الشرطة تلاحق قتلة رئيس هايتى .. وتعلن تصفية 4 من المرتزقة

اشترك لتصلك أهم الأخبار

أفادت السلطات فى هايتى، الخميس، أن 4 من «المرتزقة» الذين نفذوا عملية اغتيال رئيس البلاد جوفينيل مويز فى منزله قتلوا، فيما تم اعتقال اثنين آخرين، وتم نقل زوجة مويز إلى المستشفى فى مدينة ميامى الأمريكية فى حالة خطرة بعد إصابتها فى العملية.

وأوضح المدير العام للشرطة الوطنية ليون شارل أن «4 مرتزقة قتلوا واثنين اعتقلا، ولقد تم تحرير 3 شرطيين كانوا محتجزين رهائن». وتابع أن الشرطة طاردت قتلة الرئيس بعدما نفذوا عملية الاغتيال التى وقعت أمس الأول وأسفرت عن مقتل مويز وإصابة زوجته بجروح خطرة، وأوضح أن قوات الأمن تقاتل مجموعة من المسلحين نفذوا اغتيال رئيس البلاد، وأضاف: «لا تزال الشرطة تقاتل المهاجمين».

وأظهرت لقطات سجلتها كاميرات المراقبة مشاهد جديدة من اغتيال رئيس هايتى، وبينت اللقطات، التى يبدو أنها سجلت من أحد المنازل القريبة من مقر إقامة الرئيس الراحل، عددا من المركبات وهى تسير قرب منزل الرئيس، وفق ما أوردت صحيفة «صن» البريطانية، وكان من بين السيارات المشاركة مركبات دفع رباعى، وإلى جانب السيارات كان عدد من المسلحين يهرولون صوب هدفهم، ورصدت الكاميرات 7 منهم، ويُعتقد أن العدد أكبر.

كانت لقطات سابقة وثقت عملية الاغتيال تمت عبر خدعة وجود قوات لمكافحة المخدرات فى عملية بالمكان، وفى أحد الفيديوهات سُمع أحد الأشخاص يقول بلكنة أمريكية عبر مكبرات الصوت: «عملية خاصة لإدارة مكافحة المخدرات الجميع يتنحى جانبا». وذكرت مواقع إخبارية أن المهاجمين زعموا أنهم عملاء فى وكالة مكافحة المخدرات حسب فيديوهات صوّرها سكان فى الحى الذى يسكن فيه مويس.

وإثر اغتيال مويز، أعلن رئيس الوزراء الانتقالى كلود جوزيف تولّيه مهام السلطة وفرض حالة الطوارئ لمدة 15 يوما، مما يعطى سلطات موسعة للحكومة. ودعا «جوزيف»، مواطنيه، إلى الهدوء فى بلد يعانى من أزمات سياسية ويشهد مواجهات بين عصابات مسلحة. وأوضح أن المهاجمين «أجانب يتحدثون الإنجليزية والإسبانية»، وتعهد بأن «القتلة سيدفعون ثمن ما قاموا به أمام القضاء».

وأعلن سفير هايتى لدى واشنطن بوكيت إدموند أن من اغتالوا رئيس البلاد مرتزقة «محترفون» تنكّروا فى زى عناصر أمن أمريكيين، وإثر اغتيال مويز أغلقت جمهورية الدومينيكان حدودها مع هايتى، وأثار اغتيال رئيس هايتى صدمة فى البلاد ولدى المجموعة الدولية، ويهدد بزعزعة استقرار هذه الدولة الهشة. وقال أحد القضاة المكلفين بمتابعة الاغتيال إن 12 رصاصة اخترقت جثة الرئيس السابق، وتم نهب مكتبه وغرفته.

ودعت وزارة الخارجية الأمريكية إلى إبقاء الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة فى 26 سبتمبر 2021 فى موعدها مع دورة ثانية فى 21 نوفمبر، وأكد وزير الخارجية الأمريكية أنتونى بلينكن، لكلود جوزف فى اتصال هاتفى «التزام» الولايات المتحدة بالعمل مع حكومة هايتى لدعم الشعب الهايتى والديمقراطية والسلام، وندد الرئيس الأمريكى جو بايدن بـ«العمل الشنيع»، معربا عن استعداد الولايات المتحدة لمساعدة هايتى، فيما حذر الاتحاد الأوروبى من «دوامة عنف» فى هايتى، وأدان مجلس الأمن جريمة الاغتيال وطالب فى جلسة عاجلة أمس باعتقال مرتكبى هذه «الجريمة النكراء، وإحالتهم إلى المحاكمة على وجه السرعة»، كما طالب «جميع الفاعلين السياسيين فى هايتى بالامتناع عن أى عمل من أعمال العنف وأى تحريض على العنف».

