كتب : الوطن منذ 36 دقيقة
وجه عصام العريان، القيادي بتنظيم الإخوان، رسالة إلى المصريين، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، جاء نصها كالتالي:
"أيها الشعب المصرى العظيم، الأخوات والإخوة أعضاء حزب الحرية والعدالة،السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحمد الله تعالى وأشكره شكراً يليق بجلاله وعظمته وفضله الكبير، أن وفقنا جميعاً للوقوف موقفاً سيسألنا عنه يوم القيامة، ويسجله لنا في موازيننا، وسيعلم به التاريخ والأجيال المقبلة، أننا كنا في خندق الشعب الحر، الذي رفض الانقلاب العسكري ودمويته، ورفض الفاشية السياسية، وأصّر رغم التضحيات العظيمة أن يكون في صف حرية الشعب وكرامته الإنسانية وحقوقه الدستورية في الاختيار الحر، من أجل أن تكون ثروات الشعب والأمة ملكاً لكل المواطنين دون تمييز، وأن تتحقق العدالة الاجتماعية والحرية والعيش الكريم لكل مصري ومصرية، في ظل برنامج الحزب الذي ينطلق من مرجعية الشريعة الإسلامية، التي في ظلها تتحقق المساوة والعدالة والعدل والكرامة. وبها تتجذر كل القيم الإسلامية، التي تعبّر بصدق عن هوية هذه الأمة المصرية، تلك القيم التي ختم بها الإسلام العظيم وشريعته الخالدة، ما سبقها من شرائع، وجاءت بأحكام ثابتة تقرر المساواة والتسامح والسلام والحرية والعدالة.
معركتنا طويلة وتحتاج إلى نفس طويلو الإعلام هو أهم ميادين العمل
أيها الشعب العظيم:
لقد أثبت بحق أنك تدافع عن حقوقك الإنسانية والدستورية، وأنك تغيرت بالفعل، فحق لك أن تفخر بين الأمم والشعوب، وأن تواصل مسيرة الجهاد والكفاح من أجل استكمال ثورتك، التي سجلها التاريخ كثورة من أعظم ثورات الشعوب، ثورة 25 يناير 2011، لتحقق كامل أهدافها، وتقضي على نظام الاستبداد والظلم والفساد والديكتاتورية والتبعية، الذي عاد ليطل برأسه ورموزه وسياساته من جديد، في الانقلاب الدموي الفاشي، الذي يقوده عسكريون وقضاة وساسة ورموز المؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية، وخطط لها رجال مخابرات العدو الصهيوني والمخابرات السعودية، ومولته خزائن الإمارات العربية المتحدة، وشارك فيه رجال المخابرات المصرية، من أجل تحطيم النجاحات التي حققتها الثورة المصرية، والتي كانت في طريقها لإصلاح الأخطاء التي وقعت فيها، ولم يكن أمامها إلا شهور قليلة وسنوات بسيطة ترسخ فيها قيم التغيير الحقيقي، وفق خريطة طريق واضحة، قادرة على تصحيح كل الأخطاء، وفي ظل الدستور الذي أقره الشعب ومع الرئيس الذي اختارته غالبية الشعب، وذلك بانتخاب السلطة التشريعية بمجلسيها (النواب والشورى)، وبذلك يستطيع الشعب عبر ممثليه أن يخضع كل مؤسسات الدولة لمنهج الثورة، ويحقق المحاسبة، وفي ظل الشفافية يعلم الناس كل الحقائق ويتم بصورة دستورية ديمقراطية تحقيق أهداف ثورة 25 يناير.
أعضاء الحزب وقياداته المناضلة:
إنني وقد غبت عنكم منذ الانقلاب، أشدّ على أياديكم، أقبل الأرض تحت أقدامكم مكاني، أن أكون وسط الجموع الغفيرة التي تستجيب لنداءات وبيانات التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب، وأُعظّم تفانيكم وأفكاركم لذواتكم في هذه المرحلة العصيبة التي يمر بها الوطن وتعاني منها الأمة، فاليوم نحن شركاء في هذا التحالف، وبقيادته المتماسكة الصلبة سنعبر هذه المرحلة، وبفضل أهداف التحالف وسياسته، وقبول كل المبادرات التي تنطلق من احترام إرادة الشعب وتطبيق الدستور، الذي قبله غالبية الشعب، وفي ظل الشرعية الدستورية، من أجل الخروج من الأزمة الطاحنة التي تعصف بمصر وبالعالم العربي كله.
