الممثلة الفرنسية ماشا مريل لـ«المصري اليوم»: «شعرت بهيبة كبيرة عندما استمعت لأم كلثوم في باريس رغم عدم معرفتي بالعربية»

اشترك لتصلك أهم الأخبار

سارت بخطى مسرعة نحو المسرح فور سماع اسمها في مهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة، الذي انطلق الشهر الماضي، وسط تصفيق حاد من جميع الحضور، تخلت عن لغتها الفرنسية ووجهت كلمات بسيطة باللغة الإنجليزية: «نعم السينما قادرة على أن تغير العالم. وبلادكم مبهرة كعادتها».

دخلت بساطتها قلوب جميع الحضور، وارتبطت بعلاقة خاصة بأهل محافظة أسوان. رحلتها إلى هذه المرة كانت مختلفة عن رحلاتها السابقة إذ حققت حلم حياتها بزيارة معبد أبوسمبل.

الممثلة والكاتبة والمخرجة الفرنسية ماشا مريل تتحدث في حوار خاص لــ«المصري اليوم» عن أسرار حياتها الفنية وعن انطباعاتها لزيارتها إلى مصر. وإلى نص الحوار:

** بداية لقد حصلتي على أول تكريم لكي من مهرجان السينما الدولي للمرأة بأسوان ماذا يمثل لكي هذا التكريم؟

فخورة بتكريمي من مهرجان مصري يحمل اسم المرأة. بلدكم تاريخي وخالد، فحضارتكم العظيمة التي درسناها منذ طفولتنا علمت البشرية المعني الحقيقي لتقدير المرأة

** لماذا اخترتي أسما سينمائيا «ماشا مريل» بدلا من اسمك الحقيقي؟

اسمي الحقيقي ماريا ماجدالينا جاجارينا، وانتمي لعائلة من الأمراء في وعندما ذهبت إلى فرنسا في طفولتي احتفظت باسمي لكن عندما بدأت اتجاهي إلى التمثيل في عمر السابعة عشرة اقترح على أول منتج عملت معه بتغيير اسمي لصعوبة نطقه في أوروبا فاخترنا الاسم الفني «ماشا مريل» فماشا يدل على هويتي الروسية والاسم الثاني مأخوذ من اسم مغنية الجاز الشهيرة وقتها هيلين مريل في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي.

الممثلة والكاتبة الفرنسية ماشا مريل

** الشيء اللافت للنظر في بدايتك السينمائية هي قيامك بدور البطولة عام 1960 في فيلم الأيدي الدافئة.. كيف تحقق حلم البداية؟

البداية كانت عبارة عن حلقات من المعاناة الممزوجة بالأمل والسعي بدأت بوفاة أخي في المدرسة الألمانية خلال احدي التدريبات وتأثر والدي كثيرا بوفاته حتي توفي من شدة الحزن عليه واضطررنا للعودة إلى فرنسا. بعد ذلك تعهدت لوالدتي وقتها أنني لن أتخلي عن حلمي. التحقت بالدراسة بجامعة السوروبون وارتبطت علاقتي بالمسرح في ذلك الوقت حتي جاءت اللحظة المصيرية عندما شاهدني المخرج الفرنسي جيرارد أوري رشحني على الفور لدور البطولة في فيلمه الشهير «الأيدي الدافئة والذي حقق نجاحا كبيرا وقتها حيث كان باكورة أعمالي السينمائية والتي شاركت فيها البطولة مع الفنان الفرنسي الكبير جاك شاريير. بعدها سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية وقتها كانت بدايات السينما في هيوليود لكن تجربتي لم تدم طويلا.

** لماذا لم تدم طويلا؟

السينما في هوليود كانت جاذبة للفنانين من مختلف الدول وبالتحديد من الدول الرائدة للسينما، ورغم ان عمري وقتها كان في مطلع العشرينيات ا إلا أنني أعشق المغامرة لذلك قررت الذهاب بمفردي والتقيت بالمخرج الشهير دانيل مان ورشحني لفيلمه الكوميدي الشهير «من كان ينام في فراشي لكن لم أحصل في هوليود وقتها على أدوار البطولة فقررت العودة إلى فرنسا للمشاركة في الموجة الفرنسية الجديدة.

** كيف أثرت الموجة السينمائية الجديدة على ثورة الشباب في باريس في سيتنيات القرن الماضي؟

الموجة السينمائية الجديدة كانت بمثابة الحافز الكبير لي لترك هوليود ومن حسن حظي أنني التقيت بالمخرج الفرنسي الكبير جان ليك جودار رائد الموجة الفرنسية الجديدة وشاركت في دور البطولة في فيلمه الشهير«السيدة المتزوجة» عام 1964، في تلك الأونة بدأت السينما تتحرر من القيود التقليدية وبدأت تميل للواقعية مما كان له أثر بالطبع على الشباب والذين رفضوا القيود فثاروا ضدها واستمرت احتجاجاتهم نحو سبعة أسابيع،تخللتها المظاهرات والإضرابات العامة واعتصامات بالجامعات والمصانع. توقفت حركة الاقتصاد الفرنسي في ذروة الأحداث التي أصبحت معروفة بأحداث مايو 68 فتغيرت فرنسا ووتغير العالم الغربي بشكل جذري بفضل ثورة الشباب. وبشكل شخصي تبدلت حياتي.

