أخبار عاجلة

نحلم بلحظة إقلاع الطائرة إلى بلادنا

نحلم بلحظة إقلاع الطائرة إلى بلادنا نحلم بلحظة إقلاع الطائرة إلى بلادنا
في احدى حدائق جدة الواقعة أمام مقر السفارة الفلبينية ثمة خيام من الكرتون والقماش اتخذها بعض الفلبينيين للسكنى منذ اربعة أشهر ونصف الشهر في انتظار العودة إلى بلدهم. «عكاظ» زارت موقع الفلبينيين وتعرفت على سيناريوهات حياتهم اليومية فأجمعوا انهم في انتظار لحظة اقلاع الطائرة التي تقلهم إلى بلادهم، وموضحين في نفس الوقت أن المواطنين السعوديين يعطفون عليهم ويمنحنهم ما تجود به أنفسهم من مأكل ومشرب وملبس. وفي هذا السياق أوضح محمود الفلبيني بأن وضعهم لا يسر، ولكنهم أفضل من بداية الأزمة، منذ أربعة أشهر ونصف، لأن المشكلة كانت في بدايتها، واضطرارهم للنوم خارج أسوار المنازل أمرا جديدا، وكان بالقرب من القنصلية الفلبينية في حي الرحاب جنوب شارع التحلية، نستخدم الخيام الخفيفة التي تقينا الشمس، وننام فيها مع أطفالنا، ولا نعلم كيف نأكل أو نشرب ونغسل ملابسنا ونمارس اللهو مع صغارنا، فالأمر في غاية الألم.وأضاف محمود «بعد مرور أسبوع بدأنا نستسلم للأمر الواقع ونتأقلم مع الوضع الحالي، فتعلمنا كيف نصنع مسكنا لنا، واكتشفنا المكان حين تجولنا، المطاعم، المساجد، الكافتيريات حتى أننا نعلم جيران القنصلية حسنهم وقبيحه من يتعامل معنا بإنسانية ومن لا يتعامل معنا من الأساس، وفي تلك الفترة، جاء إلى الموقع الذي نقطن فيه أشخاص كثيرون، بعضهم صحفيون ومصورون، وآخرون يتناقشون معنا ما إذا كنا نرغب العمل معهم، والبعض الآخر لغرض إنساني، يوزعون علينا الأطعمة والمشروبات والعصيرات ومستلزمات النساء والأطفال الخاصة، وبعضهم يوزع علينا أموالا».وأضاف محمود بأن شهر رمضان المبارك توافد عليهم العديد من الأشخاص بغرض منحهم الصدقات والأطعمة عند صلاة العصر من أجل الإفطار، وبعضهم اشترى لهم كسوة عيد الفطر المبارك، موضحا أن الشعب السعودي كريم ومعطاء ويحب الخير، ولقد تعاطف معنا الجميع ولم نواجه مشاكل مع أحد أو تذمرا من الأهالي، بل على العكس الجميع يتعاطف معنا بالرغم من أننا مخالفون لنظام الإقامة والعمل إلا أن الجميع يريد أن تمضي فترة انتهاء أوراقنا على خير ونسافر بسلام.سام الفلبيني أفاد بأن الأكل يأتي إليهم بشكل يومي، ولا يعلمون من أين، وأضاف «بصراحة الشعب السعودي يرغب في الأجر من الله تعالى ولذلك يأتي إلينا بأطعمة ومشروبات وحتى حلويات للأطفال وملابس، وهناك من أحضر لنا فرشا للنوم وسجادات للصلاة، وألحفة تحمينا من الحشرات في المساء عند خلودنا للنوم».وأفاد سام بأن «شهر رمضان المبارك كان ساخنا جدا، ولذلك اقترح علينا بعض كبار السن الفلبينيين الانتقال لموقع آخر داخل الحي حديقة الحي، وفعلا تحدثنا مع المسؤولين عن الحديقة وطلبنا منهم السماح لنا بالسكن فيها واستغلال المساحة الجميلة التي تحتوي على أشجار تقينا حرارة الشمس، ولم يمانع أحد، وبدأنا في شهر رمضان الماضي بالانتقال إلى الموقع، وتشييده بالكراتين والأخشاب، وفعلا المساحة واسعة أفضل من موقعنا القديم بجوار القنصلية، تعاونا نحن الفلبينيين وشيدنا الموقع وانتهينا في وقت قياسي، وساعدنا بعض الجيران والعمال من غير الجنسية الفلبينية، وتبرع لنا الجيران بفرشات وسجادات ومراوح لتوزيع الهواء وفرش النوم وألحفة، وحتى أدوات الطبخ وغيرها».