كم عدد الأقنعة التي ترتديها خلال اليوم؟ وهل تعتقد أنك بحاجة لارتداء قناع؟ بظني إننا بحاجة لطرح مثل هذه الأسئلة على أنفسنا باستمرار؛ لسبب بسيط، هو الاقتراب من معرفة أنفسنا! إذ يقطع المرء شوطًا كبيرًا في حياته، وقد يموت خلال تلك الرحلة، وهو لم يتمكن من فهم نفسه، أو دوافعه، أو ما يقف خلف تصرفاته ومواقفه.
ومن المعيب أن يتجاوز المرء مرحلة المراهقة، ويقطع شبابه منتقلاً إلى مرحلة الكهولة، وهو لم يستطع أن يدرك ذاته أو جزءًا منها.
إدراك الذات يمنحنا المعرفة التامة بالأوقات التي يلزمنا فيها أن نرتدي أقنعة؛ فالأقنعة جزء مهم للتعاطي مع الحياة بشكل عام، ويحتاج المرء إليها ليتمكن من تجاوز الكثير من المواقف والأحداث، لكن سوء الاستخدام هو ما أفسد قيمتها الحقيقية، وأكسبها سمعة سيئة.
فإدراكنا لأنفسنا وللأوقات التي نحتاج فيها إلى أن نكون أشخاصًا نمرر الأحداث والمواقف جزءٌ من إدراكنا لأهمية الأقنعة في حياتنا؛ إذ إنها تشكِّل جزءًا من الشخصيات التي نتعامل بها بحسب المواقف التي نتعرض لها، ونضطر من خلالها لنكون أشخاصًا آخرين، أو نتصرف بطريقة لم نعهدها، أو طريقة تسهم في التصدي للأخطار، أو تنجينا من المهالك ومما نخاف..
الخطأ الحاصل في تعاملنا مع الأقنعة أننا نظن أن القيمة فيها لذاتها، وأنها أداة يتم استخدامها للخداع وللتزييف والكذب، بينما العكس؛ فالأقنعة تكتسب قيمتها من المواقف، ومن الحاجة لها؛ فهي تمثل عاملاً مساعدًا للعيش بشكل جيد متى ما أُحسن استخدامها؛ فهي لا تختلف عن الأدوية التي نتناولها لنبدو أفضل، التي نستخدمها للتخلص من بعض الآلام.
فبعض الأقنعة ضرورة من أجل تجاوز مرحلة، أو لإنجاز عمل ما.. ففي رأيي إن كل قناع لا يضر مسموحٌ باستخدامه.مها الجبر