أخبار عاجلة

أبناء شهداء الإرهاب: «مفيش حاجة اسمها خوف»

أبناء شهداء الإرهاب: «مفيش حاجة اسمها خوف» أبناء شهداء الإرهاب: «مفيش حاجة اسمها خوف»
شهد: «لو ضربونى الإخوان هجيبلهم الظابط»..وعلاء: «مش بخاف لأنى ابن بطل وشهيد»

كتب : ماهر أبوعقيل ورنا على وحازم الوكيل منذ 20 دقيقة

نفوس بريئة وأرواح ملائكية، عكر صفوها الطفولى رعب العنف ودماء القتل، إرهاب الجماعات الدينية وعنفها السياسى كان مهددا قويا للأمن البدنى والنفسى لأبناء ضحايا إرهاب الإخوان، صدمة الصغار وحزنهم على فراق آبائهم لم يهز شعرة من آمالهم وعزائمهم على التحدى والمواجهة، شهادات حية على الهجوم والترويع وقتل الشهداء وهم آمنون فى مساكنهم، لم تؤثر على الأمن النفسى لأبناء ضحايا الإرهاب.

برفقة والدتها وإخوتها، تجول «شهد كرم حسن» بين المحاكم والجهات الحكومية، لإنهاء الأوراق الرسمية بعد وفاة والدها على يد جماعة الإخوان، الطفلة عمرها 7 سنوات ويرسخ فى يقينها أن الإرهاب الإخوانى هو الذى حرمها من حنان الأب، لكن ثبات أسرة الشهيد انعكس على ابنته الصغرى «شهد»، فتقول: «مش بخاف من أى حاجة»، انتقال الطفلة وأسرتها من مسكنهم بمدينة كرداسة إلى منزل العائلة ببين السرايات بعد وفاة «الشهيد كرم» أكسب «شهد» تجربة العيش إلى جوار اعتصام الإخوان بميدان النهضة شهرا ونصف الشهر، بلهجة طفل متقطعة تقول «شهد» إنها كانت تخرج وتدخل ولم يستطع أحد الاقتراب منها «الإخوان موتوا بابا ومش هيقدروا يعملولنا حاجة لأن الجيش حبسهم»، حسب الطفلة «آخر العنقود»، حوارات الأطفال أوقات لعبهم لم تخل من الكلام فى السياسة، بتلقائية الفطرة تقول «شهد» إنها تكره الإخوان والأطفال أصحابها فى المنطقة يتحدثون بأنهم خائفون من الإخوان أثناء الذهاب إلى المدرسة «هخاف منهم ليه لو ضربونى هجيبلهم الظابط والعساكر».

«الناس هنا بيحبونى وبيلعبوا معايا عشان كلهم كانوا بيحبوا بابا» تقولها شهد محتمية فى عطف أهالى منطقة بين السرايات عليها واحتوائهم لها، بعقلية ضيقة تقيس «شهد» الأمور وتؤكد بجمل قصيرة «الشرطة جات ومشّت وحبست الإخوان عند الحديقة»، وتضيف أنها تذهب دائما لشراء ما تطلبه والدتها من المحل ولا يخيفها أحد، حسب كلامها.

مناخ أسرى منقلب حل بأسرة الشهيد عمرو عبدالحميد بعد وفاته فى الهجوم الإخوانى على سكان بين السرايات، ثلاثة أبناء ووالدهم كانوا ضحية الإرهاب الإخوانى من أجل الحكم.. قتل الأب وفقد أبناؤه العائل والسند فى الحياة، لا يبالى الابن الأكبر «محمد عمرو» من التهديد المجتمعى الذى ينشره الإخوان «مبقتش تفرق معايا بعد الناس اللى قتلوها وتخريب البلد» -وفقا له- الأب الشهيد كان ثائرا ضد الظلم والفساد وكان يصطحب أبناءه فى أغلب الفعاليات، حيث زرع فيهم الإيمان والثقة فى الله وحب الوطن، حسب طالب الإعدادية، «محمد» ملتزم بوصايا والده، طامعا فى إكمال حفظ القرآن الكريم وتعلم اللغة الإنجليزية، قائلا: «بأعد نفسى عشان أبقى داعية إسلامى فى وبره وأتعلم لغة عشان أسافر وأنشر بيها الإسلام»، يتحدى «ميدو» رعب الشارع المصرى من عنف الإخوان بثقة بالغة قائلا: «متأكد أنهم مش هيعرفوا يعملوا حاجة معايا ولا مع غيرى».

«فجر» البنت الصغرى للشهيد عمرو، بالكاد تتحدث ولم يفوتها الحديث عن كره الإخوان «أنا بكره الإخوان عشان بيضربوا الناس»، بخيال وتصور طفولى تعتمد على إخوانها فى التصدى لهم حال الاعتداء على البيت بعد اعتدائهم على بين السرايات فى 2 يوليو الماضى «لما ييجوا تانى هطلعلهم أنا وكرم ومحمد ونضربهم»، مؤكدة بكبرياء الفطرة المصرية أنها لا تخاف من أحد، «كرم» الابن الأوسط لشهيد بين السرايات يقول إنه ضد الإرهاب الذى قتل والده، موضحاً أنه يتحرك بشكل طبيعى «الشرطة والجيش بيحمونا منهم».

