته في أحد الأيام على فنجال قهوة فلبى دعوتي، وعندما طلبت ما أريده، سألته عن نوعية القهوة التي يريدها، وتفاجأت به يطلب من (الجرسون) كوبا كبيرا من البيرة، فقلت بيني وبين نفسي (والله دا مسلم؟؟)، لا يأكل إلا اللحم الحلال ولا يشرب إلا (البيرة؟؟)، ولكنه على أية حال متسول (مودرن)، لا أكذب عليكم أن شغلته اعجبتني، ولولا قليل من الحياء لرافقته في الشوارع.
وأحلى ما في الموضوع أنه هو الذي دفع الحساب في النهاية بعد أن حلف وأقسم على ذلك، ولأول مرة في حياتي أشرب فنجال قهوة على حساب شحات، كثر الله خيره، وكثر من أمثاله.

معلومات الكاتب