الأخوات والإخوة في كل المحافظات والمراكز والقرى في مصر:
إنني وإذ أثمن جهودكم، خاصة مشاركة المرأة المصرية وابتكارات الشباب الواعد، الذي يصنع المستقبل الذي ينتظره اليوم، من أجل أجيال قادمة، أوصيكم بتلك الوصايا والنصائح:
أولاً: الثبات والصبر والمصابرة والرباط وتقوى الله تعالى، مع إنكار الذات، وتفعيل التحالف الشرعي لدعم الشرعية، ورفض الانقلاب، وتوسيع قاعدة الرافضين للانقلاب وسياساته الاقتصادية والأمنية والاجتماعية.
ثانياً: رعاية أسر الشهداء والمصابين والمعتقلين، وتشكيل لجان نوعية لتقديم كل صور الدعم المعنوي والمادي والإنساني والاقتصادي لهؤلاء جميعاً، وضرورة تشكيل لجان قانونية وإعلامية واجتماعية وسياسية، لرفع الظلم عن هؤلاء، االذين يُصر إعلام النظام، والساسة الفاشيون الفاشلون، على اتهامهم ظلماً وعدوانا بالعنف والإرهاب.
ثالثاً: إتاحة كل الفرص للقيادات الشبابية والنسائية، والقيادات الميدانية في كافة النواحي، لأخذ دورها، لأن معركتنا طويلة وتحتاج إلى نفس طويل، فبعد دحر الانقلاب وهزيمته، سنكون أمام مرحلة إعادة البناء وتفعيل المجتمع كله، من أجل مصالحة وطنية شاملة، تبني الوطن في ضوء ثورة 25 يناير 2011، وليس في ظل نظام بديل أبداً.
شهداؤنا في الجنة ومصابونا سيعودون إلى ساحة الجهاد
رابعاً: الإخلاص لله تعالى، ونزع الدنيا من قلوبنا كلها، واليقين بأن النصر إنما هو من عند الله تعالى، وأننا ليس لنا من الأمر شيء، فنحن نستر قدرة الله بتنفيذ تعاليمه، والاهتداء بهدي نبيه صلى الله عليه وسلم، والسير على سنة سلفنا الصالح، الذي رفض الظلم والطغيان، وكان شعاره "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر وأعظم الشهداء حمزة رضي الله عنه ورجل قام إلى إمام ظالم فأمره ونهاه فقتله".
خامساً: الوحدة وعدم التنازع، لأن الله أمرنا بالثبات والطاعة لله ولرسول،ه وبعدم التنازع الذي يؤدي إلى الفشل والعياذ بالله "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ* وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ" الأنفال.
أيها الشعب المصري العظيم.
الأخوات والإخوة أعضاء حزب الحرية والعدالة.
الأخوات والإخوة قيادات الحزب مركزياً فى كل الأمانات والمواقع.
إننى أعلم أن ما قدمته لكم من تحية واجبة، ونصائح ليست إلا تذكيراً لكم، فإن الذكرى تنفع المؤمنين، وأن ما أقوله لا يتساوى أبداً مع حجم التضحيات التي تقدمونها طواعية ورضا، ولكنه الواجب الذي أشعر به ويثقلني، وكم كنت أتمنى أن أكون كما كنت طوال اعتصام رابعة العدوية وسطكم، أتجول بين الخيام وأشدّ على أياديكم وأتلقى نصائحكم، وكان ختام ذلك يوم المجزرة والمقتلة البشعة، فقد رأيت الموت وملائكته يحلقون فوق رؤوسنا ونحن في الميدان معاً، ورأيت المصابين يأنون من الجراح البشعة، ورأيت زملائي وزميلاتي الأطباء يجتهدون للقيام بواجبهم الإنساني، ورأيت الإعلاميين ينقلون صورة ما حدث للعالم كله، فيفقد بعضهم حياته لمنع نقل أحداث المجزرة إلى المصريين والعالم كله.
عشنا معاً أكثر من شهر ونصف، بين صيام وقيام وذكر ودعاء وتلاوة قرآن وكلمات من المنصة العظيمة، كان ذلك إعداداً لنا كي نواصل المسيرة ونستمر في الجهاد، حتى تتحقق أهداف ثورتنا العظيمة، ثورة 25 يناير، وموجتها الثانية ضد الانقلاب العسكري الدموي الفاشي.
تقبل الله شهداءنا، وأتم شفاء مصابينا، وأطلق سراح إخواننا وأخواتنا وربط على قلوبنا جميعاً، وأنزل السكينة في قلوب شعب مصر أجمعين، خاصة أسر الشهداء والمصابين والمعتقلين والمسجونين.
أيها المصريون، أيها الشعب المصري العظيم. لقد فشل الانقلابيون في فرض انقلابهم كأمر واقع، فقد رفضه قطاع كبير من الشعب المصري يتزايد أعدادهم يوماً بعد يوم، بسبب انكشاف الحقائق أمام الشعب.
