محمود جمال - مباشر: مع استمرار هبوط العملات المشفرة خلال تعاملات الأسبوع الجاري، ووصول أسعارها لمستويات متدنية لم تشهدها منذ أكثر من عام تقريباً، بدأت أسعار الذهب في تجاوز مستويات 1900 دولار للأونصة، وشهدت أسواق الأسهم حالة من التباين مع اختلاف توجهات المستثمرين حيال التخفيف من المراكز وتقليل المخاطرة.
ويأتي ذلك في ظل تشديد الخناق على تداول العملات المشفرة، مع سعي مؤسسات حكومية بالصين لحظرها وزيادة التحذيرات منها بالولايات المتحدة العديد من الدول الأخرى.
وخلال تعاملات الأسبوع الماضي، سجلت عملة "بتكوين" تراجعاً بلغ 6 بالمائة، وانخفضت عملة "إثيريوم" 4 بالمائة مع تشديد الصين الخناق على التعامل بتلك العملات وحظر المؤسسات المالية وشركات المدفوعات تقديم خدمات للتعامل بها.
واستمرت موجة الهبوط بالعملات المشفرة الأخرى التي سجلت خسائر قياسية، حيث تراجعت عملة "دوغ كوين" 19.5 بالمائة في ظل تخلي الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا عملاق السيارات الكهربائية، عن دعم تلك العملات بسلسلة تغريدات، كان لها أثر سلبي على أدائها.
واستطاع الذهب، الملاذ الآمن وسط الأزمات، أن يلفت أنظار بعض مستثمري تلك العملات المشفرة، والذين فضّلوا الخروج مؤقتاً نظراً للكشف عن توقعات باستمرار هبوط أسعار تلك العملات، وهو ما ساهم في صعود المعدن الأصفر ليتجاوز مستويات 1900 دولار للأونصة.
ووسط تلك الأحداث الدراماتيكية التي أتت دون ترتيب تساءل الكثير من متداولي الأسهم بأسواق الخليج ومصر "هل التخارج بجزء من السيولة هو أنسب اختيار لعدم المجازفة؟
ملاذ آمن
قال محمد سعيد، محلل أسواق المال، لـ"معلومات مباشر"، إن الذهب سيظل محافظاً على تصنيفه كملاذ آمن، حيث إن المستثمرين يتجهون إليه عادةً في كل مرة ترتفع لديهم حالة عدم اليقين من أسواق المال المختلفة، وأهمها أسواق الأسهم وهو ما حدث بالفعل عندما ارتفعت حدة التذبذبات السعرية بأسواق الأسهم خلال الأيام القليلة الماضية.
ولفت سعيد، إلى أن التصحيح العنيف الذي تعرضت له العملات الرقمية قد أشار إلى تراجع شهية المخاطرة بشكل كبير إلا أن تلك التحركات لم تصل إلى درجة التأكيد من الناحية الفنية ما يشير إلى إجهاض الحركة الصعودية للذهب في مراحلها الأولى.
وذكر محلل أسواق المال، أنه على الرغم من تعرض بعض الأسهم في أسواق المنطقة لموجات بيعية مكثفة، فإن ذلك لا يمكن تعميمه على أداء السوق، فما زالت الصورة العامة للأسواق العربية إيجابية ولا تزال العوائد على أسواق الأسهم أفضل من نظيراتها الأخرى وفي مقدمتها الذهب.
ونصح سعيد، المستثمرين باللجوء إلى الانتقائية في اختيار أسهم الشركات ذات الأداء المالي الجيد والرؤية المستقبلية المستقرة وعدم التركيز على المضاربات العنيفة بنسب كبيرة من استثماراتهم، وذلك للحفاظ على استقرار أداء محافظهم الاستثمارية.
أموال ذكية
من جانبه، أوضح محمد جاب الله، رئيس قطاع تنمية الأعمال والاستراتيجيات بشركة بايونيرز لتداول الأوراق المالية، لـ"معلومات مباشر"، أن المحافظ التي يتخارج من العملات الرقمية اتجهت بالفعل إلى الذهب، ما رفع سعر المعدن الأصفر في البورصات العالمية بصورة مفاجئة.
