أمهات: «الذكية» أشغلت الأبناء وجعلت منازلنا موحشة

أمهات: «الذكية» أشغلت الأبناء وجعلت منازلنا موحشة أمهات: «الذكية» أشغلت الأبناء وجعلت منازلنا موحشة

 مها البدراني (المدينة المنورة)

تطورت التكنولوجيا وتنوعت لكي تجعل من حياتنا أكثر سهولة من حيث توفير الجهد والوقت ولكي تخدمنا في الكثير من المعاملات الإلكترونية في المنزل والعمل ولأن هذا ما اعتدنا عليه في شؤون حياتنا اليومية، إلا أن تطورها هذه المرة ليس لخدمتنا بل إلى ضياع فلذات اكبادنا المتتبعين لآخر الإعلانات التي تزف لنا ولادة جهاز جديد عن المتداول بين أيديهم وهم يجهلون خلفياته وأبعاده، وما يزيد الأمر سوءا، هو رضوخ أغلب الأسر لمتطلبات أطفالهم من باب البذخ والتمييز لهم عن أقرانهم متناسين الرقابة التي سيسألون عنها أمام الله «كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته».تقول نهلة الحربي (أم): ليس لنا غنى عن التطور ولكن بحدود، فأنا ضد فكرة وجود الأجهزة في أيدي الطلاب والطالبات وأيضا الأطفال، حيث يؤثر وجودها في أيدي الطلاب على تحصيلهم العلمي، والأطفال غير الملتحقين بالمدرسة سيعودهم على الكسل وعدم الرغبة في الالتحاق بالمدرسة، وسيؤثر سلبا على مستوى ذكائهم من جراء المكوث على هذه الأجهزة بالساعات واتكالية بعض الأمهات للتخلص من إزعاج اطفالهن وذلك بشراء تلك الأجهزة لهم .وتشدد (أم سامي) على كلام نهلة، وتصف أجواء منزلها بالموحشة حيث إن لها 8 من الأبناء والبنات اثنتان منهن متزوجتان ولهما حياتهما الخاصة وما تبقى من أفراد أسرتها لا تكاد تراهم سوى عند النوم وعلى وجبة الغداء فقط.وتضيف: كل منهم منشغل على جهاز ومنزو عن أنظار والده ولا يسمع في البيت أي صوت لهم.. ندمت على اقتناء تلك الأجهزة لهم فقد ذهبت بعائلتي ولا اعرف ماذا اعمل لأستعيدهم لي فوالدهم يشكو مثلي من فقدهم، فلا خير في وجودها بل كانت دخيلة على بيوتنا وأخذت منا اعز ما نملك (أولادنا) فأصبح الولد حتى لو أراد كأس ماء يطلبه بـ«مسج» وهو مستلق على سريره .وأوضحت سوزان عامر معلمة ومشرفة تربوية، أن تداول أجهزة الهواتف المحمولة واللوحية قد تسبب في تدني المستوى الدراسي لبعض الطلاب والطالبات مقارنة بأقرانهم الذين لا يملكون تلك الأجهزة، وأضافت «هذا ما يثير الجدل بين أوساط المجتمع المدرسي: لماذا تعطى الحرية للطفل باقتناء مثل هذه الأجهزة التي ستدمر علمه وتلحق الضرر بتحصيله الدراسي بجانب ضياع صحته لقضائه أغلب الساعات دون علم الأسرة عليها مما جعل ذلك من أولويات يومه متناسيا واجباته ومدرسته».واستطردت تقول: لاحظت قلة الغياب للطالبات ولكن لم يكن الحضور بالملفت لنا كمعلمات فأغلب الطالبات يكثر بينهن الكسل والخمول والبعض منهن تأتي لتكمل نومها في الفصل والأخرى تفقد وعيها بسبب قلة الأكل، وكثير من الحالات قد لا يأتي المجال لذكرها، ولكن أين دور الأسرة في تبني الطفل وتقنين ما يحتاجه بعيدا عن خطر هذه الحاجة على صحته ودراسته، داعية إلى ضرورة أن تنتبه كل أسرة لهذا الخطر الذي وصفته بالعظيم والمتعاظم بسبب خطر هذه الأجهزة بين أيادي الطلاب والطالبات .من جهتها بينت سلوى الهوساوي أستاذة الصحة النفسية في جامعة طيبة، أن ما حصل في الحياة الاجتماعية من كثرة الأجهزة الذكية مثل النت والهاتف والجوال وبعض وسائل الترفية الإلكترونية أدى إلى سلوكيات سلبية وسط الجميع خاصة الطلاب والطالبات. وأضافت: المشكلة أننا لم نكن مستعدين لهذه النقلة السريعة، ونتمنى أن نعيد التوازن للمجتمع في التحذير من ذلك، بعد الخلل الذي اصاب علاقات الناس مع بعضهم بسبب دخول الأجهزة الذكية في حياتنا وسيطرتها عليها، وأن نعيد التواصل بيننا وأولادنا بشكل فعال، والتفكير بالجانب الديني، حيث ان الكثير من الأجهزة الذكية تخللها الخلل بسبب البعد عن الجانب الديني.وشددت الدكتورة سمية الشريف طبيبة أسرة في مستشفى الحرس الوطني، على أهمية علاج تلك المشكلة بالنسبة للمجتمع السعودي، وما يترتب عليه من أضرار صحية على أفراد الأسرة من جرائها فقد أصبحت في يد كل فرد من المجتمع وخاصة الأطفال منهم.وقالت الدكتورة الشريف ان الدراسات توضح خطورة تلك الأجهزة، حيث ان هناك أمور قد تكون غائبة عن ذهن الناس مبينة أن الأضرار تكون على المدى البعيد. وأضافت: لا ننكر أن لها إيجابية ولكن هناك سلبيات لها و تتطلب الوقاية الدائمة منها فهذه التكنولوجيا قد خدمتنا منذ ظهورها في التسعينيات مثلا في العلم وتخزين الكتب في جهاز صغير ووصلتنا بالعالم من خلال شاشة صغيرة، وفي الطب أيضا خدمتنا في متابعة كثير من الأمراض وتنبيهنا لطريقة علاجها ومواعيد المراجعة، ولكن في المقابل هناك سلبيات مثل الإشعاعات الناتجة من تواجد الأجهزة داخل المنزل وخاصة في غرف النوم، حيث ان البعض يضعها للتنبيه وهذا فيه من الخطورة الشيء الكثير الذي يتطلب الانتباه له دائما .ووافقتهما الرأي هدى الأحمدي مدربة ومستشارة أسرية وتربوية، حيث أكدت على ضرورة الهدف من كل تلك التقنية التي دخلت علينا بشكل كبير جدا وملحوظ، وتطرقت إلى جانبين اجتماعي وتربوي مشيرة إلى أن لها جانبا إيجابيا وسلبيا، مؤكدة على ضرورة التوصل لحلول لمعالجة الجوانب السلبية مباشرة. وأضافت: الجانب الإيجابي هو سرعة التواصل، ولكن لا ننسى جوانبها السلبية في اختراق الخصوصية والمرحلة العمرية للطفل وجوانب سلبية عديدة أخرى، فقد أصبح الطفل يشاهد المشاهد الخليعة فلم تعد تستهويه الألعاب الإلكترونية كما في السابق، وأيضا انتشار الشائعات والأكاذيب عبر هذه التقنية وسرعة انتشارها وتشويه سمعة الآخرين، لذا نتمنى من الأسرة السعي لترسيخ المراقبة الذاتية لدى ابنائهم.

جي بي سي نيوز