سكان البلاد يعانون ارتفاع معدلات الفقر «صورة أرشيفية»

و«مويز»، الذى كان فى الثالثة والخمسين من عمره، مقاول سابق أسس عددا من الأنشطة التجارية شمال البلاد التى ينحدر منها، ودخل معترك السياسية فى 2017 بشعار «إعادة بناء الدولة الفقيرة»، وخاض حملته الانتخابية على وعود شعبوية أسوة بجميع المرشحين فى هايتى، لكنه بقى على لهجته حتى بعد انتخابه فى 2017، ولكن تاريخ انتخابه شكل مصدرا لأزمة سياسية، إذ تمسك «مويز» بأن ولايته تنتهى فى 7 فبراير 2022، لكن آخرين اعتبروا أنها تنتهى فى 7 فبراير 2021.

ويعود الخلاف إلى أن مويز فاز فى انتخابات ألغيت نتائجها بسبب التزوير، وأعيد انتخابه بعد عام، وفى غياب البرلمان غرقت البلاد فى أزمة عام 2020، ما أدى إلى أن يحكم مويز بموجب مرسوم فزاد انعدام الثقة به.

ووُضع دستور البلاد الحالى فى 1987 بعد سقوط الديكتاتور الراحل «دوفالييه»، وينص الدستور على أن «أى مشاورات شعبية بهدف تعديل الدستور فى استفتاء ممنوعة رسميا». وكان من المقرر إجراء استفتاء دستورى فى أبريل الماضى، ثم تأجل إلى 27 يونيو الماضى، ثم مرة أخرى بسبب وباء كوفيد-19، على أن يجرى فى 26 سبتمبر المقبل.

وأصبحت «هايتى» عام 1804 أول جمهورية سوداء تنعم باستقلالها بعد تمرد للعبيد بزعامة توسان لوفيرتور، وكانت خاضعة للسيطرة الإسبانية حتى 1697 ثم الفرنسية، وعانت من الزلازل والأعاصير التى أنهكت سكانها الذين يعيش غالبيتهم تحت خط الفقر، وتعانى من غياب مزمن للأمن.

وتشكل «هايتى»، تلك الدولة اللاتينية، ثلث مساحة جزيرة هيسبانيولا الواقعة بين كوبا وبورتوريكو، وتتقاسمها مع جمهورية الدومينيكان، ويبلغ عدد سكانها 11.4 مليون نسمة. وعرفت «هايتى» منذ استقلالها سلسلة من الأنظمة الديكتاتورية، تخللتها حكومات ديمقراطية أو احتلالات أجنبية.

وشهدت «هايتى» حكم أنظمة ديكتاتورية وعدم استقرار سياسى جعل منها أحد أفقر بلدان العالم حسب البنك الدولى.. وبين 1957 و1986، عاشت البلاد تحت سيطرة فرانسوا دوفالييه المعروف باسم «بابا دوك» ثم ابنه جان كلود (بيبى دوك) من خلال فرق الموت، وبعدما طردته انتفاضة شعبية فى 1986 توجه الابن للمنفى فى فرنسا لمدة 25 عاما قبل أن يعود إلى هايتى حيث توفى فى 2014.. وفى عام 1990، تم انتخاب القس جان برتران أريستيد فى أول انتخابات حرة، ثم أطيح به فى انقلاب عام 1991 ليذهب إلى المنفى ثم يعود إلى هايتى عام 1994 بعد تدخل أمريكى.. وتولى رينيه بريفال الرئاسة فى 1996.. وفى عام 2001 أصبح جان برتران أريستيد رئيسا مرة أخرى.. وتحت ضغوط أمريكية وفرنسية وكندية، وبعدها حركة تمرد مسلح وثورة شعبية استقال فى 2004 وذهب إلى المنفى، وخلفه فى المنصب رينيه بريفال فى 2006، وهو الرئيس الهايتى الوحيد الذى أكمل فترتى ولايته حسب الدستور.

وتم تنصيب جوفينيل مويز رئيسا فى 2017 بعد أزمة انتخابية طويلة، لكن اعتبارا من 2020 ودون برلمان قادر على العمل حكم بمراسيم، وأعلن القضاء انتهاء ولايته فى السابع من فبراير 2021، لكنه بقى فى السلطة معتبرا أنه ما زال لديه عام لأنه انتُخب فى اقتراع ألغيت نتائجه بتهم تزوير وأعيد انتخابه بعد عام.

و«هايتى» أفقر دولة فى أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى- حسب البنك الدولى- إذ يعيش نحو 60% من سكانها تحت خط الفقر. وتم تصنيفها فى المرتبة 170 من 189 من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائى لمؤشر التنمية البشرية الخاص بها. وسجل إجمالى الناتج المحلى انكماشا نسبته 3.8% فى 2020، بينما أدى وباء كوفيد إلى تفاقم التدهور الاقتصادى، وعدم الاستقرار السياسى الذى أدى إلى إبطاء وصول مليارات من المساعدات الدولية التى تم التعهد بها أو عدم وصولها على الإطلاق.

المصرى اليوم