وألمح جاب الله، إلى أنه طالما استمرت التوترات الجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط، فإن سوق الأسهم سيظل متذبذباً بهذه الوتيرة فضلاً عن عدم وجود محفزات.
وأوضح أن الأسواق حالياً لا توجد بها أي محفزات تدفع إلى جذب الاستثمارات الحقيقة، ولهذا تتخذ هذا المسار غير المنطقي والتذبذبات الحادة.
ولفت إلى أنه يلاحظ دخول أموال ذكية استباقية في سوق المال خاصة في الأسهم الكبرى على الرغم من تراجعات المؤشر الرئيسي بالبورصة المصرية، متابعاً: "هناك مشترٍ خفي بالسوق يستغل تدني أسعار الأسهم الكبرى الذي أصبح لا يعبّر عن القيمة الحقيقية لها أو حتى نتائج أعمالها".
وضوح رؤية
من جانبها، قالت حنان رمسيس الخبيرة الاقتصادية لدى شركة "الحرية لتداول الأوراق المالية"، لـ"معلومات مباشر"، إن الذهب كان ولا يزال ملاذاً آمناً بالنسبة للكثير من المتعاملين الأفراد أو الدول على حد سواء.
وأشارت رمسيس، إلى أنه كلما حدث غلق حتى ولو جزئي في بعض الدول قبل التلقيح ضد كورونا كلما رأينا تحركات الذهب تقترب من مستويات المقاومات التاريخية التي لم تصل إليها في بداية أزمة كورونا والواقعة عند 2021 دولار للأونصة.
أما فيما يتعلق بتفضيلات المستثمرين بين أسواق المال أو العملات المشفرة أو الذهب، بينت حنان رمسيس، أن هذا يرجع لطبيعة المستثمر "هل هو جريء أما أنه حذر ومتحوط"، فالمستثمر المتحوط بالتأكيد سوف يتجه إلى الذهب، أما الجريء من الممكن أن يتجه للعملات المشفرة والتي أدائها في الوقت الحالي "محير"، ومرتبط بتغريدات واستثمارات إيلون ماسك والتي حذر منها بنوك مركزية كثير في الفترة الأخيرة.
أما فيما يتعلق بالأسواق المالية، أوضحت أن الراغب في اقتناص الفرص قد يدخل فيها حالياً مع تسجيل الأسعار مستويات متدنية.
ومن جانبه، أكد محمد كمال، المدير التنفيذي لشركة الرواد لتداول الأوراق المالية، أن هناك فرقاً بين الاستثمار في أسواق الأسهم والسندات وأسواق الذهب والمضاربة في سوق العملات المشفرة.
وتابع كمال، أن طبيعة كل مستثمر مختلفة، فهناك مستثمر متقبل للمخاطرة في أسواق الأسهم، والمتحفظ المفضل لأسواق الدين أو السندات وهناك المضارب في أسواق العملات المشفرة.
وأشار إلى أنه لا يعتقد أن النوع الأخير موجود بنسبة كبيرة بالسوق المصري بوضع مقنن ورسمي، في ظل تجريم المركزي المصري وهيئة الرقابة التعامل مع أسواق العملات المشفرة.
ولفت إلى أنه من الطبيعي العودة مرة أخرى للاستثمار في أسواق المعادن النفيسة لتعويض بعض التراجعات في أسواق الأسهم.
فرص واعدة
أكد مينا رفيق، مدير البحوث بشركة المروة لتداول الأوراق المالية، لـ"معلومات مباشر"، أنه لا يزال هناك بعض الفرص الواعدة لسوق الأسهم بالفترة المقبلة، وبالأخص للمستثمر طويل الأجل مع تراجع أعداد الإصابات بالفيروس عالمياً وسرعة توزيع اللقاحات.
