كتب : مروى ياسين ومحمد الخولى الخميس 12-09-2013 09:14
إنها الخامسة والنصف صباحاً. صوت صافرة «النفير» يدوّى فى أرجاء معسكر الأمن المركزى بمنطقة برج العرب فى الإسكندرية، ليستيقظ المجندون معه من نومهم العميق، بعد يوم شاق قضوه فى تأمين المظاهرات. دقائق ويدب النشاط فى المكان.
يوم كامل قضته «الوطن» مع المجند أحمد جمعة وزملائه داخل معسكر الأمن المركزى بمنطقة برج العرب، فى محاولة منها لرصد الوجه الآخر لـ«ملح الأرض» وذراع «الداخلية» فى مواجهة الخارجين عن القانون، حيث لا يعلم كثيرون عن طبيعة حياتهم داخل أسوار المعسكر الحصين شيئاً. استمعنا إليهم وإلى قادتهم، وتناولنا معهم طعام الإفطار والغداء للوقوف على الجانب الإنسانى من حياتهم.
يصحو المجند أحمد جمعة، 20 سنة، يرتدى «بدلته» الميرى، يستند إلى عمود السرير الحديدى ذى الطابقين، محاولاً استجماع قواه، يتذكر دعوة أمه قبيل سفره إلى المعسكر: «روح ربنا يحميك وينجّيك انت وزمايلك ويرجّعك ليّا سالم، ويحمى البلد من أعدائها». يردد جمعة أذكار الصباح، ثم يتحرك متثاقلاً لإيقاظ صديقه فى السرير المجاور بعد أن غلبه النعاس مجدداً عقب إعلان «النفير»، يناديه: «إصحى يا ياسر، لازم نجمع بعد تلت ساعة».
بصحبة زملائهم، يخرج المجندون من باب العنابر فى وقت واحد، بعضهم يرتدى البدلة الميرى التى لم يخلعها أثناء نومه من شدة التعب، وآخرون خرجوا بملابس النوم إلى الحمامات للوضوء وأداء الصلاة فى المسجد الصغير المجاور لعنابر النوم.
يؤم أحمد زملاءه فى صلاة الصبح، بعدها يهرول كل منهم لارتداء ملابسه و«البيادة»، ويخرج بانتظام معهود نحو أرض المعسكر الرملية المتسعة، لحضور طابور تحية العلم الذى يبدأ فى تمام السادسة صباحاً.
«البدلة دى مايلبسهاش إلا الراجل، إحنا جينا هنا عشان نحمى بلادنا من الخراب، وندافع عن أهلنا ونحفظ النظام»، يقولها بعفوية المجند أحمد جمعة معبراً عن اعتزازه بخدمته العسكرية فى صفوف قوات الأمن المركزى، بعد أن انتهى من طابور «اللياقة» بأرض المعسكر.
أيام قليلة بعد التحاقه بالتجنيد داخل المعسكر كانت كفيلة بأن تغيّر حياته من ذلك الشاب صغير السن آخر العنقود المدلل وسط إخوته السبعة، القادم من القرية التابعة لمركز الدلنجات بمحافظة البحيرة، الذى استقبل خبر التحاقه بالتجنيد بحزن شديد فى البداية، قبل أن تتغير الصورة تماماً، ويعشق جمعة تراب «الميرى» الذى جعل منه «راجل»، على حد تعبيره.
من ذاكرته، يقول جمعة: «من سنة كنت شايل الهم وأنا جاى على المعسكر فى أول أيام التجنيد، وكنت واخد فكرة غلط عن الأمن المركزى، وحسيت إنى هاتهان وهاتعامل وحش زى ما بنسمع من الناس وبنشوف فى الأفلام، بس لما جيت لقيت الكلام دا غلط، المعاملة كويسة، ومفيش فرق بين ظابط وعسكرى وقائد، كلهم بيعاملونا باحترام، وحبيت خدمة بلدى فى الظروف الوحشة اللى بتعدى عليها دى».
خرج جمعة من الصف الخامس الابتدائى ولم يكمل تعليمه نظراً لضيق حال الأسرة المكونة من 10 أفراد، وكان لوفاة والده وقع شديد على أسرته: «أبويا الله يرحمه كان نفسه أدخل الجيش عشان أبقى راجل لأنى الصغير، وكمان عشان إخواتى التلاتة الصبيان مادخلوش الجيش».
