اليوم، وبعد 40 سنة من حرب أكتوبر، يبدو ـ أكثر من أى وقت مضى ـ كم كان الرئيس المصرى السادات على حق عندما قال إنها آخر الحروب بين جيش إسرائيل وأحد الجيوش العربية، فهو لم يقل إنها آخر الحروب بين العرب وإسرائيل، وإنما آخر حروب الجيوش النظامية، ولم يقل إنها كانت لتحرير فلسطين، وإنما لتحرير الأراضى المحتلة بعد حرب 1967، ولذلك وقَّع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، واستعادت مصر سيادتها على سيناء ولو بشروط دولية قاسية سوف تسقط يوماً.
كان على حق لأنه لو انتظر أن يتوحد العرب ويحرروا فلسطين وكل الأراضى المحتلة لطال انتظاره حتى الآن، وربما لعقود أخرى قادمة، ولا ننسى هنا أن الشعب المصرى لم يخيّره بين تحرير سيناء أو تحرير كل بلاد العرب، ولم يحتمل الانتظار أكثر من ست سنوات (1967 - 1973) للرد على هزيمة 1967، ويجب ألا نغفل هنا أنه لم ينس البلاد العربية الأخرى وهو يوقّع اتفاقية كامب ديفيد، وأن الدول العربية الأخرى هى التى رفضتها. ويظل السادات الرئيس العربى الوحيد الذى وقّع أمراً عسكرياً لجيشه بالهجوم ضد إسرائيل، ويظل خطابه فى الكنيست الإسرائيلى وثيقة من أهم وثائق الدفاع عن الحقوق العربية فى قلب إسرائيل.
وتعتبر حرب أكتوبر صفحة خاصة فى تاريخ السينما المصرية حيث تم إنتاج العديد من الأفلام الروائية والتسجيلية عن هذه الحرب، خاصة فى سبعينيات القرن العشرين الميلادى الماضى، أى قبل نهاية العقد الذى شهد الحرب بالقرب من منتصفه، وقد كان من المنطقى أن تكون الأفلام الأولى بعد الحرب مباشرة، ولمدة عامين أو أكثر قليلاً، من الأفلام التسجيلية وليس الروائية.
وفى غمرة الانفعال بالانتصار المصرى فى حرب أكتوبر، خاصة معركة عبور قناة السويس، تم إنتاج عدد من روائع الأفلام التسجيلية المصرية فى كل العصور، ومنها «جيوش الشمس»، إخراج شادى عبدالسلام (1930 - 1986) و«أبطال من مصر» إخراج أحمد راشد (1938 - 2006)، و«ثلاثية رفح» إخراج حسام على (1945 - 1999)، و«صائد الدبابات» إخراج خيرى بشارة، و«مسافر إلى الشمال، مسافر إلى الجنوب» إخراج سمير عوف، وكلها من إنتاج وزارة الثقافة فى مصر، ولعل الوزارة بمناسبة مرور 40 سنة على هذه الحرب المجيدة تطبع نسخاً جديدة من هذه الأفلام على الأقل، إن لم يكن كل الأفلام التسجيلية عن حرب الاستنزاف من 1967 إلى 1973 وحرب أكتوبر 1973.