لقد ثبت أن مجموعة متآمرة منذ اندلاع ثورة 25 يناير، خططت ونفذت مؤامرة تتضح معالمها كل ساعة، لتشويه الثورة، وكما أعلنت وزارة الداخلية يومها أنها ثورة الإخوان المسلمين، وأنهم في يوم 28 يناير (جمعة الغضب الأولى)، قد نزلوا الميادين بكل قوة، ليستولوا على ثورة الشباب، وأنهم قاموا في موقعة الجمل بالدفاع عن الثورة، ليقودوا الثورة ويقصوا الشباب، واليوم، وبعد مرور سنتين ونصف، عادت نفس الرواية لتقول ما هو أخطر (لم تكن هناك أصلاً ثورة بل كانت أحداث يناير)، كما يصفها بعض القضاة والساسة والإعلاميين والكتاب والصحفيين.
ومع اتضاح الرؤية، بعد إعلان المتأمرين عن مؤامرتهم، بعدما ظنوا أن الانقلاب نجح فى الإطاحة بالرئيس الشرعي المنتخب، وأعلنوا عن مواقفهم الصريحة، فهؤلاء من العدو الصهيوني، وأولئك من حكام السعودية والإمارات، والتابعين من أنصار (أوسلو)، وحكام الأردن، هم الذين أيدوا الانقلاب العسكري الدموي، وشجعوه ومولوا خزائنه.
لقد أثبتم أيها الشباب والنساء والرجال والشيوخ، في كل قرية وشارع وميدان، أنكم استطعتم إفشال المؤامرة وكشف حقيقة الانقلاب. ونحن اليوم كوطن على شفا هاوية اقتصادية ومالية، قد تكون هي النهاية لذلك الانقلاب، فلا أمن ولا استقرار ولا استثمار ولا إدارة محلية ولا حكومة قادرة على العمل، وهذا هو جوهر (العصيان المدني)، وهنا تكمن مقبرة الاتقلابيين ونهاية المؤامرة الانقلابية.
لقد دبّ الخلاف سريعاً، وبأسرع مما يتصور البعض، بين أجنحة الانقلابيين، فخرج بين صفوفهم السياسي الذي أقنع الغرب وأمريكا بدعم الانقلاب، بعد أن خشى على نفسه وصورته وجائزة نوبل، أن يُلون بالدموية والفاشية والنازية. وهذا موقف يُحمد له.
وستتوالى الخلافات الشديدة، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، بين أركان الانقلاب، فهم لم يجمعهم إلا كراهية الشعب واحتقاره وكراهية فصيل سياسي آمن بالتعددية واحترام القيم والتقاليد والوسائل الديمقراطية، واقتنع بعد تجارب طويلة في ضرورة قيام دولة مدنية ديمقراطية دستورية، على أساس الدستور والقانون وتطبق بإرادة شعبها، والتزاماً منه وفق إيمانه بقداسة الشرعية الإسلامية، وصلاحيتها لكل زمان ومكان، وأثبتت ذلك الاستحقاقات الانتخابية المتتالية، بدءاً من استفتاء 19 مارس 2011، وانتهاءً بالاستفتاء على مشروع الدستور، في ديسمبر 2012.
إن الكراهية لا تقيم مجتمعاً، وإن الإقصاء والعزل السياسي لا يحقق نظاماً ديمقراطياً، وأن العقلية الأمنية القمعية لا تحقق أمناً ولا سلاماً اجتماعياً، وإن التبعية لا تحقق استقلالاً وطنياً، وإن التمييز والسياسات الاقتصادية الليبرالية المتوحشة، لا تحقق عدالة اجتماعية، وإن العلمانية لا يمكن لها أن تحكم مجتمعاً مؤمناً متديناً مسيحياً وإسلامياً، وأن الفساد الذي ينخر أهم مؤسسات الدولة في القضاء والشرطة والجيش والمخابرات، ووصل إلى المؤسسات الدينية، لا يمكن أن يحقق استقراراً ولا أمناً ولا عدالة.
أيها الشعب المصرى العظيم:
إن أهم ميادين العمل اليوم، هو الإعلام فى الداخل والخارج، وإن الوصول إلى قطاعات أخرى من الشعب هو الواجب الأهم، وإن الثبات والإصرار وتفعيل آليات العصيان المدني، والابتكار والتجديد فيها من أولى الأولويات الآن، وعلينا أن نشرح للشعب أهمية السلمية وثقافة اللاعنف، حتى لا يتم تشويه صورة الثورة، والرد على كل الإشاعات والاتهامات بكل الطرق.
شهداؤنا عند الله في جنات النعيم، بمشيئتة ورحمته وفضله، ومصابونا سيعودون إلى ساحة الجهاد قريباً، وأسرانا ومعتقلونا سيخرجون أحراراً قريباً، موعدنا مع نصر قريب وفوز عظيم.
والله أكبر وتحيا مصر حرة مستقلة أبية.