الحديث عن استهداف أفراد الشرطة فى الاشتباكات دفع جمعة للحديث بنبرة حزن شديدة، فما شاهده فى تليفزيون المعسكر من استشهاد أفراد الشرطة فى سيناء، وما رآه بعينه فى أحداث سيدى جابر التى وقعت مؤخراً من استهداف أفراد الشرطة بالرصاص الحى، جعله أكثر حرصاً على المشاركة فى التشكيلات التى تخرج لحفظ الأمن بمدينة الإسكندرية. يصمت قليلاً ثم يقول: «الدم بيغلى فى عروقى لما باشوف زمايلى فى سينا بيتقتلوا، ولما باشوفهم بيموتوا فى الاشتباكات قدام عينى، والله العظيم لما بانزل أجازة بابقى عايز أرجع بسرعة عشان أشارك مع زمايلى فى التشكيل عشان أحمى الناس وزمايلى من البلطجية اللى بتضرب الرصاص علينا».
فى الثامنة صباحاً ينطلق صوت صافرة النفير الثانى ليقطع حديث المجند أحمد جمعة، منبهاً إلى موعد طابور القائد. يتحرك مئات الجنود نحو أرض المعسكر فى انتظام، ويقفون «انتباه» معتدلى القامة مرفوعى الرأس أمام قائد برتبة عقيد.
يتحركون بخطوات ثابتة نحو أرض الطابور، وبمجرد اقتراب القائد، يعطى الضابط تامر القبارى المسئول عن الجمع «تمام» الطابور. كلمات حماسية يرددها القائد العقيد معتز زمزم، ليبث الحماس بين صفوف المجندين. يستغرق الطابور ساعة، يبدأ بممارسة بعض الأنشطة الرياضية كالجرى والتمارين البدنية، وينتهى بتوزيع التشكيلات.
فى الطابور يوجد ثلاث مجموعات؛ الأولى خاصة بتشكيل المستجدين، والثانية تتعلق بتشكيل عمليات المداهمات والقبض على المتهمين، التى ترتدى زى الأمن المركزى الجديد، الذى يحمى أجسادهم من الرأس للقدم، بخوذة الرأس وحاميات المرفق والأيدى والركبة. يخضع هذا التشكيل إلى تمارين شاقة لبنيان الجسد، مثل رفع الأثقال وتمارين الضغط والبطن وغيرها، أما المجموعة الثالثة فهى «التشكيل العادى».
يقف ضابط التدريب وسط مجموعة العمليات يدرب المجندين على بعض طرق ضبط واقتياد الأشخاص الذين يستخدمون أسلحة أو الذين يثيرون الشغب فى المظاهرات. الطرق التى يؤديها الضابط بشكل تمثيلى على بعض الجنود تعتمد على إحكام قبضة اليد من أماكن معينة فى جسد المتهم حتى لا يتمكن من الفرار.
داخل تشكيل عمليات القبض يشتهر المجند محمود عبدالسلام وسط زملائه بلقب «قلب الأسد»، فهو مشهود له بالشجاعة، فلا يترك أحداً من مثيرى الشغب الذين يهاجمون قوات الأمن إلا ويلقى القبض عليه، ويساعده على ذلك بنيانه القوى. استطاع هذا المجند أن يلقى القبض على عدد من قيادات الإخوان وأنصارهم خلال أحداث العنف التى شهدتها مدينة الإسكندرية بعد ثورة 30 يونيو. يقول المجند ابن مدينة المنصورة وهو يرتدى خوذته: «أول ما جيت المعسكر من سنة اختارونى فى تشكيل العمليات والقبض، وتدربت على طريقة القبض على الخارجين عن القانون، ولما بانزل فى الاشتباكات بانتظر تعليمات قائد المأمورية اللى معانا لما يطلب منى القبض على حد من اللى بيرتكب جريمة وبيخل بالأمن، بادخل وأنا مصمم إنى أقبض عليه، ومابارجعش إلا وهو معايا».
فى التاسعة صباحاً ينتهى طابور «القائد»، وينتقل المجندون إلى صالة الطعام الكبرى داخل المعسكر، يجلسون على الطاولات، بمشاركة قائد المعسكر والضباط وأمناء الشرطة، يجد كل منهم «سيرفيس» الطعام أو «التعيين» مجهزاً قبل دخوله المطعم.