وأفاد سام بأن لهم في الموقع الحالي شهرا، وبالرغم من أن الموقع أفضل من ذي قبل إلا أن المعاناة لم تنته، ورغبتهم في السفر كبيرة، وأضاف «توجهنا إلى مسجد الحي مسجد السوادي، وتحدثنا مع إمام المسجد وشرحنا له وضعنا الحالي نفسيا واجتماعيا وماديا، وطلبنا منه السماح لنا باستخدام المسجد للاستحمام نحن وأطفالنا وتعبئة القوارير الكبيرة بالمياه، حتى تستطيع نساؤنا الاستحمام منها وأطفالنا وغسل ملابسنا، وبصراحة كنا نتوقع الرفض المباشر، إلا أن ما حدث فاجأنا جميعا، حبث أبدى موافقة نهائية بل وقام بتسهيل الأمور لنا والسماح بعدم إقفال باب دورة مياه المسجد في أوقاتها المحددة، بل أصبح لنا وقت اضافي في كل يوم».من ناحيته أوضح ديلوار الفلبيني أنهم يقومون في الصباح الباكر بتنظيف الموقع الذي يسكنون فيه من أوراق الأشجار المتساقطة ليلا، ورمي المخلفات في الحاويات المجاورة التي وفرتها بلدية الحي لهم، وأفاد بأن عمال النظافة يحضرون باكرا لأخذ النفايات من الموقع، وأضاف «نمارس حياتنا بشكل طبيعي رغم التعب والارهاق، فللأسف الشديد نظل لا نستطيع ممارسة حياتنا الطبيعية وإن كان الموقع ملائما إلا أننا نشعر بالاختناق، بسبب النوم في أماكن ضيقة وعلى الأرض وبلا مكيفات هواء، وكذلك نعاني في الأكل، فلا نستطيع شراء ما نرغب، ونقوم بطهي الطعام في مواقعنا وغالبا ما يكون الأرز والمكرونة والاندومي هي وجبتنا الأساسية من غير دجاج أو لحم أو سمك».وأفاد بأن بعض الجيران يأتي في فترة العصرية ليحتسي الشاي معنا، ونتبادل أطراف الحديث ويتسامرون معنا، ويلعب أطفالهم مع أطفالنا، ونلعب كرة القدم مع بعض الجيران، فهم لا يريدون أن نشعر بالأسى والحزن ولذلك أحببنا الشعب السعودي الحميم الذي يعتبروننا إخوة لهم»، وأضاف بأن «بعض الجيران يقترح علينا المجيء لمنزله في حال رغبنا الاستحمام نحن وأطفالنا، إلا أن الخجل يمنعنا من الذهاب لمنازلهم لأن الأمر ليس يوما أو يومين، بل لفترة طويلة لا نعلم إلى متى تستمر، فحتى الآن تجاوزنا أربعة أشهر ولم تنته معاناتنا».وأضاف ديلوار بأن لدى الفلبينيين مهارات كثيرة كالحلاقة والخياطة، ولذلك يطلبنا بعض الأهالي من مختلف أنحاء جدة لتأدية مهمة له، فنذهب إلى منازلهم ونقوم بغسل مركباتهم أو مسح الجدران أو حتى الحلاقة والخياطة، فيمنحوننا مقابل ذلك مبلغا كبيرا نعلم أنهم منحونا إياه بناء على عاطفة كبيرة يحملونها في قلوبهم».وأفاد عدد من الفلبينيين القاطنين في الموقع بأنهم وبالرغم من رغبتهم الشديدة في السفر وإنهاء المعاناة التي يشعرون بها طيلة الفترة السابقة إلا أن الألم يعتصر قلوبهم لفراق السعوديين والجيران الطيبين الذين ارتبطت بهم علاقة حميمة وصداقة قوية طيلة الفترة السابقة.لمسات إنسانية«الأسر في الحديقة عقدت صداقات مع الجيران، والأطفال قاموا بالتقاط الصور التذكارية مع جيرانهم الأطفال، ونحن كذلك، حتى في عيد الفطر المبارك الماضي قام بعض الجيران بحملنا وأطفالنا إلى مدينة الألعاب والحدائق المنتشرة في جدة من أجل الاستمتاع بالعيد، ولذلك نشعر بالحزن ونحن نفارق أصدقاءنا الجيران، ولكنهم وعدونا بزيارة لمانيلا الفلبين بعد مغادرتنا هم وعائلاتهم كي نرد لهم الدين ونساندهم حتى يشعروا بالسعادة كما أسعدونا في ديارهم ووقفوا معنا في محنتنا».

جي بي سي نيوز