يجلس أمام صورة والده الذى طالما وجده المثل الأعلى فى الشجاعة والبطولة، مطلقا من عينيه سهام نظرات ثاقبة يملؤها التوعد لقاتلى والده، «علاء الدين» ابن العقيد عامر عبدالمقصود، نائب مأمور قسم كرداسة، الذى قتله إرهاب الإخوان، يعيش حياة مملوءة بالتهديدات والإيذاء النفسى لكنه لا يخشاها، الطفل ذو الـ14 عاما يطمح فى التحاقه بوزارة الداخلية خلفا لوالده الشهيد، رسالة قصيرة من «علاء» يرسل بها إلى والده «أنت مسبتش عيال وحياة دمك لأكبر وأجيب حقك».

الأسرة التى انتقلت من مسكنها بشارع الهرم إلى (بيت العيلة) بحى الدقى هربا من ذكريات والدهم فى المكان، تسير على منهج حياة الأب الشهيد وطريقة تعامله، يتذكر علاء لقب «شيخ العرب» الذى أطلق على والده فى كرداسة بسبب كثرة «قعدات العرب» التى أقامها هناك وكان الابن حاضرا فيها قائلا: «كنت أنزل مع بابا فى قعدات الصلح لحد الفجر والناس كانت بتحبه وتسمع كلامه عشان هو بيحب شغله وبلده»، الابن تأثر إيجابيا من مرافقته لوالده أثناء العمل، يستحضر طالب الإعدادية كلمات الشهيد عامر عن الوطنية والشجاعة «كان يقولنا طالما أصحاب حق متخافوش عشان كده الإخوان دول أجبن خلق الله وبابا قال عليهم بيستخبوا ورا السلاح وبيتكلموا بالدم مش بالعقل».

الشاب الصغير انتهى من شراء احتياجاته المدرسية ليقبل على عام دراسى جديد بالمرحلة الإعدادية بمزيد من الفخر والعزة قائلا: «السنة دى يمكن اتحرمت من الصور اللى بابا بيصورهالى كل ما أدخل المدرسة لكن السنة دى هبقى ابن الشهيد وكل الناس هتستقبلنى أحسن استقبال»، الطقوس التى لازمت الابن مع أبيه بعد نهاية يومه الأول فى المدرسة لا تزال عالقة فى ذهن علاء الذى حرمه منها إرهاب الإخوان: «كنا بنقعد نضحك ونهزر ونتكلم عن يومى فى المدرسة، أصله ماكنش بيجى البيت كتير»، «علاء» الذى ورث عن والده الكثير لم ترهبه التهديدات المستمرة التى لاحقتهم «والدتى جالها رسايل بتقول خلصنا على جوزك وعيالك هيحصلوه قريب، لكن أنا بنزل كل يوم الشارع وبروح أشترى الطلبات ومش خايف لأنى ابن البطل اللى اختار يموت شجاع ولا يعيش جبان».

الحلم الذى يراود ابن الـ14 عاما منذ أن كان فى سن السابعة بارتدائه «البدلة الميرى» كوالده يضعه «علاء» نصب عينيه «زمان كنت أقول عايز أبقى ظابط عشان أخدم بلدى لكن دلوقتى أنا هبقى ظابط عشان انتقم من كل إخوانى كان سبب فى قتل أبويا وزمايله».

شبه أهالى شهداء الشرطة الذين لقوا مصرعهم خلال عمليات مكافحة العنف والإرهاب فى الإسكندرية، أبناء الشهداء، بـ«الأسود»، الذين لا يخشون الإرهاب، مؤكدين أنهم سيذهبون إلى مدارسهم بكل شجاعة وثقة.

يقول محمد، شقيق العميد محمد هانى، الذى لقى مصرعه عقب إطلاق ملثمين الرصاص عليه فى سيناء، إن أبناء الشهيد الاثنين واللذين يدرس أحدهما فى الصف الثالث الثانوى، والآخر فى العام الجامعى الثانى، يمارسان حياتهما بشكل طبيعى، ولا يخشيان أى عنف أو إرهاب، مؤكداً أن كل المواطنين فى حالة حذر وترقب بسبب الأحداث الحالية، إلا أن أبناء الضباط الأبطال كـ«الأسود».

ويضيف أن أبناء الضباط الشهداء، تلقوا تربية خاصة، تعلموا فيها كيف يكونون على قدر المسئولية وألا يخافوا من المخاطر، ولا يسمحوا للمجرمين أيا كان نوعهم بتهديدهم أو التسبب فى نوع من عدم الاستقرار لهم، وبناء عليه فهم أول من سيذهب إلى مدارسهم وكلياتهم دون الخوف من أى شىء.

وأكد الأمر ذاته كامل المسيرى، عم الملازم أول محمد عادل المسيرى، أحد ضحايا الاشتباكات التى حدثت أمام دار الحرس الجمهورى بين مؤيدى المعزول محمد مرسى والقوات المسلحة، قائلاً: «كل المصريين يرون حجم العنف والإرهاب الذى تحاول بعض الجماعات إشاعته فى الشوارع، إلا أننا واثقون فى قدرة الجيش وقوات الأمن على ضبط الأوضاع فى الشارع المصرى».

DMC