شاركت «الوطن» المجندين تناول الإفطار. وفى أثناء ذلك يدور الحوار بين مجموعة من المجندين عن الأوضاع الداخلية، فالكل غاضب من أحداث العنف التى تطول المصريين بمختلف طبقاتهم وطوائفهم. كلمات بسيطة قالها إسماعيل عبدالنبى مبارك، من منطقة الكوم الأخضر التابعة لمدينة حوش عيسى بمحافظة البحيرة لزملائه وهو يرفع السبابة: «والله لازم نحمى البلد زى غيرنا ما حموها، إحنا مش أقل منهم، إحنا مابنخافش، رغم اللى بنشوفه فى الاشتباكات من ضرب واستهداف لينا، إحنا حلفنا يمين إن دمنا فدا البلد».
يضيف الشاب العشرينى بصوت هادئ: «نفسى البلد تهدى والناس تحب بعضها أكثر ومحدش يرفع سلاح فى وش أخوه، ولا حد يخرّب ويحرق فى البلد، نفسى ترجع البلد زى زمان، وبإذن الله هنرجعها، نفسى بلدنا مصر تبقى أحسن بلد فى الدنيا، ونفسى العالم كله يحترمنا».
التحق «إسماعيل» بمعسكر برج العرب فى شهر يوليو الماضى، وجاءت مشاركته مع القوات فى ذروة الأحداث: «أنا حبيت البلد وحسيت إنى مخلص ليها بعد ما حلفت إنى أحميها من أعدائها، حبينا المعسكر والقائد والظباط، اللى فى كل اشتباك بنلاقيهم فى مقدمتنا وبيحمونا، ولما واحد فينا يتصاب فى المهمة أو فى التدريب بالمعسكر، بيقوموا معانا بالواجب وأكتر وبيعالجونا وبيخافوا علينا، بصراحة والله حسيت فى القيادات إنهم زى أبويا وأهلى».
وجه الشاب الريفى الذى تسرب من التعليم وهو فى الصف السادس الابتدائى، لا يختلف كثيراً عن وجوه زملائه الذين يستلهمون روح الفداء والوطنية بمجرد أن تطأ أقدامهم أرض المعسكر ويختلطوا بالمجندين القدامى.
كان الدافع الأول لإقبال المجند المستجد سيد فتوح أحمد، ابن قرية «عطاف» التابعة لمدينة المحلة الكبرى، بمحافظة الغربية، على التجنيد عندما شاهد جثث شهداء الجيش بالنقطة الأمنية برفح فى بداية عهد الرئيس السابق محمد مرسى. يقول الشاب العشرينى: «كنت فى الأول مش عايز أجهّز ورق الجيش، بس بعد ما شفت بعينى رصاص الغدر اللى طال إخواتى فى سيناء على الحدود حلفت يمين إنى لازم أثبت وأخدم بلدى ضد أعداء الوطن، ومن ساعتها جهّزت الورق بتاعى والحمد لله دخلت الجيش عشان أدى البلد حقها، عشان أحمى المصريين.
«سيد» الذى تم فصله من الصف الثالث الثانوى، بعد أن زُج باسمه بالخطأ وسط المعتدين على مدرس مراقب بالامتحانات، يؤكد أنه لا يتخاذل عن المجىء إلى المعسكر ولا يتأخر ساعة عن موعد خدمته بعد الإجازة: «دايماً أمى بتقوللى وانا ماشى: إنت راجل.. دافع عن بلدك يا ولدى».
ينصت ياسر السيد، الذى التحق بالمعسكر منذ عام، إلى حديث زميله سيد فتوح، ويقطع حديثه قائلاً: «أنا شايل صورة ابنى ومراتى وأمى عشان لما أبص لصورهم بيزيد إصرارى على التدريب والخدمة فى المعسكر، وباكلم نفسى دايماً وأقول: أنا لازم أقوى أكتر عشان أحميهم وأحمى كل مصر».
يتوقف الحديث الجماعى للمجندين وينهمكون فى تناول الطعام. دقائق قلية تمر، ويبدأ نفير «الجمع» من أجل طابور الساعة العاشرة صباحاً، ويتوالى التدريب لمدة ساعتين تقريباً، حتى تشتد حرارة الشمس مع اقتراب الساعة الثانية عشرة ظهراً. يعطى قائد المعسكر العقيد معتز زمزم، أمراً براحة القوات لصلاة الظهر وانتظار موعد وجبة الغداء والمقرر تقديمها للمجندين الساعة الواحدة ظهراً.