الممثلة والكاتبة الفرنسية ماشا مريل

** ما هو التأثير الذي ألقى بظلاله على مسيرتك بتلك الثورة الشبابية؟

بشكل شخصي لا يمكني أن أنسي انطلاقة الطلاب بجوار نهر السين حاملين رسمة ديلاكروا الشهيرة عن الثورة الفرنسية فكنت واحدة من أكبر الداعمين للحركة الشبابية في أوروبا تبدلت شخصيتي واختياراتي للأعمال الفنية وبدأت اتعلم فنون أخرى لكي أثبت للمجتمع أن المرأة قادرة على التغيير وهي سفيرة حقيقية لمجتمعها.

**لماذا تفوقت السينما الأمريكية على السينما الفرنسية بعد ذلك التاريخ؟

يمكن أن نقول صراحة إن السينما الأمريكية هي المستفيد الأكبر من ثورة الشباب في فرنسا فاستطاعت أن تغير من جلدها واستعانت بأكبر الخبرات السينمائية من فرنسا وإيطاليا على سبيل المثال فتلك الحقيقة لا يمكن أن يغفلها أحد .لكن في تلك الآونة ظلت فرنسا متفردة في مجال مونتاج الأفلام حيث ابتكرت أساليب جديدة وقتها لم يكن يستخدمها العالم.

** اتجهتي إلى إيطاليا في مطلع السبعينيات رغم توجه النجوم وقتها إلى هوليود.. ما سبب تلك النقلة في مشوارك؟

زواجي الأول من المخرج الإيطالي فيتوريو فالدي كان الدافع لي لترك فرنسا والذهاب إلى إيطاليا عشنا سويا في روما حتي عام 1980 لكن شاءت الظروف أن ننفصل وتركت إيطاليا لكن بكل صراحة لا يمكن أن أعتبر تلك السنوات بمثابة النقلة لي مثل مرحلة البداية فقررت العودة لفرنسا وبدأت في تجربة الكتابة لأول مرة.

الممثلة والكاتبة الفرنسية ماشا مريل

** بدأتي بتجارب جديدة بعد بلوغك سن الأربعين.. فكيف أثرت تلك التجارب على مسيرتك في السينما؟

الفنان لابد أن يتنوع في أدواته، فالتاريخ سيتذكر المبدعين والمؤثرين، وعند بلوغي لسن الأربعين شعرت وأيقنت أنني لست ممثلة فقط تؤدي الأدوار لكنني شخصية تسعى للتأثير، لذلك احتلت الكتابة بالتحديد مكانة كبري في قلبي وهنا أتذكر باكورة أعمالي عن فنون الطعام، وتـأثرت به بالفعل في الفترة التي قضيتها في روما وتخطت أعمالي في الكتابة حاجز الـ21 كتابا ما بين الروايات والقصص وأقضي وقتا كبيرا أيضا لقراءة تاريخ مصر القديمة والذي دائما ما يفاجئني.

**ما سر ارتباطك بتاريخ مصر القديمة؟

ارتباطي بمصر بدأ منذ فترة الطفولة ولا أنسى زيارتي لها عندما كان عمري 17 عاما وقتها وقفت على ضفاف نهر النيل وتأملت حضارة ذلك البلد العظيم وزرتها مرة أخرى منذ سنوات، لكن الشيء الذي جعلني ارتبط أكثر بمصر القديمة هو تقديرها للمرأة وبالتحديد تقدير رمسيس الثاني لزوجته نفرتاري والذي جسد قصة حبهما بمعبد نفرتاري في أبوسمبل لذلك قلت إن حلمي قد تحقق بزيارة هذا المكان الساحر فهو يذكرني بقصة حبي الكبيرة مع ميشيل ليجران.

الممثلة والكاتبة الفرنسية ماشا مريل

** خلال جميع أحاديثك التليفزيونية حرصتي على إبراز دور المؤلف الموسيقي الفرنسي الشهير في حياتك «ميشيل ليجران» فرغم امتداد زواجكما لـ7 سنوات إلا أنك وصفتيه بالحب الأكبر؟

قصتي مع المؤلف الموسيقي الكبير ميشيل ليجران لن تكفيها مئات الحوارات والمقالات فكما قلت لك إن حياتي هي عمل درامي ممزوج بالأمل والسعي والحب هكذا كانت قصتنا، فرغم أننا تزوجنا في الفترة من 2013 حتى وفاته في 2019 إلا أن تلك السنوات هي أجمل سنوات عمري فحبنا بدأ قبل الزواج بـ50 عاما منذ اللقاء الأول، لكننا لم نلتق بعده وشاءت الأقدار أن نتزوج في الفترة الأخيرة من عمره «ليجران لم يفارق قلبي».

لذلك أكرس المتبقي من حياتي لتحقيق أحلام زوجي فنظمت منذ شهرين المسابقة الدولية للموسيقي التصويرية في الأفلام والمسلسلات وهي من الأشياء التي حلم بتنفيذها ميشيل.

** ختاما.. هل تتابعين الفنون العربية بمختلف أشكالها؟

ارتباطي بالفنون العربية بدأ عندما استمعت لأم كلثوم في باريس في سبعينيات القرن الماضي شعرت وقتها بهيبة كبيرة لقوة صوتها، وإحساسها وصل لقلبي، رغم عدم معرفتي باللغة العربية. وميشيل زوجي أيضا كان يحب سماع أم كلثوم. وارتبطت أيضا بعلاقة صداقة مع الفنانة الراحلة فاتن حمامة، حيث كانت تجيد اللغة الفرنسية بطلاقة، وتابعت بالطبع أعمال الفنان الكبير عمر الشريف والذي وصل لمكانة كبيرة في السينما العالمية.

المصرى اليوم