مصراوي Masrawy
11:38 م الأحد 21 فبراير 2021
كتب - محمد عطايا:
قبل 8 أعوام تقريبا، أقدمت جماعة بوكو حرام المصنفة إرهابية في نيجيريا، على القيام بعملية خطف أثارت جدلا عالميا، خاصة بعدما هاجمت سكن طالبات نيجيريات، وأخفهن في أعماق الغابة لمدة 3 سنوات.
منذ الإعلان عن اختطاف عشرات الفتيات النيجيريات في أبريل 2014 على يد جماعة بوكو حرام، وحتى لحظة تحريرهن، سطرت تلك الفتيات، وفقا لصحيفة "الجارديان"، قصة شجاعة غير عادية، بعدما نجح أغلبهن في الهروب من أسر استمر 3 سنوات.
وقالت الجارديان، إن مقاومة الفتيات للأسر بدأ بعد ثلاثة أشهر من قيام المسلحين بأخذ الفتيات من سكنهن المدرسي وإخفائهن في أعماق الغابة.
نالت قصة الفتيات المختطفات اهتماما عالميا كبيرا، ودشنت ميشيل أوباما زوجة الرئيس الأسبق باراك أوباما، وعدد من قادة المجتمع في الولايات المتحدة ورجال الدين والسياسة وسم "أعيدوا فتياتنا" على مواقع التواصل الاجتماعي، في محاولة للضغط على حكومات العالم لتحرير تلك الفتيات.
وكشفت "الجارديان"، أن كتابا من المقرر نشره في أوائل الشهر المقبل، سيكشف حقيقة ما حدث لأكثر من 200 فتاة في مدرسة في شيبوك النيجيرية، بعدما تم اختطافهن على يد بوكو حرام، واحتجازهن لـ3 سنوات كرهائن، في واحدة من أكثر عمليات الاختطاف الجماعي شهرة في العقد الأخير.
قال مؤلف مشارك في الكتاب المرتقب "أعيدوا فتياتنا"، جو باركنسون "أردنا أن نحكي قصة نجاة هذه الفتيات، ولكن أيضًا قصة لماذا استغرق الأمر وقتًا طويلاً لتحريرهن على الرغم من، حملة وسائل التواصل الاجتماعي".
وأوضحت الجارديان، أن الكتاب المرتقب، تم إعداده بناء على مئات المقابلات مع الطلاب وأفراد الأسرة والمقاتلين السابقين والمسؤولين والجواسيس وغيرهم من المتورطين في محنتهم.
نعومي أدامو
أصبحت نعومي أدامو -ربما- أيقونة للشجاعة والمقاومة، بعدما تمكنت من قيادة الفتيات الأسيرات إلى التحرر بعد 3 أعوام في الأسر.
بدأت أدامو، تحدي جماعة بوكو حرام، عندما طلب منها المتطرفون، استبدال زيها المدرسي بملابس سوداء تغطي جسدها بالكامل.
رفضت الفتاة النيجيرية البالغة من العمر 24 عامًا، طلب عناصر بوكو حرام، واحتفظت بفستانها الأزرق، ما أدى إلى تعرضها للضرب وما هو أسوأ، وذلك وفقا للجارديان.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن أدامو بدأت تدوين سيرتها الذاتية في دفترة ملاحظاتها التي أحضرته معها وتمكنت من إخفاءه عن أعين الخاطفين.
تعرضت أدامو لمضايقات شتى من عناصر بوكو حرام، حتى أنهم أخبروها بأنها ستقتل إذا رفضت اعتناق الإسلام، والزواج من أحد المقاتلين وإنجاب أطفال منه.
ورغم تهديدها بالقتل، إلا أن أدامو، رفضت بكل قوة، ما عرضها لضرب مبرح على يد الخاطفين، ولكن لم ينفذ عناصر بوكو حرام تهديدهم بقتلها.
ورغم أنه لم يحكم عليها وآخريات بالقتل أو يتعرضن للاعتداء الجنسي، إلا أنه تم إجبارهن على العمل الشاق كعبيد.
بعد مرور نحو عام ونصف على اختطاف الفتيات النيجيريات، بدأت قبضة بوكو حرام عليهم تضعف، ما جعل أدامو وصديقاتها المقربات تفقدن الخوف من المتطرفين.
بدأت الفتيات المخطتفات بمقاومة عناصر بوكو حرام، وعصيان أوامرهم.
وقالت أدامو، حسبما كتبت في مذكراتها ونقلت عنها "الجارديان": "أصبحت قائدة فتياتنا لأنني كنت الأكبر بينهم وكنت الأكثر عنادًا. أرادت جماعة بوكو حرام أن تحولني إلى عبرة لأنهم علموا أن الفتيات الأخريات يستمعن إلي، ما عرضني للضرب والتهديد بالقتل في أكثر من مناسبة، لكنني أخبرتهم أنه لو اجتمعت السماء والأرض لن أتزوج".
"كبيرة الكفار"
نتيجة عصيانها المستمر لأوامرهم، وتحديها لهم، أطلقت جماعة بوكو حرام على أدامو لقب "كبيرة الكفار". وقالت أدامو إنه "في مرحلة معينة رأينا الكثير من الجثث، لم نعد نخشى الموت".
عندما حاولت بوكو حرام تجويع الآخرين وإجبارهم على الطاعة، ساعدت أدامو في تنظيم إمدادات سرية من الأرز لتغذية الفتيات الأخريات اللائي أصبحن يقودن ما يمكن اعتباره "مقاومة".
وقالت الجارديان، إن "خطة أدامو نجحت بالفعل، وبدأت العديد من الفتيات في ترك الإسلام مرة أخرى، بعدما أكدوا أنهم اعتنقوه بدافع الخوف".
بدأ تحرك دولي قوي بالسلاح والأموال لتحرير الفتيات، وأدت غارة جوية فاشلة على مقر لبوكو حرام إلى مقتل 10 من الفتيات وإصابة 30 أو أكثر، وتشوه بعض الفتيات مدى الحياة.
لكن أدامو ظلت متمسكة بالمقاومة: "كنت قوية جزئيا لأنني كنت غاضبة.. وكنت غاضبة عندما اعتنقت 30 فتاة الإسلام وتزوجت.. وشعرت أن بعض الفتيات لم يقاتلن بما يكفي".
برز فريق صغير من المتطوعين النيجيريين بقيادة دبلوماسي من قسم غير معروف في وزارة الخارجية السويسرية، في العمل على على صفقة لتحرير الطلاب.
في أكتوبر 2016، تم إطلاق سراح الدفعة الأولى المكونة من 21 طالبة مقابل حفنة من كبار مقاتلي بوكو حرام، ثم، بعد سبعة أشهر، تم إطلاق سراح 82 آخرين، لكن ما لا يقل عن 40 ماتوا في الغابة، فضلا عن أن بعض الطالبات لا تزال في الغابة مختطفة.
بعد تحرير أدامو، لا تزال تعيش في شمال نيجريا ولديها طموح في أن تكون عائلتها الخاصة وتؤسس لعملها المستقل، ولكنها ما زالت غير آمنة، وذلك وفقا للجارديان.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، أنه منذ اختطاف طلاب شيبوك، اختطفت بوكو حرام أكثر من 10000 فتى كمقاتلين أطفال بالإضافة إلى عدد مماثل من الفتيات والنساء، الذين استُغلوا لتقديم طلبات فدية لأسرهم أو أجبروا على الزواج.