محمود جمال - مباشر: شهدت أغلب أسواق المال في مصر والخليج نشاطا محلوظا وارتفاعات غير متوقعة منذ بداية تداولات شهر رمضان الكريم، بالتزامن مع الإعلان عن خطط حكومية تحفيزية وعمليات استحواذ وطروحات أولية جديدة، فضلا عن ارتفاعات أسعار النفط - العامل الأكثر تأثيرا، وتلاشي المخاوف من تصاعد الأجواء الجيوسياسية بسبب تطورات قضية السد الإثيوبي.
وبذلك أًصبح شهر رمضان 2021 شهرا مميزا ومختلفا عنه العام الماضي وعن الشهر ذاته من الأعوام العشرة الماضية، من حيث إقبال المستثمرين وخصوصا الأفراد على المخاطرة والمتاجرة بالأسهم رغم تقليل ساعات التداول.
وبحسب إحصائية لـ"معلومات مباشر"، فإن أسواق الخليج ومصر خلال الثلاثة عشرة جلسة من عمر تداولات شهر رمضان الجاري استطاعت أن ترتفع بقيادة البورصة السعودية والتي زاد مؤشرها العام 5.2 بالمئة وارتفع لمستويات لم يصل إليها منذ أكتوبر 2014 مع إعلان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خطط استكمال خطة التحول الاقتصادي 2030 وعدم فرض ضرائب وإجراء بعض الطروحات الحكومية الجديدة بالسوق المال.
كما صعد مؤشرا بورصتي دبي والبحرين بنسب 0.73 بالمئة للأولى و1.52 بالمئة للثانية، وارتفعت بورصة قطر بنسبة 3.9 بالمئة، وسط تراجع مؤشر سوق أبوظبي بنحو 0.73 بالمئة بضغط من المؤسسات التي غلب عليها خلال تلك الفترة عمليات جني أرباح.
واتفق الأداء المتباين لأسواق المنطقة ومصر في تلك الفترة مع أداء الأسواق العالمية حيث ارتفعت المؤشرات الرئيسية للأسهم الأمريكية بما يتجاوز 2 بالمئة تزامنا مع مرور مئة يوم من حكم الرئيس الجديد جو بايدن فيما فقدت مؤشرات الأسهم اليابانية نحو 1.6 بالمئة مع تصاعد المصابين بكورونا مجددا ببعض الدول الآسيوية وفي مقدمتها الهند.
غير مسبوقة
قال أيمن فودة، رئيس لجنة أسواق المال بالمجلس الاقتصادي الأفريقي، إنه على الرغم من استمرار تداعيات فيروس كورونا على الاقتصادات وخاصة الناشئة إلا أن غالبية أسواق المال بالشرق الأوسط تماسكت خلال تداولات شهر رمضان 2021.
وجاءت السوقين السعودية والمصرية على رأس تلك الأسواق، حيث ارتفعت مؤشراتهم بنسب غير مسبوقة مقارنة بنفس الفترة من الأعوام الماضية مع التوقعات بدخول المزيد من الاستثمارات الأجنبية لكلا السوقين مع استمرار التركيز الحكومى على سوق المال كقطاع مهم و حيوى من قطاعات الاقتصاد الكلى، بحسب فودة.
وعزا فودة هذا الأداء الإيجابي للسوقين إلى النشاط على الأسهم القائدة مع تمتع معظمها بأنباء إيجابية من توزيعات نقدية و أسهم مجانية و عروض استحواذات فى معظم قطاعات السوق بعد أن وصلت أسعار أسهمها لمستويات جاذبة للشراء، ما يسمح بتحقيق أرباح معتبرة.
ارتفاعات قوية
وبدوره، أكد محمد جاب الله، رئيس قطاع تنمية الأعمال والاستراتيجيات بشركة بايونيرز لتداول الأوراق المالية، لـ"معلومات مباشر"، إن من أميز ما حدث ببورصة مصر منذ بدء تداولات شهر رمضان والى الآن هي الارتفاعات القوية بمؤشر الأسهم الصغيرة وذلك بسبب الهبوط المدوى الذى سبق الشهر الكريم.
