يحتوى الجهاز الهضمى للإنسان على ملايين البكتيريا، والتى تكون بشكل عام مفيدة وتعزز حالته الصحية، إلا أنه قد يتعرض أحياناً لغزو من البكتيريا الضارة، وخاصة بكتيريا كلوستريديوم ديفيسيل "Clostridium difficile"، إحدى الميكروبات المعوية الخطيرة، والتى عادة ما تسبب إسهالاً حاداً وشعوراً بالقىء والجفاف، وهى الأعراض التى تزيد من خطورة العدوى الناتجة عنها، خصوصاً بين المرضى كبار السن.
ويعد علاج هذه البكتيريا الضارة من الأمور الصعبة للغاية والمعقدة، وهو ما يتسبب ذلك فى زيادة عدد الحالات المصابة بها؛ نظراً لقدرتها الكبيرة على مقاومة المضادات الحيوية، وهو ما يتسبب فى ظهور جيل جديد من هذه الجراثيم ذى مقاومة عالية، يستحق أن يحمل اسم "الجراثيم الخارقة" أو super bug.
ويسلط الأستاذ الدكتور محمد عبد الحليم رمضان (نقيب صيادلة الجيزة ورئيس قسم الميكروبيولوجيا والمناعة بكلية الصيدلة جامعة القاهرة) الضوء على إحدى الدراسات الحديثة التى أشرف عليها باحثون من جامعة ليستر البريطانية، توصلوا من خلالها إلى طريقة جديدة للقضاء على بكتيريا كلوستريديوم ديفيسيل، وذلك باستخدام البكتيريوفاج، حيث تم عزل وتمييز 26 نوعا مختلفا من أنواع البكتيريوفاج، تتميز بفاعليتها فى القضاء على نحو 90% من عزلات الكلوستريديوم ديفيسيل المنتشرة فى بريطانيا.
ويشير عبد الحليم إلى أن المصطلح العلمى بكتيريوفاج "bacteriophage" يطلق على الفيروسات التى تستهدف وتصيب البكتيريا خصيصاً، أو بمعنى آخر هى "الفيروسات أكلة البكتيريا"، وبالتالى يمكن استعمالها كبديل للمضادات الحيوية، بل تتميز عليها فى الوقت نفسه، حيث عادة ما تصيب نوع معين واحد فقط من البكتيريا، وهذا ما يجعل استخدامها ضد بكتيريا كلوستريديوم ديفيسيل يتميز بالدقة، حيث إنها تستهدف فقط البكتيريا الضارة، ولا تحدث أى ضرر على الأنواع الأخرى من البكتيريا النافعة الموجودة فى الجهاز الهضمى.
وأكد الدكتور محمد عبد الحليم، أن هذه النتائج ستساهم فى فتح أفاقاً جديدة لاستبدال المضادات الحيوية غير الفعالة، والمتوفرة حالياً بوسائل علاجية أخرى مبتكرة لعلاج الكلوستريديوم، وهو ما يعد أمراً مثيراً للغاية، نظراً لخطورتها وتسببها فى إصابة 250000 حالة سنوياً بالولايات المتحدة الأمريكية وحدها، يموت منهم 14,000 حالة وفاة، وهو ما يكلف الحكومة الأمريكية 1 بليون دولار سنوياً، ودفع الباحثين على مستوى العالم لأن يولونها اهتماماً خاصاً بغرض إيجاد حل جذرى وسريع لهذه المشكلة ذات الأبعاد الطبية والاقتصادية.