«ولّع لى شمعة وصلّى».. لماذا يضىء الأقباط الشموع أمام الأيقونات المقدسة؟

«ولّع لى شمعة وصلّى».. لماذا يضىء الأقباط الشموع أمام الأيقونات المقدسة؟ «ولّع لى شمعة وصلّى».. لماذا يضىء الأقباط الشموع أمام الأيقونات المقدسة؟

اشترك لتصلك أهم الأخبار

«ولّع لى شمعة وصلّى لى».. كلمات تجسد روحانيات قبطية يحرص الشعب القبطى على الاستمتاع والشعور بها بمجرد الدخول إلى الكنائس، حيث تعبر لدى البعض عن دلالات البركة، ولدى البعض الآخر عن تقديم النذور. فلا تخلو أى كنيسة أو دير من الشموع، الأمر الذى يطرح سؤالًا لدى البعض مفاده: ما السر فى ذلك؟ ولماذا يفعل الأقباط هذا الأمر؟، حيث تمثل الشموع مكانة عظيمة لدى الأقباط، فاستخدامها ليس فقط للصلاة، وإنما البعض يقدمها نُذورًا عند تحقيق طلب من شفيعه من القديسين، وأيضا إنارتها عن قراءة الإنجيل المقدس داخل الهيكل، وتستخدم عند طلب تحقيق أمنية أمام صورة لإحدى القديسين، وأيضا يستخدمها العديد من الأقباط فى كثير من المناسبات، مثل إحياء ذكرى شهداء الكنيسة فى جميع العصور للتعبير عن حزنهم لرحيل شهدائهم فى تلك الكنائس وغيرها من الروحانيات والمناسبات التى ترتبط بأذهان الأقباط. ويلزم على أى قبطى يدخل الكنيسة أو الدير إضاءة شمعة أمام الأيقونة المقدسة، والموجودة بمجرد دخول الشعب إلى داخل الصحن، لكن البعض يسأل: لماذا يقوم الأقباط بهذا التصرف؟.

إحياء ذكرى شهداء الكنيسة

القمص إبرام إميل، وكيل عام كاتدرائية الأقباط الأرثوذكس فى الإسكندرية، راعى الكنيسة المرقسية الكبرى، قال لـ«المصرى اليوم»: إن الشمعة عندما تشتعل تتعرض للذوبان، وهذه إشارة إلى أن القديسين بذلوا حياتهم فى عطاء وخدمة روحية حتى أفنوا ذاتهم وحياتهم من أجل الإنارة والهداية للشعوب والمجتمعات.

وأوضح أن الشموع تعطى وتمنح النور، وفى ذلك إشارة إلى أن القديسين كانوا نورا يضيء العالم أثناء فترات حياتهم، لافتا إلى أنه أثناء عصر الاضطهاد الرومانى كان الجنود الرومان يقومون بتعذيب القديسين وممارسة كل أشكال العنف والقسوة، إلا أن رد فعلهم على هذه المعاملة بالغة السوء هى الدعاء لهم بالهداية وأن الرب يباركهم ويسامحهم، لذلك كانوا بمثابة نور يضىء وسط الظلام.

إحياء ذكرى شهداء الكنيسة

أما جورج شكرى، أحد القيادات فى أبوالمطامير بمحافظة البحيرة، فقال إن إقدام الأقباط على إنارة الشموع هو تجسيد الإكرام والإجلال لصاحب الصورة (الأيقونة المقدسة)، وتقديم الشكر والتقدير له عند انقضاء حاجة بشفاعة صاحبها. وأوضح «شكرى»، لـ«المصرى اليوم»: «إنت من حبك لشخص وتقديرك له تقول «ده انا أقيدله صوابعى العشرة شمع»، لأن إيقاد الشمعة دليل المحبة والتقدير، لذلك فى الأفراح تضاء الشموع، لأن إضاءة الشموع تضفى جوا من الزهو والسمو، وتشعرك كأنك ليس على الأرض وإنما أعلى فى السماء فى جو سماوى مملوء بالفرح والشكر، كما أنه يهدف إلى التذكير بصاحب الصورة إن كان لنا طلب من الله فيشفع لنا أمام الله من أجل تحقيق هذا الطلب.

وذكرت بطريركية الإسكندرية وسائر أفريقيا للأقباط الروم الأرثوذكس، على موقعها الرسمى، أن الشمعة تعبر تعبيرًا تصويريًا دقيقًا عن وقفة العابد أمام الله، فهى تظهر هادئة ساكنة وقلبها يشتعل اشتعالًا بنار ملتهبة تحرق جسمها البارد الصلب فتذيبه إذابة وتسكبه، فتنحدر متلاحقة تاركة خلفها هالة من نور يسعد بها كل من تأمّل فيها أو سار على هداها.

وقالت إن الشمعة الموقدة فى بيت الله هى دعوة للعبادة الهادئة الحارّة المنيرة، وذكرت عددا من أقوال الآباء عن الشموع، من بينها »أن الشموع الموقدة على المذبح هى علامة نور الثالوث الأقدس، لأن الله لا يسكن إلا فى النور، ولا يقترب إليه الظلام، لأنه نار آكلة تحرق كل ما هو خطيئة أو شر، وأن الشمعة الموقدة أمام أيقونة المسيح تعلن أن المسيح نور العالم، ينير لكل إنسان آتٍ إليه، والشمعة الموقدة أمام أيقونة العذراء تعلن أن هذه هى أن النُّور».

وأضافت: «الشمعة الموقدة أمام أيقونة القديس تعلن أن هذا هو السراج المزين المنير الموضوع على المنارة فى أعلى البيت ليضىء لكل من فيه، والشمعة الموقدة أمام أيقونات القديسين تذكيرنا بإشعاع القديس صاحب الأيقونة التى نضىء الشمعة أمامها، لأن القديسين هم أبناء النور، وأيضًا إيقاد الشموع أمام أيقونات القديسين عمومًا علامة رمزية لاشتعالنا بغيرة قداستهم وحبهم وتقديم آية ملموسة من آيات التكريم والوفاء والتسبيح الصامت والشكر على ما يقدمونه نحونا من شفاعة أمام منبر المسيح».

وأشارت إلى أنها تحثنا على إنكار الذات، إذ كما يخضع الزيت والشمع لإرادتنا، هكذا ينبغى على نفوسنا أن تحترق بشعلة المحبة فى كل آلامنا خاضعين لمشيئة الرب، والشمعة الموقدة تعلمنا أنه كما أن الشمعة لا تشتعل بدون يدنا، كذلك قلبنا، أى نورنا الداخلى، لا يضىء بدون نور النعمة الإلهية المقدس حتى ولو كان مليئًا بالفضائل التى هى فى مطلق الأحوال مادة قابلة للاشتعال، لكن النار التى توقدها لا تأتى إلا من الله.

المصرى اليوم