يوضح القائد الأربعينى لـ«الوطن» أن ساعات التدريب الصباحية تنتهى فى المعسكر بفصل الصيف بحلول الساعة الثانية عشرة ظهراً، نظراً لارتفاع درجة الحرارة التى قد تؤثر على المجند فى أداء خدمته، وفى فصل الشتاء تمتد إلى الواحدة ظهراً، على أن يعود جمع الطابور فى الساعة الرابعة والخامسة وتكون فى الغالب الطوابير المسائية نظرية لتوعية المجندين وإطلاعهم على الحالة العامة للبلاد.
يشير العقيد إلى وجود تشكيلين للطوارئ بالتناوب من داخل الكتائب يتولى نوباتهما فى الخدمة من الساعة العاشرة والنصف صباحاً لمدة 24 ساعة، هذا التشكيل «بيشد»، ويتأهب للأحداث الطارئة، على أن يجمع داخل سيارات خط التشكيل خلال 5 دقائق من طلبه أمام غرفة عمليات المعسكر.
يتحدث العقيد معتز زمزم عن سبل تأمين قطاعه بعد عمليات استهداف المجندين والضباط خلال الشهور القليلة الماضية، مشيراً إلى وجود بعض الإجراءات الوقائية لحمايتهم، منها إصدار أوامر للمجندين بالخروج من المعسكر والعودة إليه بالزى الملكى. ويضيف متحفظاً فى حديثه: «مفيش قلق الحمد لله، هناك إجراءات وطرق لتحرك القوات وتأمينهم، كما يوجد أساليب للمراوغات يتم تحديثها يومياً.
وعن طبيعة تدريب سائقى سيارات الأمن المركزى والمدرعات يؤكد «زمزم» أن هناك مركزاً خاصاً لتدريب السائقين تابعاً لوزارة الداخلية يقضى فيه المجند شهرين، إلى جانب اختبارات تتعلق بالمهارة والثبات الانفعالى فى الاشتباكات والهجوم على السيارات والمركبات، وإذا اجتاز المجند الدورة ونجح فيها يُمنح رخصة القيادة ويزاول مهامه، وإذا فشل ينضم إلى زملائه فى المعسكر ليتولى مهام أخرى.
وعن تسليح تشكيلات قوات الأمن المركزى يتحدث القائد مشيراً إلى أن التسليح الذى يقتصر على الدروع والعصى وقنابل الغاز، نافياً استخدام قوات الأمن المركزى فى المعسكر أى سلاح نارى.
وعن صعوبة المواجهات فى الشارع بعد ثورة 30 يونيو، خاصة مع كثافة السلاح المنتشر، يضيف زمزم: «فى أحداث سيدى جابر التى وقعت مؤخراً كان يقف فى الخدمة بجوارى النقيب حسام بهى، بقطاع «مرغم للأمن المركزى» وأصيب بطلقة رصاص حى برقبته، إذن نحن مستهدفون بالقتل، ورغم ذلك نتحلى بضبط النفس لأقصى درجة».
ويلتقط العقيد خالد السجلابى، قائد ثانى معسكر برج العرب طرف الحديث فيما يتعلق بمراعاة مبادئ حقوق الإنسان فى إجراء عمليات القبض أو ملاحقة المطلوبين سواء فى المظاهرات أو عمليات المداهمات، لافتاً إلى تنظيم ندوات ثقافية للمجندين فى كيفية التعامل بشكل لائق مع المواطنين سواء المتهمون أو غير المتهمين.
ويوضح «القائد الثانى» أن تشريفات جنود الأمن المركزى لكبار الشخصيات انتهت بعد ثورة 25 يناير، مضيفاً أن دور الأمن المركزى لا يقتصر على فض الشغب فقط، بل يمتد لأكثر من 14 مهمة، منها معاونة قطاع مباحث المخدرات فى الضبطيات والاشتباكات، وإجراء عمليات إزالة المخالفات القانونية بالمنشآت أو الأراضى والأسواق، وتأمين المنشآت السياحية.
فى الواحدة ظهراً، يعود صوت النفير من جديد معلناً موعد وجبة الغداء. وشاركت «الوطن» الجنود مرة أخرى فى تناول الطعام، المكون من قطعة لحم وكمية من الأرز والخضار ورغيف خبز، وحبة كمثرى وعبوة عصير. يتحدث قائد ثانى المعسكر العقيد «السجلابى» أثناء تناول الغداء مع المجندين قائلاً: «إن الوجبات التى يتم تقديمها مدروسة بشكل صحى وتحتوى على سعرات حرارية بقدر معين فى وجبات الإفطار والغداء والعشاء».