وأشار إلى أن السوق المصري يحتاج لالتقاط أنفاسه مرة أخرى وأن مستوى 10400 يعتبر مستوى مهم لاستمرار الأداء الحالي فيما يعتبر مستوى 10900 نقطة هو مؤشر للخروج من حالة الأداء العرضي وعنق الزجاجة كما يقولون.
ولفت جاب الله، إلى أنه من المهم للمحافظة على النشاط الذي شهده السوق ببعض أسهمه خلال الشهر الكريم أن تعود السيولة المؤسساتية بعد انتهاء الإجازات والتي ستستمر حتى يوم الاثنين المقبل.
انفتاح اقتصادي
من جانبها، توقعت حنان رمسيس، خبيرة سوق المال بشركة الحرية لتداول الأوراق المالية، أن تستكمل أسواق الخليج ارتفاعاتها في رمضان لوجود مستهدفات فنية للمؤشرات تزامنا مع تحقيق معدلات نمو اقتصادي خاصة بدولها، واستكمال برنامج الطروحات ولاستعدادها الي المزيد من الانفتاح الاقتصادي والمضي قدوما في تزايد حملات التطعيم من كورونا على أراضيها.
ورجحت رمسيس في تصريحات ، لـ"معلومات مباشر"، أن نشهد مزيدا من الارتفاعات القوية بعد إجازة عيد الفطر لأن فترة ما قبل العيد يسود عليها الهدوء العام وهو ما يكون أفضل وقت للكثير من متداولي البورصة لإغلاق مراكز المديونية والهوامش المرتفعة تجنبا لدفع فوائد عالية وآي أحداث إقليمية أو عالمية غير مواتية.
وذكر محمد راشد أستاذ الاقتصاد في جامعة بني سويف، أن "شهر رمضان حمل الخير معه لأسواق المال فى الخليج"، لا سيما السوق السعودى الذى يشهد قفزات ملموسة بعد التصريحات الأخيرة لولي العهد عن عدم وجود ضريبة علي الدخل فى المملكة وغيرها من الأخبار الإقتصادية السارة الأخرى والتي ستدفع مؤشره الرئيسي "تاسي" لاستكمال رحلة الصعود والانطلاق.
وأشار راشد، إلى أن توقعات بنك جولدن مان ساكس وصول سعر برميل النفط قريبا لنحو 80 دولار سيضفي مزيد من التفاؤل لدى المستثمرين وسينعكس علي زيادة السيولة بالسوق السعودى وربما تصل أسعار العديد من الأسهم لمستويات تاريخية.
بدورها، قالت أسماء أحمد، محللة الأسواق لدى شركة بيت المال للاستشارات، لـ"معلومات مباشر"، إنه عند الرجوع إلى الوراء نجد أن تداولات شهر رمضان بأسواق المنطقة عادة ما تتسم بالهدوء لكن رمضان هذا العام وذلك خصوصا بالسوق السعودي والذي وصل مؤشر لمستويات لم يصل إليها منذ نهاية عام 2014 مميز وساعده في ذلك عدة عوامل منها تصريحات الملك سلمان التي جاء في مجملها إيجابية معدلات النمو والبطالة مستقبلا وتحقيق بعض اهداف 2030 قبل حتي هذا العام أيضا الطروحات المستقبلية التي ينتظرها السوق وبالتالي جذب السيولة وكل هذا من المتوقع أن ينعكس علي البورصة بحكم انها مرآة الاقتصاد.
وتوقعت أن يستمر السوق السعودي في الارتفاع إلى 10865 لذلك ينصح بقطاعات البتروكيماويات والبنوك لأنها من تساعده على الوصول إلى هذه المستويات القياسية.
ومن جانبه، قال منتصر مدبولي، رئيس قسم التحليل الفنى بشركة أوفيد للاستشارات وإدارة المحافظ المالية، لـ"معلومات مباشر"، إن أداء الأسواق الخليجية وخصوصا السوق السعودي سجلت أداء إيجابيا حتى الآن في شهر رمضان وذلك على الرغم من أن قيم تعاملاته تتحرك حول مستويات 8 إلى 10 مليارات ريال وهو الحجم الأقل قليلا عن الأيام العادية التي وصل فيها حجم التداول قرب 15 مليار ريال.
انتقال سيولة
وبدورها، قالت دعاء زيدان، خبيرة أسواق المال بشركة تايكون لتداول الأوراق المالية، لـ"معلومات مباشر"، إن بورصات الخليج تميزت بارتفاعات جيدة من بداية شهر رمضان واستطاعت مؤشراتها الرئيسية تجاوز مستويات تؤكد صعود أغلبها.