وتابع رفيق، أن ذلك على الرغم من ارتفاع سعر الذهب عالمياً تزامناً مع ظهور بعض التوترات الجيوسياسية المحدودة وارتفاع وتيرة المخاوف من معدلات التضخم المتزايدة عالمياً والتي قد تدفع البنوك المركزية للتخلي عن السياسة التيسيرية والتي قد يكون لها الأثر السلبي على أسواق الأسهم.
وألمح إلى أن هذه التراجعات في أسواق الأسهم والارتفاعات في سعر الذهب عالمياً قد تكون مؤقتة، وفي المقابل فرصة جيدة لزيادة المراكز لمن يرغب في الحصول على عائد استثماري جيد بالأسهم على المدى المتوسط وطويل الأجل.
وأفاد حسام عيد، مدير الاستثمار بشركة إنترناشيونال لتداول الأوراق المالية، بأنه في ظل تقلبات الأسواق المالية وجائحة كورونا، والحديث عن المخاطرة المرتفعة للاستثمار في العملات المشفرة والتحذيرات المستمرة عن مدى خطورة الاستثمار بها عالمياً تتجه الأموال المستثمرة غالباً إلى الاستثمار في الملاذات الآمنة وخاصة الذهب.
وأوضح أن هذا الصعود يؤكد بشكل واضح خروج الأموال المستثمرة من الأسواق المالية وضخ هذه الأموال للاستثمار بالمعدن الأصفر، مع عدم استقرار الأسواق المالية التي شهدت هبوطاً حاداً وتخلي عن مستويات فنية هامة.
وأشار إلى أنه بعد استقرار الأسواق المالية ووضوح الرؤية في أزمة كورونا عالمياً، ستتجه الأموال المستثمرة بالملاذات الآمنة إلى الاستثمار بأسواق الأسهم مرة أخرى وستكون حينها فرصة جيدة لتحقيق مكاسب كبيرة.
موجة صعودية
وقال الدكتور محمد راشد، المدرس بكلية السياسة والاقتصاد جامعة بني سويف، إن التراجعات الحادة التي شهدتها أسعار العديد من الآسهم فىيبعض الأسواق في الخليج ومصر ترجع لسببين رئيسيين؛ ألا وهما الأول مرتبط بتراجع أسعار البترول والثاني مرتبط بارتفاع اسعار الذهب، حيث إن الموجة الصعودية إزاء قلق المستثمرين من المتحور الهندي لفيروس كورونا جعلهم يهرولون نحو الذهاب بسحب جزء من السيولة من أسواق المال ما تسبب في هذه التراجعات المشهودة.
وبدوره، أوضح محمد حسن، العضو المنتدب لدى بلوم مصر للاستثمارات المالية، لـ"معلومات مباشر"، أن تراجعت أسواق الأسهم بشكل قوي خلال الأسبوع الماضي نتيجة لارتفاع حالات الإصابة بكورونا مع التوترات بملف سد النهضة بالإضافة إلى أحداث غزة الأخيرة كل هذه الأحداث كان لها تأثير على أسواق الأسهم.
وأوضح أن الانخفاضات زادت من حدتها على سهم البنك التجارى الدولي المدرج بالبورصة المصرية تزامناً مع تخفيض نسبة الاستثمار به من مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة بالإضافة إلى خروج سهم السويدي من المؤشر ذاته، مشيراً إلى أن ذلك جاء بالتزامن أيضاً مع الانخفاضات الحادة للعملات المشفرة، ما يدفع المستثمرين إلى مزيد من التمسك بالذهب وإضافة الاستثمار به.
ويرى أنه لا بد من التمسك بالأسهم في السوق المصري، وزيادة المراكز الشرائية عند مستويات الدعم الرئيسية لأن الفرص لا تزال متاحة مع مخاطر قليلة جداً لوقوفنا على مناطق الدعم مع التاكيد على الابتعاد من الشراء بالهامش قدر المستطاع خلال الفترة القادمة.
ترشيحات:
ميناء الملك عبدالله يعين جاي نيو رئيساً تنفيذياً لقيادة النمو طويل الأجل
السعودية تعلن عودة الفعاليات الترفيهية وفق اشتراطات خاصة
مباشر (اقتصاد)