وبعد انتهاء الغداء اصطحب «السجلابى» محرر «الوطن» فى جولة داخل مطبخ المعسكر، موضحاً أن هناك منظومة صناعية ذاتية لتجهيز الغذاء، بداية من مخبز لإنتاج خبز يكفى المعسكر ويخدم حوالى 7 قرى للخريجين تجاور المعسكر، إلى جانب وجود مطبخ كبير تراعى فيه الاشتراطات الصحية للعاملين والطباخين وضرورة حصولهم على شهادة صحية موثقة بخلوهم من الأمراض وملاءمتهم للقيام بمهام الطباخ.
«العمل داخل المطبخ يمتد لساعات طويلة، تبدأ من الثانية والنصف صباحاً لتجهيز وجبة الإفطار» بحسب ما يؤكده محمد فوزى، أمين شرطة ممتاز مسئول عن تعيينات قطاع المعسكر، ويضيف: «تتكون وجبة الإفطار من الفول والجبن والخبز، نبدأ فى تجهيز وجبة الغداء من الساعة الثامنة والنصف صباحاً لأنها تستغرق وقتاً طويلاً يمتد حتى الساعة الثانية عشرة ظهراً، ثم نبدأ بعد ذلك تجهيز وجبة العشاء».
ومن جديد يعلو صوت صافرة النفير داخل المعسكر لإعلان قدوم اللواء أحمد سعيد، وكيل قطاع الأمن المركزى بالإسكندرية فى زيارة تفقدية للكتائب، وهو نفسه اللواء الذى أصيب فى أحداث سيدى جابر بالإسكندرية وتعدى عليه بعض الخارجين عن القانون، ويحظى بحب كبير من الضباط والجنود.
يقول اللواء أحمد سعيد: «إحنا لازم نكون مع العسكرى فى الصفوف الأولى فى المواجهات، ودائماً يقول لنا المجندون: ارجع يافندم ورا عشان ما تتعرضش لأذى، لكننا نصر على البقاء بجوار الجنود فى الصفوف الأولى، مؤكداً أن القطاعات لا تسجل حالات غياب للمجندين، وهذا يثبت وطنيتهم وإقبالهم على خدمة بلدهم» رغم الأحداث التى تمر بها البلاد.
ويعلق «سعيد» على استهداف قوات الشرطة والجيش بقوله: «لن يمنعنا أحد من القيام بمهماتنا فى حماية الوطن، ولن نتهاون مع الذى يعتدى على أبنائنا الجنود والمدنيين، يكفينا شرفاً أن يكون مصيرنا فى النهاية الاستشهاد فى سبيل البلد فهذا هو موت الكرامة». ويضيف نافياً استخدام الرصاص الحى فى التشكيلات: «يقتصر السلاح على ضغط المياه ثم استخدام الدرع والعصا، يليها قنابل الغاز إذا لم يستجب الخارجون على القانون».
يوضح اللواء سعيد أن هناك تفتيشاً على بوابة كل معسكر لمنع خروج الأسلحة النارية، وإذا خالف أحد وحمل السلاح يقدم للمحاكمة.
وأنهى اللواء «سعيد» زيارته للمعسكر، عندما اقتربت الساعة من الخامسة مساء، وأعقب زيارته طابور قراءة الأوامر الدورية الآتية من الإدارة العامة لقطاع الأمن المركزى بالإسكندرية وتعليمات قائد القطاع العقيد معتز زمزم.
ومع اقتراب الشمس من الغروب، يقف المجندون فى صفوف معتدلة بأرض المعسكر يؤدون تحية علم مصر بصوت يدوى فى أرجاء المكان، ثم ينصرف المجندون إلى الراحة، منهم من يعود سريعاً إلى العنبر لأداء الصلاة ومنهم من يسرع ليغسل ملابسه الميرى أو الملكية ومنهم من يقف يتبادل أطراف الحديث مع زملائه.
يغطى ظلام الليل السماء، ويتدفق الجنود إلى «الميس» لتناول وجبة العشاء فى الساعة الثامنة، لتبدأ حفلات سمر ليلية تتخللها أغانٍ وطنية يحضرها قائد القطاع وبعض الضباط. وفى العاشرة مساء، يعود صوت الصافرة من جديد معلناً بدء موعد النوم، يدخل المجندون والضباط إلى العنابر، فيما يبقى آخرون لحراسة مبانى المعسكر من الداخل والخارج.