وأشار إلى أن السوق المصري تميز باتجاة عرضي صاعد مع انتقال السيولة الانتقائية بين الاسهم والقطاعات وعودة الأجانب مرة أخري للشراء الانتقائي وسط الكشف عن نتائج أعمال وتوزيعات جيدة أما في صورة كوبونات أو اسهم مجانية، متوقعا استكمال ذلك الأداء إلى ما قبل نهاية الأسبوع الأخير من الشهر الكريم والذي يفضل الكثير في ذلك التوقيت تسييل بعض المراكز ومن ثم الاحتفاظ بجزء كبير من السيولة.
وبدوره، يرى محمد حسن، العضو المنتدب لدى بلوم مصر للاستثمارات المالية، أن أسواق الخليج ومصر تتميز خلال النصف الأول من الشهر الكريم 2021بالارتفاع الجماعى للمؤشرات بشكل هادئ، كما إنها تتميز بوصول الاسعار لمستويات مغرية ولاسيما بالبورصة المصرية.
وأضاف حسن لـ"معلومات مباشر"، أن هذا العام نقطة انطلاق لأعلى لذا على كل من يرغب فى الربح بشكل جيد عليه ان يبدأ فى تكوين مراكز شرائية من الان وانتقاء الاسهم القيادية صاحبة القوائم المالية القوية.
عودة الانتعاش
ومن جانبه، قال مينا رفيق، مدير البحوث بشركة المروة لتداول الأوراق المالية، إن تداولات شهر رمضان المبارك تتميز هذا العام عن الأعوام السابقة أنه جاء بالتزامن مع التعافى الاقتصادى بعد الجائحه وبعض الأخبار الإيجابية من عودة انتعاش حركة التجارة والتى أثرت على اسعار النفط.
وأوضح رفيق لـ"معلومات مباشر"، أنه من الأنباء الإيجابية التي تأثر بها السوق المصري ولاسيما أسهم القطاع السياحي هي ترتيب عودة السياحة الروسية حظرها منذ نحو 6 سنوات.
وأفاد حسام عيد، مدير الاستثمار بشركة إنترناشيونال لتداول الأوراق المالية، إن الأسواق المالية تمر بموجة تذبذب قوية وشهدنا أسواق الخليج تشهد ارتفاعا ملحوظا في الفترة الأخيرة وذلك بسبب الأنباء عن بيع حصة من عملاق النفط أرامكو للأجانب مما أدى إلى صعود للسوق السعودية وتحقيق مستويات مرتفعة، متوقعا أن تستمر حركة التذبذب للمؤشرات إلى انتهاء شهر رمضان نظراً لطبيعة هدوء وانخفاض التداول بالأسواق المالية العربية خلال الشهر الكريم.
بدوره، توقع إيهاب يعقوب مدير شركة جارانتى للتداول، لـ"معلومات مباشر"، استمرار الاداء الجيد بأسواق الخليج إلى ما بعد شهر رمضان وزيادة السيوله بالاسواق وخاصة بعد الإبقاء عالميا على سعر الفائده المنخفض، مرجحا اداء جيد للأسهم المرتبطة بقطاع السياحة المصري مع الاعلان عن موعد عودة السياحة الروسية بعد توقف دام سنوات، إضافة لأداء إيجابي أيضا لأسهم قطاع العقاري ومواد البناء المقيدة بالبورصة المصرية بعد السماح بعودة البناء.
ويرى تامر السعيد خبير أسواق المال والمدير لدى سي آي كابيتال للسمسرة في الأوراق المالية، لـ"معلومات مباشر"، إن المزايا التي شهدنها بشهر رمضان هذا العام هي انتقال الأموال الساخنة ولاسيما بالبورصة المصرية وذلك من قطاع إلي قطاع او من سهم إلي آخر لتحقيق نسب ربحية جيدة، ناصحا بمتابعة الاسهم المنخفضة القيمة والتي شهدت انخفاضات حادة في اسعارها خلال فترة قصيرة، والبعد عن الأسهم التي ارتفعت اسعارها بشكل حاد في الآونة الأخيرة.
مباشر (اقتصاد)